|
مجتمع عندما اقتربت مني تسألني إن كنت في وزارة التربية فأجبتها بأني كنت في مهمة عمل في مكان قريب ...وعلى موقف الباص الذي بدأنا منه الحديث والذي جر بعده أحاديث كثيرة استمرت حتى صعودنا الباص الذي أوصلنا إلى المكان الذي نريد ... فلهجتها الجميلة جعلتني انجذب إلى حديثها أكثر ولاسيما ان في كل نبرة من صوتها كنت اشعر بحبها وعشقها لسورية وهذا ما أكدته لي ونحن نتبادل أطراف الحديث : كان الألم باديا على وجهها منذ البداية فهي تريد أن تنقل مكان عملها إلى دمشق حيث تعمل في مجال التدريس هي وأختها وجميع أفراد عائلتها يعشقون سورية فهي حبهم الأوحد وهم الذين يعيشون في تلك القرية البعيدة من ريف ادلب ...كانت حياتهم هادئة لا يشوبها أي شائبة تنعم قريتهم بهدوء وسلام لا يعكر صفو حياتهم شيء .. الطلاب يأتون إلى المدارس يوميا وينهلون من العلم الذي يتوقون له في تلك المناطق ...كل شيء كانت على ما يرام هذا ما حدثتني فيه تلك الزائرة الآتية من الريف الشمالي ... ولكن هذا لم يطل كثيرا عندما هاجموا تلك القرى ومن بينها قريتهم الجميلة فقد هرب السكان إلى المناطق الآمنة ومنهم عائلتها التي التجأت إلى إحدى المزارع القريبة من قريتهم ... وأكملت الحديث قائلة :(عندما فتحت المدارس أبوابها من العام الماضي كانت الأمور في البداية تسير بشكل اعتيادي ونظامي ولكن ما إن انتشروا في القرية لم نعد نستطيع حتى الوصول إلى المدارس بسبب إغلاقها من قبل المسلحين الذين وقفوا أمام أبواب المدرسة في البداية ومنعوني من الدخول إليها لإعطاء الدروس فيها للطلاب الذين لم يأتوا إليها أيضا خوفا منهم فأشكالهم مرعبة وأعمالهم مرعبة أكثر فعندما منعوني من الدخول ذهبت إلى مدرسة أختي حيث تعلم ولكن هي الأخرى كانت قد أغلقت وأختي لم تذهب إليها أيضا ولم يعد أمامنا إلا أن نترك التدريس فكل شيء أصبح صعبا في تلك السنة من اجل التعليم ...وأتمت حديثها بعد أن تنهدت بعمق وألم منذ الشهر الرابع ونحن لا نعمل وقد جئت إلى دمشق حتى استطيع أن أجد فرصتي هنا في احد المدارس وساعدني على ذلك سكن أختي الكبيرة في احد أحيائها والآن انتظر إن تكون الأمور أفضل علني استطيع أن استقر واعمل هنا فزوجي هو الآخر يعاني من ظروف عمله ..ولدي ابنتان صغيرتان تحتاجان إلى الرعاية الاهتمام ...وأما أهلي فهم لازالوا في مزرعة لهم في منطقة قريبة من القرية آمنة حيث يقومون بالزراعة رغم صعوبة الظروف التي يعيشون فيها من جراء قطع المسلحين لبعض الطرق التي يمكن أن تسهل عليهم حياتهم ...وكل ذلك لأننا نحب بلدنا نحب سورية نعشقها حتى الموت) الكلام لم ينته عند هذا الحد فهي عانت من أفكارهم وسلوكهم الغير منطقي فقد كانت تقول لهم (إنكم تريدون المرأة أن تعود إلى الجاهلية لا تعرف شيئا وكل شيء تفعلونه يصب في نطاق المرأة كأنثى فقط فاللباس يجب أن يكون مجللة بالسواد من الرأس إلى أخمص القدم وان تكون في البيت فقط كل الذي تفعلونه وما تعطون من قوانين وأوامر هي من اجل المرأة كامرأة لاتهمكم العلم والعمل والثقافة تريدونها فقط جسد هذه هي أفكاركم الملوثة التي تريدون فرضها علينا ...وهذه حريتكم ....) كان كل شيء ينطق فيها بالحب لبلدها سورية وخوفها عليها .. وصلنا لنهاية الخط تركتها وأنا أقول في نفسي كم من مثيلاتها يعيشون نفس الظروف التي تعيشها والتي هي من تداعيات الإرهاب الذي يضرب كل شبر من بلدنا .. لهدف وحيد ألا وهو تدمير سورية بأي شكل من الأشكال ولاسيما إن المدينة بقربها على الحدود التركية فالأسلحة وهي من احدث الأنواع كانت تضخ عليهم وبكميات كبيرة مع أعداد ضخمة من المسلحين ... هم يريدون قتل الشعب السوري... قتل إرادته ... قتل صموده ..ولكن نجوم السماء اقرب إليهم ولن نتنازل عن مبادئنا مهما كان الثمن ... فسورية غالية علينا جميعا وكل فرد من هذا الوطن يحبها ويعشقها ومستعد للدفاع عن كل ذرة من ترابها حتى آخر نقطة من دمه ... هذا هو السوري أينما كان من أي بقعة من وطننا الحبيب ... |
|