|
قاعدة الحدث انطلاقاً من الروابط الدينية والحضارية والمصالح المشتركة. فالعلاقات التركية مع دول الجوار الجغرافي وتحديداً الدول العربية شهدت تحولاً نوعياً اتسم بالحوار الشفاف على قاعدة المصالح المشتركة والعلاقات الأخوية، وانطلقت هذه العلاقات في أعقاب وقوف تركيا ضد غزو العراق وعدم سماح البرلمان التركي بمرور قوانين تسمح للقوات الأميركية بغزو العراق انطلاقاً من الأراضي التركية، ومنذ البداية نسقت حكومة أردوغان مع سورية ودول الجوار العراقي لدرء المخاطر الناجمة عن الاحتلال وإبعاد شبحها عن المنطقة وكرست جهودها لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق لأن أمنه ينعكس على أمن المنطقة برمتها، وكانت حريصة على وحدة أراضي العراق وسيادته وعدم السماح بشرذمته إلى كيانات هزيلة وضعيفة على أسس عرقية أو دينية. وفيما يتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي حدثت تبدلات كبيرة في السياسة التركية تجاه إسرائيل، فمن إلغاء التعاون الأمني والعسكري مع إسرائيل إلى إلغاء المناورات المشتركة معها والإعلان رسمياً في أنقرة عن رغبة الحكومة التركية بعدم استقبال بعض مسؤولي الكيان الإسرائيلي احتجاجاً على جرائمهم الموصوفة ضد الشعب الفلسطيني، فقررت هذه الحكومة إلغاء زيارة إرئيل شارون إليها عندما كان رئيساً للحكومة الإسرائيلية ووقفت بشكل قوي وشجاع ضد العدوان على غزة وانسحاب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان من منتدى دافوس احتجاجاً على تصريحات شمعون بيريز رئيس الكيان الإسرائيلي خير شاهد على ذلك. أما العلاقات السورية - التركية فكانت الأنموذج الذي يستحق الوقوف عنده لشرح طبيعة العلاقات التركية مع دول الجوار العربي والإسلامي نظراً لأنها تمثل الصورة المثلى والأنموذج المطلوب لهذه العلاقة القائمة على الصدق والشفافية وتحقيق مصلحة الشعبين الجارين، وقد جاءت زيارات السيد الرئيس بشار الأسد إلى تركيا وزيارة المسؤولين الأتراك إلى سورية خلال السنوات التسع الأخيرة لتؤكد هذه الحقيقة وتؤسس لفتح آفاق جديدة في العلاقات بين البلدين والرغبة في تطويرها بما يحقق مصلحة الشعبين الجارين، وقد جاء تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي العالي المستوى مؤخراً ليشكل ذروة هذا التعاون الذي يبشر بمستقبل واعد لخير البلدين والمنطقة برمتها. ويمثل إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي الذي يعقد أول اجتماع له اليوم الثلاثاء في دمشق خطوة كبيرة نحو بناء طور استراتيجي في مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية والأمنية والسياسية، حيث اعتبره وزير خارجية تركيا داوود أوغلو الأنموذج الأفضل والرسالة الأهم الموجهة إلى دول المنطقة. وتعتبر تركيا أن علاقاتها مع سورية أصبحت متطورة جداً وتنظر إليها كعنصر أساسي للتطور مع العالم العربي، وسورية بالنسبة لأنقرة البوابة لهذا العالم وهذا ما يفرضه منطق التاريخ والجغرافيا، وهذا الأمر أكده السيد وليد المعلم وزير الخارجية مضيفاً إن إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي هو يوم تاريخي وهو عيد للشعبين، فقد ألغيت سمة الدخول بين البلدين وأمل السيد المعلم بأن تحذو دول المنطقة حذو العلاقات الاستراتيجية السورية - التركية لما فيه خير العرب والدول الإسلامية كافة. وقد أشار السيد أردوغان في لقاء مع عدد من الإعلاميين السوريين الأسبوع الماضي إلى أن ما توصل إليه البلدان حتى الآن إيجابي لكنه غير كاف ولابد أن ننتقل بهذه العلاقات إلى أعلى المستويات وألا تنحصر بالعلاقات الثنائية بل تتوسع إقليمياً وتنتقل لتأخذ بعداً دولياً، وأن ما تم التوصل إليه حتى الآن له موقع خاص في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولفت إلى أن الشعبين التركي والسوري يمتلكان علاقات تاريخية وعريقة وروابط تتمثل بالانتماء إلى حضارة وقيم مشتركة على المستويات الثقافية والدينية والتاريخية وقال: إن لدينا قواسم مشتركة لا يمكن إهمالها مبيناً أن رحلات السكك الحديدية بين حلب وغازي عنتاب سيتم تدشينها خلال زيارته الحالية قائلاً: سنسافر إلى سورية بالقطار وهذا جميل جداً. |
|