تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ربيعنا لوز وسكر وأمِّ ..فماذا جنى ربيعكم المزعوم؟

مجتمع
الثلاثاء 17-3-2015
غـانـم مـحـمـد

كعادتها، لم تتأخّر شجرة اللوز الموجودة قرب بيتنا عن موعد إزهارها، ولم تتخلَّ عن لون زهرها الزاهي أو تبخل بفوح عطرها الذي ألفته الأنوف والقلوب وأمم النحل وأسراب الفراش،

قالت بكل ما تمتلكه من لون وعبق إني من هذه الأرض التي تمسّكت بطهرها وبعنفوانها ولن أكون إلا مثل الناس الذين استظلوا برائحة ربيعي أو مثل الصبح الذي لم يتأخّر عن صلاته يوماً واحداً منذ الأزل، وأنا والصبح وكل سجدةٍ في صلاة أو تصليبةً فوق القلب إنما نشرح معنى سورية للذين يصرّون على ألا يفهموا التاريخ جيداً..‏‏

ربيعنا أتى في موعده بكل الخير والدفء والأنجم العاشقة يختال فينا كاختيالنا فيه، فيجدّد حكايا العيش الجميل والحياة الكريمة التي ألفها السوريون، أما الذين اعتدوا على الربيع قلباً وقالباً، معنى واسماً، فهم غارقون في الوهم ولم ولن يجنوا إلا الخيبة والذلّ والهوان، فمع كل تفتّح زهرة إضافية في ربى هذا الوطن المسبوك من عطر خالص ومن أوف وميجانا هناك صيحةٌ من فوهةٍ مؤمنة بالله وبالوطن يقذفها قلبٌ حمل دعاءَ أهله والأحبة في قلبه ووصيةً الغيورين على سورية ( يا بني بلادك قلبك اعطيها) فيصيب بها من أسكنَ الشيطان قلبَه وتفكيره وكأن جهنّم تعيش بفوهة بندقيته فيسألها وتقول: هل من مزيد؟‏‏

ربيعنا وردةٌ حمراء نقدّمها للأم في عيدها وابتسامة في وجهها تساوي عندها الدنيا كلّها، ودورقَ ماء بارد تحمله زوجةٌ إلى زوجها الذي سبقها إلى الحقل، وبدايةَ تفتّح أزهار الزيتون بعد موسم مطريّ مبارك، أما «ربيعكم» - ونخصّ السوريين الذين تورطوا في الحرب ضدّ بلدهم - فمزيد من الوهم ومزيد من الارتماء بحضن الإبليس الأمريكي الذي ينظر إلينا وإليكم ذات النظرة وكل ما يوهمكم به من دعم لكم مؤقت ليستمر القتال ويستمر نزف الدم السوري وعندما ينتهي دوركم لن يردّ عليكم وسيتخلّص منكم لأسهل الأسباب، فاستقبلوا الربيع الحقيقيّ وتعالوا إلى دوحة الوطن فكلها طاولة مستديرة نتناقش حولها على أدقّ التفاصيل مغلّبين لغة العقل في الوصول إلى النتائج التي تعيدنا جميعاً إلى حياتنا الجميلة قبل عام 2011!‏‏

أزهار الربيع تنادينا أن نفسح المجال لها لتزيل بعبقها رائحة البارود وتطرد الغشاوة من العيون وتلوّن سماء وطننا الغالي بأناشيد الحبّ وقصص تزاوج العصافير وحكايا «الحوم» العابر نحو المناطق المعتدلة شمالاً بعد أن بدأت لسعات شمس الربيع تضايقه، لم نعتد يوماً أن نسأله أو نفتّش بين منقاريه ولكن تُرى ألا يودّ هو أن يسألنا بكل حزنه: لماذا تعبثون بأجمل محطات رحلاتي الطويلة والمتكررة؟‏‏

صنعنا ربيعَ سورية بتنوعنا واختلافنا الجميلين، ونقشنا محبتنا غيمةً تأتي وتروح في مشاويره ولم نعرف من قبل أحداً يقاتل الغيم أو يخشى المشاوير.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية