تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في مشروع العمل اللائق..التمييــــز فـــي الاســـتخدام والمهنــــة بـــين النـــص الــــدولي والتطبيــــق الوطنـــــي

مجتمع
الثلاثاء 22-12-2009م
غصون سليمان

ثلاثة أيام من النقاشات و الحوارات والمحاضرات استثمرها موضوع مشروع العمل اللائق الهادف الى تحقيق العدالة الاجتماعية و النهوض بالمرأة والرجل في عالم العمل من خلال ورشة العمل التي أقامها الاتحاد العام لنقابات العمال و لجنة المرأة العاملة و الطفل في سورية.

بالتعاون مع مكتب العمل الإقليمي لمنظمة العمل الدولية في بيروت في الفترة من 13-15 الحالي الورشة عرضت بشكل مفصل للاتفاقيات الدولية وذات الطابع الاجتماعي الخاصة أساسا بالمرأة و الرجل في عالم العمل بدءاً من التمييز في الاستخدام والمهنة إلى المساواة في الأجور إلى حقوق العمال ذوي المسؤوليات العائلية وواقع حماية الأمومة والعمل في المنزل وانتهاء بالقرار الواجب اتخاذه بشأن العمل اللائق في إطار الاقتصاد و غير المنظم.‏

أهمية إقامة مثل هذه الندوات وورش العمل تنطلق من أنها تقرب وجهات النظر المتفاوتة بين أطراف العمل الثلاثة من حكومة و أصحاب عمل و عمال و انعقاد هذا النشاط في مبنى الاتحاد العام لنقابات العمال وكان له بعد اجتماعي وثقافي وانتاجي بامتياز لأن البيت المعني بمعرفة اتفاقيات منظمة العمل الدولية هم العمال بالدرجة الأولى وكذلك أصحاب العمل والحكومات .‏

ومن هنا كان لتفاعل القيادات النقابية من أعضاء المكتب التنفيذي بالاتحاد العام و ممثلي نقابات دمشق دور أساسي في تقريب وجهات النظر المتباينة ربما أو لنقل المتفاوتة من حيث حجم المعرفة بتفاصيل وشروط اتفاقيات و نصوص منظمة العمل الدولية ومدى تطبيقها على أرض الواقع في بلدنا فالنقابيون عرفوا عن كثب الكثير عن تفاصيل الاتفاقيات وأهميتها كإطار عام داعم لبيئة العمل. فيما استطاع ممثلو منظمة العمل الدولية ومنسقو مشروع العمل اللائق و المحاضرون باسم المنظمة أن يدركوا أهمية التواصل و التعاون في شرح وتوضيح الصورة الغائمة إلى حد ما حول كل ما يتعلق بشروط آليات و ظروف العمل حسب تشريع كل دولة. كما كان لسيدات الأعمال في دمشق وريفها من غرفة صناعة وممثلات الجمعيات الأهلية والاجتماعية حصة وافرة في دائرة المشاركة و الحضور ما أعطى للنشاط بعد أن في معادلة أهمية تواجد أطراف الحوار في تنشيط الصيغة المختارة و المناسبة بما يدفع خطوات العمل إلى الأمام‏

الاتفاقيات الخمس التي عرضتها الورشة نالت قسطاً واسعا من النقاش والجدال في العام و الخاص فكان هناك عطش حقيقي لمعرفة المزيد على الصعيد النظري والعملي. فعلى سبيل المثال نجد أن اتفاقية التمييز في الاستخدام و المهنة رقم 11 لعام 1958 هي إحدى أكثر اتفاقيات العمل الدولية تصديقا فقد صدقت عليها 169 دولة من أصل 178 وسورية صدقت على هذه الاتفاقية وبتاريخ 10/5/1960‏

المؤهل هو الأساس‏

ويشير التعريف العام للاتفاقية بأن أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل من شأنه إبطال أو إضعاف تطبيق تكافؤ الفرص أو المساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة مؤكدة هنا بأن التفريق أو التفصيل على أساس مؤهلات يقتضيها شغل وظيفة معينة لا يعتبر من قبيل التمييز، فيما نطاق تطبيق هذه الاتفاقية تنطبق على جميع العمال وجميع القطاعات العامة منها والخاصة و كذلك على العمل اللانظامي و العمل الذاتي و أهم المجالات التي يظهر فيها عنصر التمييز هو جميع نطاقات العمل من التدريب المهني وصولاً إلى الاستخدام إلى مهن معينة مع ملاحظة الأخذ بشروط الاستخدام و ظروفه‏

من المحظورات‏

ولعل الأبرز و الأهم في جوهر هذه الاتفاقية أنها تحظر و تحذر من التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق و اللون و الأصل الوطني و الرأي السياسي و الأصل الاجتماعي بمعنى أي تمييز أو استبعاد أو تفضل آخر يتم تحديده على المستوى الوطني بعد التشاور مع المنظمات الممثلة للعمل والعمال و هيئات متخصصة أخرى وفيما يخص التمييز المباشر وغير المباشر فالاتفاقية تلحظ بأن المباشر واضح و مقصود و غير المباشر ليس من الضروري أن يكون مقصوداً و بالتالي يبدو القانون أو الممارسة مما يدين وهذا له نتيجة سلبية بالغة على مجموعة معينة تحميها الاتفاقية أو التشريعات الوطنية‏

ومن الأمثلة على التمييز المباشر أنه يستثنى أثناء الإعلان عن وظائف مقدمي طلبات من جنس أو عمر معين أو استخدام اشخاص من خلفية معينة فقط، أو استبعاد النساء عن وظائف يقوم بها الرجال على نحو تقليدي، أيضاً هناك موضوع اختبار الحمل أو التحرش الجنسي، أما التمييز غير المباشر حسب الاتفاقية 111 فتقوم على توفر التدريب خارج نطاق الدوام الرسمي للعمل وخاصة النساء، أيضا هناك اشتراطات لغوية غير متعلقة بواجبات العمل تخص أقليات يضاف لذلك استثناء العمال المنزليين من تشريعات العمل و النساء معينات في هذا الأمر.‏

تفادي التمييز‏

وبينت شروط هذه الاتفاقية كيفية تفادي التمييز في الاستخدام و المهنة من حيث جعل عدم التمييز في ذلك هدف سياسة وطنية مع صياغة تشريعات محددة بشأن عدم التمييز في عنوان هذه الاتفاقية ويساعد على ذلك نشر الوعي بأهمية تطبيق هذه التشريعات و تعزيز دور منظمات العمال و أصحاب العمل و التركيز على التدريب و الدعم المؤسسي‏

في القانون السوري‏

على ضوء هذه الاتفاقية و حسب المادة 45 من دستور الجمهورية العربية السورية فإن الدولة تكفل للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة و الكاملة في الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية تعمل على إزالة القيود التي تمنح تطورها و مشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.‏

كما تعطي المادة واحد وسبعة من القانون الأساسي للعاملين في الدولة و المادة و2 من قانون العمل إمكانية العمل لكل فرد دون تمييز حيث تنص المادة 130 من قانون العمل على أنه «تسري على النساء العاملات جميع النصوص المنظمة لتشغيل العمال دون تمييز في العمل الواحد بينهم‏

أما التطبيق في الواقع العملي فقد شار الدكتور رشيد دكتوراه في القانون الدولي و الذي عرض لكل ما يتعلق بالجانب القانوني المتعلق بالورشة من ناحية التشريع السوري حيث بين هنا ما أشارت إليه لجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية إلى أنه وبالرغم من تأكيد الحكومة السورية مراراً بأن الإطار القانوني الوطني الحالي لا يشتمل على نصوص تبيح التمييز، فإن غياب هكذا نصوص غير كاف لتلبية الالتزامات التي تنص عليها الاتفاقية رقم 111 كما أنه لا يعتبر مؤشراً على غياب التمييز في التطبيق العلمي‏

كذلك أشارت اللجنة و بحسب تقدير الحكومة السورية لعام 2005-2006 فإن الإناث يمثلن 48٪ من عدد الطلاب مرحلة التعليم الأساسي و 49٪ من عدد طلاب المرحلة الثانوية و نسبة كبيرة في التعليم العالي.‏

وملاحظات اللجنة أشارت في السياق ذاته أن خادمات المنازل غير مشمولات بقانون العمل السوري و أن الحكومة اتخذت الإجراءات لتنظيم استخدام عاملات المنازل من غير السوريات و خاصة قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 81 لعام 2006 و المرسوم الرئاسي رقم 62 لعام 2007.‏

واللافت أن لجنة الخبراء هذه لم تكتف بملاحظاتها تلك و إنما توجهت بطلبات مباشرة للحكومة السورية تريد فيها إرسال المعلومات المتعلقة بالتدابير المتخذة، و خاصة ضمن الخطة الرباعية 2006-2010 وبرنامج العمل اللائق 2008-2010 من أجل تعزيز تكافؤ الفرص في العمل و الاستخدام دون تمييز، و معلومات أخرى متعلقة بالتدابير المتخذة أو المزمع اتخاذها في سبيل تعزيز دخول المرأة إلى سوق العمل وزيادة فرصها سواء في القطاع العام أم الخاص.‏

ومن ضمن ما طلبته لجنة الخبراء معلومات متعلقة بالتدابير المتخذة لتعزيز دخول المرأة إلى التعليم و التهيئة المهنية في المجالات التي يسيطر عليها الرجال بشكل تقليدي و غيرها من الموضوعات الأخرى المعنية بتطبيق النصوص الخاصة بمنع التحرش الجنسي في العمل‏

هذه البنود و غيرها مما تضمنته نصوص الاتفاقيات في هذه الورشة فإن وجهة النظر النقابية كانت واضحة في المناقشات من حيث الموافقة على معظم قرارات منظمة العمل الدولية كونها معنية بنهاية المطاف في الشأن العمالي مع التأكيد على أن التصديق يختلف عن التحقيق في بعض الاتفاقيات على أرض الواقع فهناك من الدول من صدق و أمر بقانون و عدل تشريعه الوطني و لكنها لم تطبق نصوصها، و أن التمييز في الاستخدام و المهنة حاصل في كل دول العالم وسورية من ضمن ذلك و خاصة في القطاع الخاص و القطاع غير المنظم و مما ذكر وفي هذا النشاط أن أقل الدول تصديقاً على قرارات منظمة العمل الدولية هي الولايات المتحدة الأمريكية رغم وجود ما يقارب 450 خبيراً أمريكياً في هذه المنظمة و تعتبر حكومة الولايات المتحدة أكبر ممول للمشاريع التنموية للعمال في المنظمة و أكبر مساهم في المشروعات الأخرى‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية