تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف يجتاز النظام العربي الإقليمي أزمته?!

شؤون سياسية
الخميس 21/6/2007
مصطفى انطاكي

(في حين تتجه دول العالم إلى التجمع والاتحاد والتكامل الاقتصادي, فقد أخفق النظام العربي الاقليمي في تحقيق درجة معتبرة على هذا الطريق,

وبدأت تشعر بعض البلدان العربية أن الطريق المنفرد لن يؤدي بها إلا إلى المزيد من الضعف والتبعية, وأنها إذا ما أرادت أن يكون لها صوت مسموع وأن يكون لها قرار فاعل في الأوساط الدولية فإنه يتعين عليها أن تتحد وأن تظهر كقوة موحدة تجاه التعامل مع القضايا الدولية الراهنة سياسياً واقتصادياً). أزمة النظام العربي الاقليمي وتطوير جامعة الدول العربية هو الإصدار الجديد للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية وهو عبارة عن حلقة نقاشية حررها د. منير الحمش الذي يؤكد أن النظام العربي الاقليمي بمرحلة دقيقة ومصيرية يتعرض فيها وجوده ومستقبله لمخاطر وتحديات عديدة.‏

وإذا كان النظام العربي حقيقة أعم وأشمل من جامعة الدول العربية, فإن الجامعة تظل من الناحية التنظيمية رمزاً لهذا النظام وهي الشكل التنظيمي الذي يعكس تطلعات ومصالح الدول المنضمة إليها لكنها بذات الوقت تعكس حالة الضعف والهشاشة التي يتسم بها النظام العربي, ويعود ذلك إلى مجموعة من المفارقات التي رافقت نشأة النظام العربي وتأسيس الجامعة العربية التي عاشت بدورها حالة تعكس تلك المفارقات والمتمثلة بظاهرتين:‏

الأولى: القومية العربية وتطلعاتها الوحدوية.‏

الثانية: الدول العربية وتمسكها بسيادتها الوطنية ودفاعها عن استقلالية وسيادة كياناتها القطرية القائمة.‏

وبعد تصاعد دور التكتلات الاقتصادية الدولية وبروز ظاهرة الشراكات والمناطق التجارية الحرة, وفي ضوء المتغيرات الدولية وقيام منظمة التجارة العالمية لجأ العديد من الدول العربية للانضمام إلى هذه المنظمات والشراكات مع تمسكها بعلاقاتها العربية.إلا أنه بعد الأحداث الأخيرة التي نجم عنها غزو العراق واحتلاله وبعد أن طرح الرئيس بوش رؤيته للمنطقة العربية(مشروع الشرق الأوسط الكبير, وإقامة منطقة تجارة حرة تربط الدول العربية بإسرائيل وأميركا) وما رافق ذلك من حملة شرسة على الوطن العربي وهويته وأمنه ووجوده فإن الأمر بات مختلفاً, إزاء ذلك برزت أسئلة وتحديات تبحث عن أجوبة وردود فاعلة.‏

هل انتهى النظام العربي الاقليمي? وهل المطلوب إعادة بناء هذا النظام على أسس جديدة? وهل ثمة مجال للنهوض والبدء بالإصلاح? وإذا كان ذلك ممكناً فهل يمتلك العرب القدرة والإرادة والإمكانيات والأدوات للبدء? ولماذا فشلت محاولات تطوير الجامعة العربية? وما سبل تطويرها انطلاقاً من مسؤوليتنا القومية?‏

إن المطالبة بتطوير الجامعة العربية ليس هدفاً بحد ذاته إنما هو مطلب جماعي من أجل تفعيل العمل العربي المشترك وتدعيم النظام العربي الاقليمي, وهذا أمر يحتاج إلى مواجهة حقيقية فالكشف عما هو مشترك وعملي يظل أفضل بكثير عن شعارات وأحلام الحد الأقصى المشترك بعيدة المنال, وهنا لا بد من استثارة فاعلية المصالح المشتركة وهذه المصالح ليست مادية اقتصادية فقط,وإنما هي مصالح قومية ثقافية اجتماعية أمنية على أن توضع في إطار الأهداف والمصالح القومية الاستراتيجية العليا, لذا والأمة العربية تعيش مرحلة تاريخية مصيرية هامة كهذه لا بد من العمل على مسارين معاً:‏

الأول: وقف التدهور في النظام العربي وتطوير الجامعة العربية.‏

الثاني: العمل على وقف الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المنطقة العربية ومواجهة المشروعات المشبوهة بإرادة عربية واحدة واستنفار الجماهير العربية لأنها الحاضنة الأمينة لهذه المهمة, وهي الأقدر على الدفاع عن هويتها ووجودها. تخلل الحلقة النقاشية هذه بعض المداخلات شارك فيها مجموعة من الباحثين والمفكرين العرب:‏

> يجب المحافظة على الجامعة العربية رغم كل المثالب مع التأكيد على تطويرها, فالعيب في عدم التطوير حتى الآن يكمن في انتقاء الإرادة السياسية غير الموجودة حيث كل دولة عربية تبني مواقفها على مصالحها وليس على المصالح القومية.‏

> المشكلة بالجامعة العربية جملة أمور منها( تطوير الميثاق وكل مؤسساتها والمنظمات التابعة لها, الالتزام بقرارات الجامعة مع توفير آليات لمراقبة التنفيذ ومتابعته, لا بد من إدخال مؤتمرات القمة في نظام الجامعة نفسه, إعادة النظر بعلاقة الجامعة بالمنظمات المتخصصة: التربية, الثقافة, العمل,الاقتصاد, الصحة).‏

> نريد لهذه الجامعة أن تحافظ على وظائفها القومية التاريخية التي لم يعد مسموحاً لها أن تحافظ عليها من قبل النظام العالمي خاصة ما يتعلق بالقضايا العربية وفي مقدمتها مسألة الصراع العربي- الإسرائيلي.. والغزو الأميركي للعراق والمحافظة على وحدة شمل العرب.‏

> نحن إذن أمام مشكلة كيف نستطيع أن نحافظ على وحدة وتعاون وتكامل 22 دولة عربية إذ ليس هناك إيمان بمصير العمل العربي المشترك, التعاون والتنسيق بين الدول يكون على اقتناع وليس على نصوص, لا بد من بذل جهود مكثفة باتجاه فتح الباب أمام المشاركة في صنع القرار السياسي, ومعالجة قضايا الشأن العام في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها في عملية تحديث شاملة في ضوء المتغيرات الدولية الراهنة, لقد كانت جامعة الدول العربية أسيرة عاملين هما:‏

الأول: ميثاقها والاتفاقات الأخرى المعقودة بين الدول المنضمة إليها.‏

الثاني: الخلافات العربية- العربية التي قد تصل إلى حد التناقض بين الأنظمة العربية المختلفة. وبناءً على ذلك فقد تفرع عن هذين العاملين عدد آخر من المسائل:(عدم وجود استراتيجية تجمع بين الفكر السياسي والممارسة السياسية, ارتباط النظام العربي الاقليمي بشبكة معقدة من أنماط التفاعلات الرسمية وغير الرسمية وليست الجامعة العربية سوى أحد الخيوط في هذه الشبكة, حرص ميثاق الجامعة على القرار القطري وتأكيد استقلال الدول الأعضاء, وموقف الجامعة العربية من بعض الدول العربية التي وقعت معاهدات واتفاقات مع إسرائيل رغم أنها منذ قيامها اعتبرت القضية الفلسطينية محور اهتمامها الرئيس في إطارها القومي, ايجاد نظرة جديدة لمسألة السيادة الوطنية للتوفيق بينها وبين المصالح القومية , والسيادة القومية, إعادة النظر بمشاريع الإصلاح العربية المطروحة) إن الشارع العربي يطالب اليوم بعمل عربي مشترك لأن الأمة لم تكن في التاريخ الحديث مغيبة خاصة أن هذه المرحلة تتعرض لهجمات داخلية وخارجية تتناول أصل وجود النظام العربي والقومية العربية, والمصير العربي المشترك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية