|
شؤون سياسية معارك قومية تنظر إلى الوطن العربي كوحدة جغرافية متكاملة وموقع استراتيجي تجمعها مقومات مشتركة، ومن هنا فإن النضال يكتسب بعداً قومياً يرسم للمستقبل، واضعاً بعين الاعتبار الإمكانات القومية والإرث التاريخي.. ومن هنا أيضاً اكتسبت سورية فاعليتها ودورها المؤثر في الأحداث السياسية والاقتصادية التي جرت وتجري في المنطقة منذ أقدم العصور وحتى اليوم. في العيد الوطني لجلاء المستعمر عن أرضنا تميز شعبنا بما قدم من تضحيات حيث سطر في السابع عشر من نيسان 1946 ملحمة وصفحة مضيئة في تاريخه، وأشرقت مرحلة الاستقلال الوطني بقوة الكفاح وسلاح الوحدة الوطنية وامتلاك الإرادة والإحساس العميق بالمسؤولية. إننا في يوم الجلاء نتذكر الرجال العظماء الأوفياء للأرض والوطن الذين علموا الأجيال دروس الجهاد والتضحية ومواقف العز والإباء وأثبتوا أن الحرية تؤخذ ولاتعطى. ونذكر منهم الشيخ يوسف السعدون وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي وسلطان باشا الأطرش والأمير محمود الفاعور في الجولان، حيث دعا هؤلاء الأحرار والمناضلون إلى حمل السلاح والاستعداد للمقاومة، وبدأت تتفتح مشاعر الوعي الوطني لمواجهة الاستعمار، ففي الجولان انطلقت فصائل الثوار لمهاجمة القوات الفرنسية في جنوبي لبنان، فكان من خطط لها زعماء الجولان وفي مقدمتهم الأمير محمود الفاعور والمجاهد أحمد مريود، يساندهما أبناء الجولان من مختلف المناطق والقرى والمزارع. ومن أبرز المجاهدين في الجولان مجاهدو عشيرة الفضل ومجاهدو إقليم وادي التيم وشرق جبل الشيخ ومجاهدو جباتا الزيت وبانياس ومجاهدو السلوم وعشائر النعيم والبحاترة والفريج وأهالي الزوية وزعماء الشركس والتركمان ومجاهدو مجدل شمس. وقد تمكن المجاهدون الثوار من أهالي الجولان والأقاليم الداعمة لهم من تحقيق العديد من الانتصارات على القوات الفرنسية رغم تفوقها بالعدد والعتاد ومن أهم المعارك معركة المظلة، معركة مرجعيون، معركة النبطية، معركة الحماري، معركة القليعة، معركة تل النحاس، معركة ابل السقي، معركة الخصاص الأولى والثانية. وتميزت معركة الحماري في سهل الحولة بضراوة واستبسال رجال الثورة ومحاصرة القوات الفرنسية المتفوقة بالسلاح البري والجوي، وتمكن المجاهدون من أسر 35 عسكرياً فرنسياً سلمهم المجاهد أحمد مريود للحكومة الوطنية في دمشق. كما اكتسبت معارك المطلة والقليعة ومرجعيون والنبطية أهمية سياسية واستراتيجية خاصة، وعمقت ترابط والتفاف الفصائل المؤازرة مع الثورة، ومكنت الثوار بقيادة المجاهد أسعد العاص من تحرير مرجعيون وطرد الفرنسيين منها. أما معركتا الخصاص الأولى والثانية بقيادة الأمير محمود الفاعور ومشاركة مجموعات المقاومة فقد اكتسبت بعداً اقتصادياً ووطنياً في منع الفرنسيين من إخضاع سكان المنطقة لابتزاز المستعمرين ثم تكبيدهم خسائر كبيرة بلغت نحو 600 قتيل وأسر 200 جندي من المتطوعين مع 40 رشاشاً فرنسياً تركت في أرض المعركة التي دامت من الصباح وحتى غروب الشمس. ووجه المجاهد أحمد مريود مجموعات الثوار لتكثيف الهجمات ضد الفرنسيين فطالت (المطلة) وعلى امتداد الحدود الغربية من لبنان. إن الجلاء هو لحظة الاستقلال وهو مساحة الوطن بكامله وماتغير في الجلاء جانب، ولم تنته الحاجة للجلاء، فمازالت أجزاء غالية من الوطن أسيرة أسوأ محتل غازٍ في التاريخ، والاستقلال غير ناجز مادام جزء من الأرض أسيراً مخطوفاً، وما أشبه اليوم بالبارحة من أجل الوطن، قاتل الشرفاء واليوم الشعب أكثر إصراراً وتصميماً على استمرار المقاومة وطرد المحتلين الجدد الصهاينة، وهم على ثقة أكيدة بأنهم كما طردوا المستعمر الفرنسي سيطردون ويدحرون المحتلين ليعود الجولان العربي السوري إلى حضن الوطن الأم سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد. khaled golan@yahoo.com |
|