|
هيرالد تريبيون بشكل لم يسبق له مثيل. تلك كانت احدى ذرائع ابرز مرشحي هذا الحزب « ميت روميني» في انتخابات الرئاسة الأميركية خلال اتهامه اوباما بإضاعة الوقت سدى في التعامل مع الملف الايراني خلال فرضه عقوبات عرجاء على تلك الدولة ثم انقلابه على سياسته تلك وتحوله نحو ايجاد حلول اخرى . هذا بينما يرى : ريك سانتوريوم « وهو مرشح ثانٍ عن الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية ان السياسة التي انتهجها اوباما في معالجة الملف النووي الايراني كان مصيرها الفشل هذا بالإضافة الى إلقائه تبعية الولايات المتحدة على صعيد استيراد الغاز والنفط من الشرق الاوسط ما ادى الى ارتفاع اسعار هاتين المادتين مؤخراً الأميركي، تهم توجهها الحركة الراديكالية البيئية للإدارة الأميركية الحالية وتحول سياسة واشنطن تلك دون اعتماد الولايات المتحدة على نفسها في انتاج الطاقة . وبينما تظهر الخلافات بين الجمهوريين وبين ادارة البيت الابيض على صعيد سياسة الطاقة منطقية يبدو الامر خلاف ذلك بالنسبة لمرشحي الحزب الجمهوري الذين يتجاهلون انعكاسات قطع العلاقات التجارية مع ايران وفرض عقوبات جديدة على تلك الدولة النفطية سيؤدي الى رفع اسعار الطاقة بنوعيها الغاز والنفط معاً نتيجة نقص امداداتها في الاسواق العالمية فاحتياطي انتاج الطاقة في المملكة السعودية على سبيل المثال لايكفي ليحل محل مبيعات ايران من النفط البالغة 2,2 مليون برميل يومياً دون ان تحدث تلك الخطوة ارتفاعاً جزرياً في اسعار النفط. فقد وضع خصوم اوباما من اعضاء الحزب الجمهوري هذا الرئيس في مأزق فهجومهم على سياستيه الآنفتي الذكر ربما ينطوي على مكر تكتيكي يخدم تلك المرحلة في انتخابات الرئاسة الأميركية لكنها ليست سياسة ذكية بالمطلق. فبمجرد ان يعمد اوباما على فرض عقوبات على صادرات ايران النفطية تسقط رهانات الجمهوريين على صعيد الطاقة المستوردة من الشرق الاوسط وتكمن الطريقة الوحيدة لتجنب الوقوع في تلك المصيدة في اطالة امد العقوبات المفروضة على ايران وفرضها الكونغرس الاميركي بموافقة غالبية اعضائه من الحزبيين الجمهوري والديمقراطي معاً وذلك خلال شهر كانون الاول الماضي وهي سياسة تتبعها الادارة الأميركية الحالية بحماس بعد ان كانت تعارضها في بداية طرحها على هذا المجلس. ففي حال رغب مرشحو الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية ممارسة نفوذهم لتعليق انشطة ايران النووية وتقليص سيطرة القلق والذعر على اسواق النفط العالمية سيحتاج هذا الامر لاتخاذ خطوات لا يمكن تصورها على هذا الصعيد كتقديمهم الدعم لسياسة اوباما من خلال التغطية على العقوبات الراهنة المفروضة على اسواق النفط تلك. هذا بينما يتساءل مرشحو الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية علناًحول النهج الذي سيتبعه منافسهم اوباما مرشح الديمقراطيين في الانتخابات الحالية في حال بقائه في البيت الابيض لولاية ثانية بالنسبة لسياسته تجاه طهران وملفها النووي ففرض المسؤولين الأميركيين على اسواق النفط عقوبات ضد ايران هو اجراء محفوف بالمخاطر ففي حال ارتفعت اسعار النفط العالمية بنسبة 15% خلال هذا العام نتيجة نقص الامدادات وزيادة الطلب على هذه المادة الخام ووصول متر الغاز المكعب الى 5دولارات يوم التصويت على الانتخابات الرئاسية الأميركية سيهدد ذلك تماثل الاقتصاد العالمي للشفاء من ازماته قريباً وليس العكس لكن تقلب اسعار النفط في الاسواق العالمية دفع سياسة اوباما باتجاه مزيدٍ من عدوانية اضافية من خلال قيامه بفرض حظر وعقوبات على صادرات النفط الايراني في حين سينفذ صبر تل ابيب بالنسبة لتداعيات الهجوم على منشآت المفاعلات النووية الايرانية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران والتي ستنعكس بشكل سلبي على مشكلات الطاقة في اسرائيل . فاعتماد اي من « السيناريوهين المذكورين سيؤدي الى ارتفاع اسعار النفط فجأة في الاسواق العالمية كما هو متوقع لذلك تسعى ادارة اوباما للرد مسبقاً على توقعات تقليص ايران من هدر احتياطها النفطي هذا في حين يتخبط البيت الابيض اليوم في مساعيه لإعادة الطمأنينة الى اسواق النفط العالمية من خلال اعلان اوباما مؤخراً انه سيسمح بتدفق كمية من النفط الايراني الى تلك الاسواق. وقد اتخذت الادارة الأميركية قبل ايام مبادرة هامة على صعيد ترسيخ تلك الخطوة فمنحت اليابان استثناء من العقوبات الأميركية على خلفية قيام طوكيو بتقليص صفقات شرائها للنفط الخام الايراني بنسبة 20% عام 2011 هذا الى جانب قيام واشنطن باستثناء عشر دول اوروبية من العقوبات المذكورة وهي دول ستكون قريباً هدفاً لفرض الاتحاد الأوروبي حظراً على استيرادها النفط الايراني كما اكدت ادارة اوباما مؤخراً انها قد تسمح لدول اخرى بشراء النفط الايراني فقط في حال قيام تلك الدول بتخفيض حصة عقود شرائها لهذا النفط. اما بالنسبة للصين فمن المتوقع ان يمنحها اوباما استثناءً رسمياً على العقوبات بحيث يسمح لها بشراء ما ترغب من النفط الايراني طالما بكين مستمرة في اقتطاع حسومات رئيسية على سعر هذا النفط ولأن تجار النفط الصينيين سيأخذون في الحسبان إلزامية اقتطاعهم لتلك الحسومات. ويرى المراقبون ان هذا التوجه سيؤدي الى تهدئة اسواق النفط من خلال السماح بتدفق جزء من النفط الايراني اليها بينما يتم تحويل ما تبقى من هذا النفط الايراني الى احتياطي استراتيجي. ولإعادة الهدوء الى نفوس حلفاء الولايات المتحدة من الاوروبيين والاسيويين الغاضبين من سياساتها تلك يتوجب على الولايات المتحدة منح استثناء من العقوبات الأميركية لتلك الدول الحليفة التي تقوم بعملية تكرير وشحن والاتجار بتلك الطاقة الحيوية مع دول سمحت لها واشنطن مواصلة شراء النفط الايراني. بقلم: مارك ذبو فيتز |
|