|
عن موقع : The Nation في خطابه الأخير الذي ألقاه بهدف حشد تأييد الشعب الأميركي في الإقدام على توجيه ضربة إلى سورية قال أوباما «إن السبب الرئيس في التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا قد نجم عن التهديد في اتخاذ العمل العسكري الأميركي» لكن الواقع يقول خلاف ذلك. على الرغم من المباحثات التي جرت بين الرئيسين أوباما وبوتين في الأسبوع الماضي بشأن التعاطي مع الترسانة الكيماوية السورية فقد استمر أوباما ووزير خارجيته جون كيري بالتهديد والوعيد بخوض الحرب إلى أن تبين لهما بشكل واضح لا لبس فيه بأن الكونغرس لن يوافق على شن مثل هذا الهجوم وقد بدا واضحا للجميع، ومنهم بوتين، بأن الولايات المتحدة غير جادة في توجيه تلك الضربة، لذلك نرى بأن أوباما قد وضع نفسه في نير ضيق نتيجة تصريحاته وقراراته غير المدروسة، إذ لو أن الكونغرس قد صوت لصالح الحرب لوجد أوباما نفسه يقع في حرج كبير ولأمضى السنوات الثلاث المتبقية له في البيت الأبيض كبطة عرجاء. لقد أعرب أوباما عن إمكانية قصف سورية دون اللجوء إلى طلب موافقة الكونغرس حيال ذلك لكن من الناحية العملية يتعذر عليه القيام بهذا الإجراء وأن كلاً من الرئيسين بوتين والأسد على معرفة بذلك. إذ أن افتقار الرئيس الأميركي للتأييد الشعبي في خوض الحرب سيجعله في حالة شلل تام يحول دون إقدامه على فعل عسكري ضد سورية على الرغم من مزاعمه «بتجاوزها الخطوط الحمراء» التي حددها. لكن المبادرة التي اقترحها بوتين ووافقت عليها سورية قد أنقذته من تلك الورطة، وإننا في هذا السياق نتساءل إن كان أوباما سيمضي في خطة سلام حقيقية من أجل سورية بعد معالجة قضية الأسلحة الكيماوية؟ لم يتطرق أوباما في خطابه الأخير إلى إعداد خطة حقيقية للسلام الأمر الذي يجعلنا نرى بأنه لن يسعى لعرض خطة للسلام في الوقت الحاضر، وبتقديرنا أن الرئيس أوباما يرتكب خطأ سياسيا جسيما تجاه سورية الأمر الذي يجعل منه رئيساً غير جدير بالموقع الذي يشغله لاسيما في ضوء ما ارتكبه من أخطاء جراء ضآلة خبراته الدولية الناجمة عن عدم التقائه بالمسؤولين في دول العالم (قبل تسلمه مقاليد الحكم في الولايات المتحدة) على غرار الرئيس السابق جورج دبليو بوش. إن أهم ما استمعنا إليه في خطاب أوباما هو التساؤلات التي أبداها نشطاء السلام وفشل أوباما في الإجابة عليها والتي تتمحور حول ما يمكن إجراؤه تجاه بعض الأمور التي قد تنجم عن توجيه ضربة إلى سورية ذلك لأن مثل هذا الفعل سيودي بالولايات المتحدة إلى منزلق يقود بها إلى حرب أوسع، وعن تسويغ أخذ الولايات المتحدة لدور شرطي العالم علما بأننا على ثقة تامة بأن مثل تلك الاعمال القتالية التي تزمع القيام بها لن تفضي إلى إنهاء الحكم في سورية أو وقف الحرب بل ستقود إلى أعمال انتقامية تشمل الولايات المتحدة وحلفائها. لقد وضع المسؤولون الروس أوباما في زاوية ضيقة عندما أبلغوا الأمم المتحدة بأنه لم يتم المضي قدما بخطة السلام في مجلس الأمن طالما أن الولايات المتحدة مازالت متمسكة باتخاذ فعل عسكري في الحال التي لا تلتزم سورية بها بخطة تسليم الأسلحة الكيمياوية حيث كتبت صحيفة وول ستريت جورنال: «رفضت روسيا المطلب الأولي المقدم من فرنسا الذي يوصي بممارسة الضغط والتهديد باستخدام القوة على سورية لإلزامها بتسليم الأسلحة في موعد محدد، وعمدت موسكو إلى إلغاء اجتماع كانت قد دعت إليه في وقت سابق لمجلس الأمن ومهدت الساحة لمواجهة دبلوماسية محتملة». كما وأن الرئيس بوتين قد أوضح بأنه لن يتم المضي قدما في تنفيذ خطة تسليم الأسلحة إلا في الأحوال التي تعرب بها الولايات المتحدة تخليها عن التهديد باستخدام القوة وهذا ما يؤكد نجاح روسيا في إحراج الولايات المتحدة في الوقت الذي تستمر به بدعم سورية وتمد لها يد العون والمساعدة، وقال بوتين في هذا السياق: «إن المبادرة التي تقدمت بها روسيا لن تحقق النتائج المرجوة إلا في الأحوال التي تتعهد بها الولايات المتحدة وأنصارها بالتخلي عن استخدام القوة ذلك لأنه من غير المسوغ أن يُطلب من أي دولة -سواء أكانت سورية أو غيرها من دول العالم- نزع السلاح بشكل أحادي الجانب بينما تُعد العدة للقيام باتخاذ فعل عسكري ضدها.» على الرغم من عدم إشارة أوباما في خطابه الأخير لوجود خطة نحو السلام فإنه يتعين عليه في الوقت الحاضر السعي لعقد مؤتمر السلام الثاني في جنيف بعد اتخاذ الخطوات التالية: مطالبة المتمردين السوريين بحضور المؤتمر الذي دأبوا على رفضه، والعمل على تجاهل وعزل الراديكاليين منهم الذين يرفضون الحضور، وممارسة الضغوط على المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا لوقف تقديم السلاح للمتمردين، ودعوة إيران الحليف الأقرب لسورية إلى هذا المؤتمر، والتعاون مع روسيا بغية تحقيق تنفيذ لوقف اطلاق النار بين الجهات المتنازعة. بقلم: بوب دريفوس |
|