تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اعتداءات أورلاندو ستتكرر إن لم نجفف منابع الإرهاب

الاندبندنت
متابعات سياسية
الثلاثاء 21-6-2016
ترجمة: ليندا سكوتي

بغض النظر عن مدى تورط تنظيم داعش في الجريمة التي ارتكبها عمر متين في أورلاندو،نتساءل عما سيتحقق لهذا التنظيم من مزايا في ضوء كونه قد دأب على ارتكاب الفظائع والأعمال الوحشية التي لم يتورع عن نشرها الأمر الذي يحقق له ما يصبو من بث الذعر والخوف وإظهار قوته وتحديه.

ثمة مؤشرات تؤكد بأن داعش هي السبب الرئيس في تحريض متين على تنفيذ عملية الهجوم، لكن ليس ثمة دليل على وجود دور لها في التخطيط والإعداد كما هو الأمر في عمليات القتل التي جرت في بروكسل وباريس. وقد ذكر راديو البيان الناطق باسم داعش بأن «الله قد أمر عمر متين، أحد جنود دولة الخلافة في أميركا، بتنفيذ الهجوم عبر الدخول إلى هذا الملهى الليلي في أورلاندو، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 100 من مرتاديه.» ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي أن متين أجرى مكالمة قبل قيامه بعملية إطلاق النار معلنا ولاءه لداعش.‏

تولي وسائل الإعلام الغربية اهتماما خاصا بداعش ما يفضي إلى تغذية المخاوف من مؤامرة تعدها(داعش) التي أصبحت تثيرالهواجس والرعب في كل بيت في أميركا وأوروبا، فهذا الهجوم كان مفاجئا ومخيفا لأنه الهجوم الإرهابي الأسوأ في الولايات المتحدة منذ أحداث 11 أيلول، لكن يجدر أن نأخذ بحسباننا أن الإصابات في أورلاندو أقل من الـ 200 قتيل الذين لقوا حتفهم في الشهر الماضي على يد انتحاريين داعشيين في بغداد وأطرافها على مدى أربعة أيام، وأقل من الـ 150 مدنيا الذي قتلوا في طرطوس وجبلة بتاريخ 23 أيار.‏

قلما تعطي وسائل الإعلام الغربية اهتماما للمجازر التي تجري في الشرق الاوسط إذ تنهج إلى التضخيم أو التعتيم على تصرفات داعشبالاعتمادعلى وجود أعداد من القتلىالأميركيين أو الأوروبيين. وهذا يعطي صورة مشوهة عن درجة الخطر التي تمثلها داعش والتي من المؤكد بأنها اتخذت مسارها نحو الزوال في الحين الذي يبالغ به أخرون بتغطية تصرفاتها على مدار الساعة لتبدو وكأنها تمثل تهديدا لوجودنا ذاته.‏

من المؤكد بأن داعش قد استفادت من تلك المبالغات وأبرز دليل على ذلك التغريدة التي كتبها دونالد ترامب حول عملية القتل في أورلاندو متسائلا «إن كان الرئيس أوباما سينطق أخيرا بعبارة»الإرهاب الإسلامي المتطرف»؟ وطلب إليه تقديم استقالته إن لم يفعل ذلك،وهذا هو النوع من الردود الهستيرية والمثيرة للانقسام الذي ترغب داعش ببثه، لذلك لاقى ترامب تأنيبا على هذا التعليق. وهنا نستذكر بأن ديفيد كاميرون قد اتخذ الكثير من الاجراءات أيضا في شهر كانون الأول الماضي قبل تصويت مجلس النواب بشأن تمديد الضربات الجوية البريطانية على سورية.‏

إن الكثير من الحركات السلفية الجهادية على غرار داعش والنصرة لديهم الاعتقاد بأن المثليين جنسيا والنساء وبعض الفئات الدينية الأخرى تتناقض مع الفكر الوهابي الذي تعتنقه السعودية والتي تعاقب المثليين وتحكم عليهم بالموت والجلد والسجن. ومن المثال على ذلك أنه في عام 2014 حكم على رجل بالسجن ثلاث سنوات و450 جلدة نتيجة استخدام توتير لترتيب مواعيد مع رجال آخرين.‏

تقترب المعتقدات الوهابية من الفكر السلفي الجهادي وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية تزايد النفوذ الوهابي في المجتمع الإسلامي، حيث بات ينظر إلى بعض المسلمين باعتبارهم زنادقة وخارج الإسلام وذلك بدعم من الثروة النفطية الهائلة التي تقدمها المملكة العربية السعودية ودول الخليج الذين دربوا البعض على الوعظ في المساجد المتطرفة، وعلى الرغم من أن تلك الدول قد لا تدعم الهجمات الإرهابية لكن معتقداتهم توفر تربة خصبة لأولئك الذين يرتكبون تلك الأفعال.‏

نتطرق هنا للأسباب التي أدت إلى فشل القادة الأوروبيين في كل من أميركا وفرنسا وبريطانيا بشكل تام في تحقيق الفوز في «الحرب على الإرهاب» التي يفترض بأنهم يخوضونها على نطاق واسع منذ أحداث 11 ايلول.ونذكر في هذا المقام أنه إبان أحداث عام 2001 كان لدى القاعدة حوالي مئات من المقاتلين في معسكرات تقع في افغانستان وباكستان، بينما في الوقت الراهن فإن ميليشياتهاتسيطر على مساحات شاسعة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وقد تم ذلك لأن الدول الأوروبية والأميركية لا ترغب بالاعتراف بوجود صلات وارتباطات بين الإرهاب وحلفائه مثل السعودية وممالك الخليج وتركيا وباكستان.‏

كتب فابريسبلانتش من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»:إن الجهاديين الذين نفذوا هجمات باريس وبروكسل بتاريخ 22 آذار عام 2016، قد استقوا الفكر السلفي من الدروس التي تلقوها في المساجد التي تمولها السعودية فضلا عن تمويل غير مباشر من قبل جهات مانحة خاصة في الخليج وتترافق مع صمت ومباركة من تركياذلك البلد الذي يعتبر معبرا إلى أوروبا.‏

ثمة واقع يؤكد مدى تشبث الأجهزة الأمنية الغربية بالتحالف مع المملكة العربية السعودية ومن مؤشراته ما حدث مؤخرا عندما نفى مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان تورط الحكومة السعودية و كبار المسؤولين السعوديين في اعتداءات 11 أيلول، ذلك الأمر الذي نفته السعودية مرارا وتكراراً.‏

ربما يكون الارتباط بين عمر متين وداعش محدوداً، لكننا نعتقد بأن مثل تلك الهجمات ستكرر طيلة وجود هذا التنظيم. وكما هو الحال بالنسبة لاعتداءات 11 أيلول نجد الدول الغربية ترفض مواجهة حلفائها في الشرق الأوسط الذين خلقت إيديولوجية تمويلهم ظروفا ملائمة أفضت إلى ازدهار الإرهاب. وإلى الحين الذي يواجه به الغرب تلك الدول فإن أمثال حادثة أورلاندو لن تكون الأخيرة بل ستتكرر في سلسلة من الهجمات أكثر فظاعة ووحشية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية