تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في صراع الإرادات.. لهم(دينهم) ولنا دين

شؤون سياسية
الثلاثاء 17-9-2013
بقلم: د. أحمد الحاج علي

إذاً، هو صراع مواقف وإرادات أي إن المنطقة العازلة أو الفاصلة بينهما إما أنها معدومة أو مخنوقة ومزروعة بالدم والشوك والخيارات النهائية، وأما الإرادات فأساسها تبني العقيدة

وصياغة الذات فيها وبناء كل عوامل الصراع على أساس المواجهة الكلية وغير المتوقفة، إن إرادتنا في الوطن السوري أن ندفع الموت عن أنفسنا وأن ندافع لحماية وجودنا ومصيرنا بكل مالدينا ومن لدينا، إرادتهم على الضفة الأخرى هيجان وخداع وانتماء للدم والجريمة والإرهاب، لنا ديننا وهو الذي أنزله الله علينا ولهم دينهم الذي اخترعوه لمواجهة شرع الله، والإرادات تنتمي لأهلها تماماً كما تنتمي لمصادرها وأهدافها وبهذا المعنى فلايوجد أي مطرح واحد حتى ولو كان ضيقاً يجمعنا أو يدفع بنا لكي نعترف أو نهادن هذا الإرهاب بإرادته التي صارت موضع احتقار الإنسانية كلها.‏

وهذه حالة طارئة في تاريخ البشرية إلا ماشهدناه يوم أن أكلت الأثنيات الغربية لحوم البشر ويوم أن تدافع التتار لتدمير الحضارات وقتل البشر جماعياً وبناء الأبراج احتفالاً بطقوس الموت كما حدث في (برج الروس) يوم استباح تيمور لنك دمشق ببشرها وأثرها وحجرها، وشهدنا لمحات من هذا الإرهاب عبر مافعلته الحروب الأميركية على العالم ولاسيما في الفيتنام وقبلها في إلقاء القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي في لحظة توقيع اليابان على الاستسلام مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وعشنا نحن العرب نماذج من مأساة الإرهاب بمافعله العدو الصهيوني في مجازر مثل قبية ودير ياسين والسموع وقانا وصبرا وشاتيلا وداعل، وسلسلة طويلة لكنها مهما امتدت تبقى محصورة ومحاصرة في النفق الضيق الخارج عن الإنسانية والشاذ في كل ماتفتق الذهن الإرهابي عنه على مدى التاريخ.‏

والآن ماتقوم به القوى العدوانية والإرهابية من الخارج وفي الداخل يعبر عن الطاقة القصوى وعن المدى النهائي الذي وصلت إليه أمراض البشر النفسية والعقلية محشوة بدوافع تجد فيها قوى الإرهاب مادتها الفكرية وتشعر بإنها مخلوقة لتدجين الإله الخالق ولإنجاز مهام الذبح والتدمير بما يعني تلبية حاجتين كامنتين في الذات الإرهابية، الأولى حاجة الإرهاب لمدى عقائدي بنوا أنفسهم فيه وزين لهم الشيطان من خلاله أنهم القوى التي اختارها الله كما اختار من قبل الشعب اليهودي ليتخذ من هذه القوى مخلبه وسمومه وليثبت بأنه التنين الأكبر الذي ينفث النار ويحرق البشر في الأخدود ويتعدى حدود الله في الحلال والحرام في الزواج والميراث في الإرادة والممتلكات، هذه حاجتهم الأولى وقد صاغها لهم الشيطان الأكبر من خلال شعارات إسلامية وأضاليل وأكاذيب تقوم على استباحة الحرمات والنظرة إلى الإنسان الآخر على أنه عدوٌ مطلق ولامجال إلا لتصفيته، ولتصفية دمه ولأكل كبده وتقطيع أوصاله لكي تصل رسالتهم على حبتها وحقيقتها كما يريدون هم وليس كما يدعي أي طرف متابع أو ناقد أو شاهد، وحاجتهم الثانية هي في الارتباط العضوي مع القوى الاستعمارية الغربية والصهيونية إلى أن جاء الاكتشاف الأحقر يوم أن أخذت دول الخليج عبر عائلاتها الحاكمة وذات الأصول الضالة هذا الدور في تأمين مقومات الإرهاب وإطلاقه على سورية العربية.‏

إن هذه الحاجة الثانية واضحة المعالم والمسارات وهي قطع إرهابية قاتلة انتظمت في خط واحد عبر هدف محدد عميق هو تدمير الوطن السوري ، وكل جزء في هذه المجموعة الإرهابية الاستعمارية مرتبط بالآخرينتمي إليه من جهة ويستمد منه الدعم والالتزام الكامل من جهة أخرى ، والفوارق هنا هي في الاصطفاف والدور الزماني والمكاني والمهمة القتالية في الميدان ، إن هذه المجموعة هي كيان موحد في الأفق الأوسع فهي إرهابية من السياسة إلى الذبح بالسكين،ومن واشنطن إلى الغوطة الشرقية وحوران ومن الإدعاءبالانتماء لرسالة الله إلى التدمير الكامل لكل ما أنزله الله على رسله وما أراده لعباده الصالحين .‏

لعلنا باجتماع الحاجتين لقوى الاستعمار والإرهاب في النسق الفكري العقيدي والنسق التطبيقي الدموي نعيش اليوم مدى كان يجب أن نستطلعه منذ زمن بعيد تقع فيه المسلكيات الكبرى والصغرى لقوى الطلم والظلام في هذا العالم وهذا المدى مركب متطابق من مواقع ثلاثة، أما الأول من هذه المواقع فهو وحدة التكوين ووحدة الهدف وسورية هي الموقع الذي اختاروه لإنجاز هذا النزوع الرخيص والكارثي في سياسات العالم المعاصر، وهم طبعيون تماماً ومنسجمون فيما انطلقوا منه ويسعون إلى انجازه هذا هو تكوينهم ، وهذا هو مجال عملهم وهنا تقع قصة إحساسهم بالذات حيث لا مجال لذاتهم إلا الجريمة وتكرارها بصورة غرائزية بحيث يقولون للعالم كله نحن العاصفة والموجة التي (اختارها الله) لتهب على الكرة الأرضية ابتداءً من سورية العربية، ولذلك هم حريصون على أن تبقى حدود المنطلق وحدود الهدف مشتعلة ومتدحرجة في أصل الواقع وفي ثنايا الذبح والنسف وتقطيع أوصال البشر ، هذه هويتهم وإذا ما ابتعدوا عنها أو انحرفوا بها انفجرت كل التناقضات فيما بينهم ، وأما الموقع الثاني المشترك والمتطابق في كل أدوات الإرهاب فهو توزيع المهام في الحرب الكبرى على سورية وتحديد الوظائف لكل جزء منهم في هذه المرحلة أو تلك من أولمبياد سفك الدم. إن أميركا وأوروبا تخطط وتحتضن وترعى وتؤمن كل معطيات العلم الحديث لهذا الإرهاب والعائلات الأعرابية في الخليج وفي تركيا تغذي بالمال والحقد الإرهاب وتحاول أن تظهر بأن لها دوراً وبأن لها مخالب وأظافر وأنياب والدليل على ذلك هو النهش النابي في جسد الوطن السوري وأكل لحم الإنسان ميتاً دون أن يكرهوا ذلك ، وتبقى تلك القطعان الإرهابية المستأجرة والمرتزقة وقد دمرت أوطانها وهي في طريقها لتدمير حضارات الأمم ورسالة السماء المستقرة في الأرض، وهؤلاء وحوش منذ أن وجدوا وهم من شذاذ الآفاق ومن الذين اختاروا القتل طريقاً لإنجاز ذاتهم وهناك من استغرقهم في خطاب (ديني) منحرف يسهل لهم المهمة وقد غسل أدمغتهم من نعمة العقل وأطلق غرائزهم في شهوة القتل ، وفي الناتج الإجمال يذهبون كل مذهب ليحققوا مآربهم القذرة وما معركة السلاح الكيميائي إلا بدعمة وخياراً رخيصاً ولاسيما حينما هاجت الأوهام الأميركية لتلبية حاجاته ضد سورية ولكن الحكاية لها مبتدأ أما خبرها فهو في الميدان وأما نهايتها فهي تحت إرادة الشهداء والوطن الذي أنتج الشهداء....‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية