تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمم

البقعة الساخنة
الأحد 1-4-2012
ديب علي حسن

عقد العرب قمتهم في بغداد ومن قبلها مايزيد على عشرين قمة عربية توزعت بين العواصم العربية في مشرق الوطن ومغربه.. ولكنها لم تثمر أبداً، لم تزرع أصلاً لتثمر، وكثيراً ماكنا نقول: انعقاد القمة إنجاز، أن يجتمع العرب في مكان واحد، تحت سقف واحد فهذا إنجاز..

لكنهم الآن يجتمعون على ضعف هذا الاجتماع والأسباب الكامنة وراءه، مال ونفط، وأوامر خارجية افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا، مع كل هذا وذاك وعلى الرغم من أن الحدث عابرٌ لأن فاعليته عابرة، يحق لنا أن نقارن بين قمة الأعراب في بغداد وما آلت إليه من نتائج وقمة دول بريكس التي خطت توجهاً عالمياً ورست معالم توازن جديد يولد في عالم يمور بالصراعات والأحداث وفقد توازنه، بل اختل إلى درجة ظن الكثيرون أنه قد صار قطباً واحداً لافكاك من الوقوع في براثن مخططاته.‏

بين القمتين، العربية وقمة بريكس، ثمة موضوع مشترك لكن الرؤى مختلفة بالتأكيد، الموضوع السوري وما في طياته..‏

العرب الذين هرولوا إلى مجلس الأمن حاملين قراراتهم وأوراق اعتماد واستقدام التدخل الأجنبي مازالوا عند هذه الهرولة، تبطئ حيناً، تنكفئ أحياناً، تزداد هي بين مدّ وجزر حسب مايؤمرون ويطلب منهم لم يستطيعوا أن يغادروا هذه النقطة أبداً على الرغم من كل الوقائع والدلائل والمعطيات التي يرونها- ولكنهم مصابون بالعمى-.‏

ومع ذلك مازالت آمالهم معقودة على استحضار التدخل الخارجي بطرق أكثر فظاظة مما نراه من دعم وتسليح للعصابات الإرهابية، وتسخير إعلامهم بكل صفوفه وألوانه ليكون في خدمة من يزرعون الموت والدمار..‏

قمة عربية في بغداد لم ترَ أبداً مأساة شعب البحرين ولامايجري في السعودية، ولم تسمع بالأقصى، ولابيوم الأرض، بل أكاد أجزم أن البعض من الحضور لايعرف من بنى الأقصى وما مكانته عند العرب مسيحيين ومسلمين.. لكنهم يرددون كالببغاءات مايطلبه السيد الأميركي.. فقط أساتذة في توزيع النصائح.. وعلى الطرف الآخر كان الحضور السوري، للشعب الذي أسقط قطباً عالمياً متوحشاً، أسقط حرباً كونية تُشن عليه، صحيح أن المتغيرات والتحولات لاتبدأ بين ليلة وضحاها، لكن الصحيح أن سورية بشعبها وجيشها وقيادتها، وقدرتها على الصمود والمقاومة عجلت من هذه المتغيرات، وسرّعت بولادة عام متعدد الأقطاب قمة «بريكس» بما يطمح قادتها إلى تحقيقه تحول عالمي حقيقي، تقف حدود نتائجه عند مجموعة دول، بل تتعداه إلى العالم كله، والأهم في هذا التحول هو أن أوراق التوت التي غطت الكثيرين قد سقطت، وبعثت مفاهيم جديدة غابت لحين من الزمن، بل عادت تعيدنا إلى زمن الاحتلال المباشر بألوان وأشكال مختلفة، لكنها اليوم تحت مجهر البحث الدقيق وما بين قمتين واحدة تعيد صياغة العالم، وأخرى تعلن موت العرب بيد الأعراب يمكن القول: قمة عن قمة تختلف وفخرنا أننا في سورية نشارك في ولادة عالم جديد.‏

d.hasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية