|
دمشق الماضي وذلك ترجمة للارادة السياسية لقيادتي البلدين في ايجاد خطة للتعاون السياسي المستمر وتحويل التعاون الاقتصادي إلى تكامل اقتصادي وليكون بمنزلة حوار منتظم وتأسيس للتعاون والعلاقات بين البلدين والانتقال بها إلى مستويات نوعية. ويعد اعلان تأسيس المجلس الخطوة الاكثر أهمية في سير العلاقات السورية التركية وتتويجا للتطور المتنامي الذي شهدته خلال السنوات الاخيرة حيث تضمن الاعلان تشكيل مجلس أعلى على مستوى القيادات السياسية وآخر على مستوى الوزراء في كلا البلدين الذين سيجتمعون بشكل مستمر كما يلتقي رئيسا الوزراء مرة في السنة على الاقل لتقييم أعمال الوزراء ووضع الخطط المستقبلية. وأنجزت اللجان التحضيرية للاجتماع الأول لمجلس التعاون التي عقدت على مدى يومين في دمشق 40 وثيقة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات. ومن المقرر أن يتم توقيع هذه الوثائق خلال انعقاد المجلس اليوم وغداً هذا وقد وشكل الاجتماع الوزاري الاول لمجلس التعاون الاستراتيجي الذي عقد في مدينتي حلب وغازي عنتاب في 13 تشرين الاول الماضي بمشاركة عدد من الوزراء والمحافظين والولاة والبرلمانيين ورجال الاعمال والاكاديميين الخطوة التنفيذية الأولى للمجلس حيث بحث وناقش الجانبان الاتفاقيات التي سيتم توقيعها خلال الاجتماع المقبل للمجلس في دمشق على مستوى رئيسي الوزراء في البلدين والتي تشمل التعاون في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والنقل والطاقة والصحة والتعليم والبيئة والثقافة والسياحة والزراعة اضافة إلى المجالات الامنية والعسكرية. ووصف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو هذا الاجتماع بالمهم والمثمر للغاية حيث حدد خلاله الجانبان الاطر الاساسية لعدد من الاتفاقيات الثنائية المقرر توقيعها في الاجتماع الاول للمجلس بدمشق والتي تعد مؤشرا للتعاون الاستراتيجي وصولا إلى تحقيق مفهوم التكامل الاقتصادي والثقافي بين الشعبين معربا عن أمله في أن ينتشر هذا التعاون بين دول المنطقة. وتنفيذا لما تم الاتفاق عليه بدأت وزارتا الداخلية في البلدين تنفيذ الغاء سمات الدخول بدءاً من 18 أيلول الماضي قبل أن يوقع وزيرا خارجية البلدين عند بوابة السلام أونشو بينار الحدودية في 13 تشرين الاول الماضي اتفاقية الالغاء المتبادل لسمات الدخول لحاملي جوازات سفر البلدين الذين يرغبون في زيارة البلد الاخر بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وخدمة لمصالح الشعبين الصديقين. ويعمل البلدان في اطار برنامج التعاون الاقليمي السوري التركي على انجاز المشاريع المتعلقة باعادة تأهيل المراكز الحدودية واقامة مراكز لادارة الكوارث والاطفاء والاسعاف اضافة إلى التعاون بين الفعاليات الاقتصادية من الجانبين في المجالات الاقتصادية والتجارية ولاسيما في قطاع المصارف واقامة المشاريع الصناعية والسياحية المشتركة في المناطق الحدودية وازالة المعوقات التي تعترض تنفيذ هذه المشاريع. وأعطى التطور الكبير للعلاقات السياسية بين البلدين دفعا كبيرا للتعاون الاقتصادي والاستثماري حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات المشتركة في مجالات الملاحة البحرية والطيران والطاقة والنقل والاسواق المالية والسياحة والصناعة اضافة إلى تأسيس مجلس الشراكة السوري التركي المنبثق عن اتفاقية منطقة التجارة الحرة التي دخلت حيز التطبيق مطلع عام 2007 وساهمت في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي من المتوقع أن يصل إلى 3 مليارات دولار نهاية هذا العام. وتأتي تركيا حاليا في المراتب الأولى بين الدول المستثمرة في سورية وتتركز هذه الاستثمارات في القطاع الصناعي مثل تصنيع الابراج المعدنية وغلفنة المعادن وتصنيع وصيانة القاطرات والعربات والشاحنات وتصنيع الات ومعدات المعامل الصناعية وانتاج خيوط البوليبروبيلين وتكرير وتعبئة زيت الزيتون والزيوت النباتية والاسمنت وانشاء البنية التحتية للخط الحديدي وتصنيع قاطرات وعربات الركاب والشاحنات اضافة إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى. وتتفق المواقف التركية والسورية حيال معظم القضايا الدولية ولاسيما الصراع العربي الاسرائيلي والسبيل لايجاد حل لهذا الصراع وفق قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام. كما يؤكد البلدان رفضهما سياسة الاستيطان واستمرار الحصار الاسرائيلي على غزة والممارسات الوحشية بحق الشعب الفلسطيني والاعتداءات على المقدسات الاسلامية والمسيحية التي تشكل خرقا للقانون الدولي وعقبة حقيقية أمام استئناف عملية السلام. وعلى الصعيد الاقتصادي الاقليمي اتخذت الحكومتان السورية والتركية مؤخرا خطوات لتطوير وتنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي لنقل الغاز الطبيعي المصري عبر سورية إلى تركيا كما توليان اهتماما كبيرا بمشروع الربط الكهربائي بين كل من مصر والعراق والاردن ولبنان وسورية وتركيا وفلسطين وتعتبرانه مشروعا ذا أولوية في اطار التعاون العربي التركي. ولعب الموروث الثقافي المشترك والعلاقات التاريخية القديمة دورا مهما في توطيد العلاقات بين الشعبين السوري والتركي اضافة إلى وجود بعض المواقع الاثرية التي تعد موروثا ثقافيا من الماضي يتم ترميمها بمساهمة تركية بالتعاون مع الحكومة السورية. وتتميز المواقف التركية الرسمية والشعبية بمساندتها للقضايا العربية العادلة ودعمها للقضايا العربية وظهر ذلك جليا من خلال رفض أنقرة مرور القوات الاميركية لغزو للعراق في اذار 2003 ووقوفها موقفا حازما من العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز عام 2006 والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة نهاية العام الماضي. وتحظى المواقف التركية البناءة من القضايا العربية باحترام الجماهير العربية وتقديرها مايؤهلها للعب دور اقليمي فاعل بالتعاون مع سورية والدول الاقليمية من أجل صنع مستقبل متقدم وآمن ومستقر في الشرق الاوسط. برلمانيون ومثقفون أتراك يؤكدون عمق العلاقات هذا وقد اكدت فعاليات برلمانية وثقافية تركية عمق العلاقات التركية السورية وتجذرها عبر التاريخ داعية إلى العمل على تعزيزها ودفعها إلى الامام لما فيه مصلحة شعبي البلدين. واشار محمد شندر رئيس جمعية الصداقة البرلمانية التركية السورية في حديث لسانا إلى ضرورة ان تتحول علاقات الصداقة بين البلدين إلى علاقات شراكة ولاسيما بعد الخطوات الكبيرة والهامة التي قامت بها قيادتا البلدين كالغاء تأشيرات الدخول الامر الذي أعطى دفعا كبيرا لهذه العلاقات. ونوه شندر بأهمية زيارة رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي المقبلة إلى سورية من جهة اعطاء دفع جديد لهذه العلاقات مؤكدا في الوقت نفسه اهمية ان تكون سورية دولة قوية ومتطورة ما سيسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. واعرب شندر عن استعداد بلاده ورغبتها في نقل جميع المعلومات والتقنيات التي تملكها إلى سورية لافتا إلى سعي جمعية الصداقة البرلمانية التركية لاحداث مزيد من التطور في علاقات البلدين حيث تضم في عضويتها 369 عضوا من جميع الاحزاب من اصل عدد اعضاء البرلمان البالغ 550 مايجعلها اكبر جمعية صداقة في البرلمان التركي. وحول الممارسات الاسرائيلية في المنطقة جدد شندر رفض بلاده لما فعلته وتفعله اسرائيل في قطاع غزة مايشكل تعارضا واضحا مع جميع مبادئ الامم المتحدة وحقوق الانسان مؤكدا ان بلاده لايمكن ان تقبل استمرار اسرائيل احتلال الاراضي السورية والفلسطينية واللبنانية كما لاتقبل ايضا الاحتلال الاميركي للعراق. من جهتها نوهت السيدة اشكن اصان عضو البرلمان التركي بأهمية العلاقات التركية السورية التاريخية التي ستتطور لتعزيز صداقة الشعبين السوري والتركي مؤكدة ان الغاء تأشيرات الدخول بين تركيا وسورية خطوة جديدة لتعزيز هذه العلاقات التي باتت أكثر من علاقات بين دولتين وارادة شعبين. واضافت اصان ان السياسة الخارجية التركية تركز على تطوير علاقاتها مع جميع الدول المجاورة ودول المنطقة لترسيخ العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية داعية هذه الدول إلى اتخاذ خطوات مماثلة لما فعلت سورية ما سيساعد بالتالي على ارساء الاستقرار في المنطقة وحل جميع مشاكلها. واكدت اصان ان ماقامت به اسرائيل خلال عدوانها الاخير على غزة كان ارهاب دولة يستوجب ضرورة تطبيق جميع القوانين الدولية التي تطبق على الدول الأخرى ووضع حد للتسلط الاسرائيلي منتقدة خوف العالم غير المبرر من القيام بأي اجراء ضد اسرائيل. وفي السياق ذاته دعا حسن كان بولات رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية إلى ضرورة اجراء حوار بين المثقفين والمفكرين الاتراك والسوريين والعرب لزيادة التواصل والاطلاع على ثقافة الأخرين وتبادل الاراء والافكار لتطوير العلاقات الفكرية التي تشكل قاعدة لعلاقات الصداقة المتينة وعدم الاكتفاء بما يقدمه المفكرون والكتاب الاجانب لان ذلك سيعطي فكرة خاطئة عن البلد الاخر. بدوره قال هيجابي كرلانغش رئيس اتحاد الكتاب الاتراك ان الشعبين التركي والسوري لهما تاريخ مشترك ويعيشان في منطقة جغرافية واحدة وسورية بلد جار ومهم جدا بالنسبة لتركيا لانها تشكل البوابة الرئيسية لها للانفتاح على الدول العربية. واشار كرلانغش إلى اهمية الاجتماع الوزاري القادم بين البلدين من جهة فتح الطريق امام مزيد من تطور العلاقات في جميع المجالات كما سيشكل جوابا وردا على الخطط المرسومة من قبل الدول المناهضة للتقارب التركي العربي وضد الخطط الغربية الاستعمارية التي تسعى دائما إلى زرع الفتن والخلافات بين دول المنطقة وبين الدول الاسلامية. واعرب كرلانغش عن ثقته بالجهود التي يبذلها القادة السوريون والاتراك لتعزيز علاقات الشعبين الصديقين ماسيجعل من المنطقة مركز قوة مهما. |
|