تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كابوس

ساخرة
الخميس 19-1-2012
أكرم الكسيح

في أيام البرد مثل التي نعيشها الآن حتى الأفكار تتقوقع داخل حجرتها في الذاكرة ولا تنساب على سطح المخ, إلا إذا زادت حرارة الكلمات وسيلت روابط الجمل لتحمل

عقدة هنا وفككت أخرى هناك, ولذلك هي بحاجة لحل عقد كثيرة, وتفكيك مشكلات كثيرة، وأفكاري لمعلومكم من النوع المعند والصعب، كما فيروس الكريب الشتائي فلا تنفع معها أغلب المضادات الحيوية وشتى أنواع الحمضيات والزهورات.‏

لهذا حاولت أن أقنع نفسي بأن كلام بعض المسؤولين عن قرب حل أزمة الغاز والمازوت سيجد طريقه إلى الواقع العملي في القريب العاجل، لعل وعسى تهبط فكرة من عليائها على مبدأ الترغيب لكن دون جدوى فهي تغط في سبات عميق تحت لحاف الكسل الدافئ, فقلبت الموجهة وانتقلت إلى موضوع الأسعار وارتفاعها الجنوني, وباعتقادي أن الكل مشترك في دفشها إلى الأعلى, وبدأت باستعراض عضلاتي الذهنية في الاقناع بأن الجميع سيعمل على شدها بحبل الأمل والاصرار على استقرارها على ما هي عليه وهو أضعف الايمان, لعل وعسى أن تغار أفكاري العنيدة وتقتنع بالنزول والهبوط من عليائها والنهوض من سباتها, لكن لاحياة لمن تنادي فأفكاري لاتغار من أحد، وباءت محاولاتي بالإخفاق الذريع، وضاقت بي الحيلة واستسلمت لواقعي وقمت باندساس في السرير محاولاً تحميه أفكاري ومخيلاتي من خلال الاستسلام للحلم, فعالم الأحلام، كما تعلمون يبقى أفضل من الواقع الذي يعج بالمشكلات والمتناقضات، لكن حدث خطأ حتى في موضوع النوم فبدل أن أفتح باب الأحلام سقطت في مستنقع الكوابيس, وإليكم ماحصل فقد شاهدت أفكاري راقدة في العناية المركزة وهي تلهث وراء سراب لاقرار له, ورأيت مؤشر الأسعار يصعد بسرعة جنونية مترافقاً مع موسيقا تصويرية أعدها بعض التجار الجشعين, وغياب المحاسبة من قبل الجهات المعنية, وصراخ الصمت من قبل المستهلكين، وغابت رائحة المازوت والغاز عن طوابير المنتظرين والظلام يلف المكان, بعد أن زادت ساعات التقنين وعلى ما يبدو أن نظرية التقنين أصبحت معكوسة, فطبق التقنين على ساعات الحضور للكهرباء لاانقطاعها, فقررت الخروج وأخذت أصارع الأغطية التي وفرت لي الدفء رغم الخوف من البرد وجاءني صوت أغنية من بعيد لأغنية أحبها لفيروز وفرقتها, لكن لافيروز هي التي تغني ولاالكلمات هي نفسها التي أحببتها, حتى اللحن مختلف ونظرت من حولي, وإذ بأولادي هم الذين يصدرون هذه الأصوات والكلمات بدل أن تكون:‏

إجت وردة, أصبحت إجت الكهربا, وما إن خرجت من الغرفة حتى اكتملت الأغنية بترك السهرة وبيمشي حيث انقطعت الكهرباء ثانية, وغادرت من جديد لكنني لم أعد إلى النوم وقررت الصمود حتى تأتي ثانية وتصبح السهرة سهرة الحب على قول فيروز.‏

بعد الأخير‏

جارتنا في القرية كانت تربي دجاجاً ومرة مرض صوص صغير، الأمراض لم تفارقه منذ تفقيسه من البيضة فقررت جارتنا أن تنذر عنه فروجاً إذا تعافى هذا الصوص الموقر!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية