تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أعظم مسرحية في العصر الحديث

مسرح
الثلاثاء 17-9-2013
تميز المسرح البريطاني في القرن العشرين بمسرحياته الصادمة الحاملة لكثير من التحدي والاستفزاز.. لكنها راحت تخبو الآن بعدما اكتشف النقاد والجمهور سطحيتها لاعتمادها على جذب الانتباه فقط.

ومع ذلك فإن نوعاً مسرحياً واحداً مازال راسخاً رغم السنوات ليصبح روائع صادقة لازيف فها وهو مسرح (الأفكار) بطرحه لأسئلة لاسبيل إلى تجاهلها: ماجدوى الحياة الإنسانية؟ وكيف ينبغي أن نأخذ بأسبابها؟ مستخدما الكوميديا تارة والإثارة تارة أخرى.‏

وثمة مسرحية واحدة أثبتت ديمومتها باستثنانية فريدة ومثلت أنموذجاً لمسرح الأفكار برمته:« أركادية» 1993 للكاتب المسرحي البريطاني توم ستوبارد 1937 أعظم مسرحية في العصر الحديث.‏

وصف ستوبارد بأنه: واحد من اثنين أو ثلاثة من أنجح كتاب المسرح البريطانيين كثيراً ما تتحول مسرحيات ستوبارد إلى مهازل عن انتهاء الكون مآسٍ لاتنقصها الدعابة عما سيقع لو أخذ المرء العلم والشعر مأخذ الجد ولكنها تعكس في النهاية مواقفه الفلسفية تجاه الفن ورؤيته العبثية للحياة.‏

يعتقد ستوبارد أن الضحك هو صوت الاستيعاب وقال يوماً إن مسرحية الإيرلندي أوسكار وايلد أهمية أن تكون إرنست 1895 مهمة ولكنها لاتقول أي شيء عن أي شيء.‏

لكنه يجد بالمقابل أنه من الضروري أن يلوح المسرح برسالة أخلاقية أو اجتماعية أو سياسية إذ تتكل نصوصه في الغالب على اللغة المبهرة والذكاء الخاطف وتجاوز الأحداث التاريخية الحقيقية أو المختلفة في دوامة لاتكف عن الدوران بعد إسدال الستارة، ويؤمن ستوبارد بالفردية مؤكداً نسبية كل الأفكار إلا أنه يصر في الوقت نفسه على أن العالم يضم حقائق أخلاقية مطلقة تنبع في آخر المطاف من إله.‏

مسرحية أركادية تبدو أحداثها في مستهل القرن التاسع عشر والقرن العشرين تتراوح مشاهدها بين الماضي والحاضر بدافع الغوص في طبيعة العقلانية العلمية والحسية فالرغبة تسود بلاكابح أو عاطفة وما إذا كان البشر يفقهون أي شيء!.. تبوح إحدى شخصياتها وهو عالم رياضيات.. إن هذا العصر هو:« أفضل عصر قدنحيا فيه حين يتضح خطأ كل شيء تقريباً اعتقدت معرفته».‏

يتقاطع الماضي بالحاضر في النهاية لنكتشف أن ستوبارو لايهدف إلى تصوير الناس وإنما الحديث عن الأفكار.‏

المسرحية استلهمت أحداثها من عدة كتب عن الفيزياء والرياضيات والبستنة وسيرة الشاعر الانجليزي اللورد بايرون الحوار في المسرحية وكأنك في مباراة كرة الطاولة.. والجمهور يكافح من أجل الإنصات.‏

قال نخرج المسرحية أركادية‏

لو اخترت حواراً من عشرة أسطر وهو ما يصح في حالة شكسبير وجعلته بطيئاً أكثر مما ينبغي.. فلن يستوعبه أحد.. ولو جعلته سريعاً أكثر مما ينبغي ستلغي الكلمات الضبابية وستتقهقر مهزوما من فرط الجهد هناك سرعة طنانة لاتشوبها شائبة تلائم ما أؤمن به عن الكتابة المسرحية..‏

وهكذا يتحكم ستوبارد في التفاصيل، يبلغ الطول المناسب والسرعة المناسبة بالترتيب المناسب.‏

يدرك ستوبارد أن التعبير عن آراء الفرد حق لايزدهر مع قيود تفرضها الأنظمة الاستبدادية يناصر ستوبارو مضطهدي العالم.‏

ولأنه خاض مسيرة مسرحية حافلة بالإبداع وعبر عن جسارة وصدق، مصرا على سرد الأحداث كما وقعت.‏

حصل السير توم ستوبارد الفائز بوسام الإمبرطورية البريطانية وجائزة الأوسكار عن سيناريو فيلم شكسبير يقع في الحب 1998 على جائزة بينتر التي سيتسلمها في المكتبة البريطانية بلندن في 7 تشرين الأول القادم.‏

الجائزة تأسست عام 2009 إحياء لذكرى الكاتب المسرحي هارولد بنيتر وتقدم سنويا إلى كاتب بريطاني أو مقيم فيها.‏

بعد علمه بحصوله على الجائزة صرح ستوبارد أن بنيتر هو أحد الأشخاص الذين جعلوه يرغب في كتابة المسرحيات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية