تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لبنى أرسلان في لوحاتها الأحدث.. أداء واقعــي بتدرجــات لونيــة خاصــة

ثقافة
الثلاثاء 14-6-2016
أديب مخزوم

تطرح لوحات الفنانة التشكيلية لبنى أرسلان جماليات التعامل مع الوجوه « البورتريه» والمرأة والزهور والأشكال الصامتة والمشاهد الأخرى، مع اتجاه لإعطاء اللوحة الواقعية، مواصفات العمل الفني، القادر على منح اللوحة تجليات متجددة ومسايرة لمعطيات الزمن المعاصر،

رغم اهتمامها واتجاهها لإضفاء الدقة في معالجة عناصر اللوحة، ولا سيما في ملامح الوجوه وتعابير العيون، واهتمامها بإظهار تدرجات اللون، بطريقة تحقق الناحية الأسلوبية، الناتجة عن حالات الصدق في الرسم والتلوين معاً.‏

نجول مع لوحات لبنى، فنجدها تبحث عن شاعرية في التعبير، وشاعرية في الوجوه والأجساد. وفي إطار هذه الشاعرية البصرية، تعمل على تقديم لوحتها الفنية الجمالية، القائمة على جمالية التقاط إيقاعات الضوء المتدرج نحو العتمة بمزيد من الصبر والجلد والدراسة والتأني في رسم التفاصيل.‏

بعيداً عن معطيات الصورة‏

وهذا يعني انها تمتلك القدرة على رفد المشهد التصويري الواقعي بمناخات جديدة وخاصة بها، والوصول إلى الرؤى الجمالية، ضمن أطر مغايرة للأنماط المألوفة والشائعة والمطروحة، على الأقل في قدرتها على تحقق الناحية الاسلوبية، على الصعيدين التكويني والتلويني، في لوحتها الواقعية والحديثة في آن واحد.‏

فاللوحة الواقعية تحتاج إلى عناصر معينة للوصول إلى الحالة الخاصة، وهذه الميزة نجدها في لوحاتها، وذلك بابتعادها عن المنطلق التسجيلي البارد، وتركيزها لإبراز لحظويتها التعبيرية، في عناصرها التفصيلية. وعلى هذا تظهر المرأة - على سبيل المثال - بحيويتها ورشاقتها، كرحلة حلم في فضاء اللوحة، لأنها تعكس التفاصيل وعناصر التناسب والحركات الخفية والعلنية للضوء، الذي يتوازى مع الطرب الإيقاعي البصري.‏

وهذا يعني أنها، في لوحاتها الواقعية، تبتعد عن الاسلوب التصويري التقليدي، الذي يستسلم لواقعية الصورة الفوتوغرافية، وبذلك فهي تحقق الأسلوبية والعنصر الذاتي والصدق في الأداء التكويني والتلويني، وتصل إلى التأليف الفني، الذي يبرز إيقاعات الأشكال المضيئة في مدى أو فراغ اللوحة.‏

المرأة السورية‏

ولم تكتف لبنى أرسلان بتصوير الوجوه والمرأة بملامحها المحلية، بل آمنت بأن الفن هو الطريق المفتوح، الذ ي يحقق رغبتها في تجاوز الصورة الواقعية الى فضاءات ورحاب اسلوبية أوسع وأرحب. كأن شيئاً في داخلها يرفض اتزان الاستقرار، فانطلقت نحو البحث والاختبار باحثة من خلال لوحاتها، عن الغرابة والخيال وشاعرية الحلم.‏

هكذا تستعيد ملامح وتعابير الوجوه أو البورتريهات وغيرها، وتبرز قيمتها الفنية، رغم واقعيتها المفرطة في دقتها ونمنمتها التفصيلية، كونها لا تقع في السهولة وإنما تعكس جمالية ممهورة بمهارة فنانة تعرف كيف تلتقط الزوايا المناسبة الأكثر حيوية وشاعرية وجمالية. كأن اللوحة الواقعية الممهورة بإمضاء لبنى أرسلان هي لوحة تلامس ملامح الرسم والتكوين الرومانسي، حيث تتجه من خلال طريقتها الخاصة في وضع اللون الى شاعرية الحلم. لوحات فنية تثير الحنان، وتشكل استراحة رومانسية لمصورة اختبرت أسرار التقنيات وجهدت لاقتناص لقطات خاطفة من حلم الواقع (من خلال التركيز على رسم المرأة السورية بملامحها وتعابيرها ولباسها) وبالتالي فهذه اللوحات، تعرف الأجانب على أجواء حياة وحضارة مغايرة لمألوفهم ومشاهداتهم وعاداتهم.‏

والمرأة في لوحاتها تتلمس بهجة الحياة، بتعابير وجهها وبألوانها، رغم كل الأهوال والحروب، وكل أدوات الشر الموجودة في عالم اليوم اللاانساني. وهنا يطل الرسم الواقعي الحديث، ويبرز كإشارات تعبيرية، تضفي على الوجه قوة وحيوية، وتحوله مباشرة إلى صياغة مرتبطة بهموم حياتنا الراهنة، دون أن تقع في ظلام اليأس، حيث تمنح أشكالها ومناخاتها اللونية فسحة أمل وتفاؤل وقدرة على الانبعاث.‏

ولبنى أرسلان على هذا الأساس تقدم أنموذجاً لفن واقعي، ينأى عن المفهوم العام في إنجاز اللوحة الواقعية، وهذه ميزة من مميزات العمل بمسؤولية لافتة، حيث تدرس المساحات اللونية والأشكال والمادة، التي تعمل عليها للوصول إلى درجة من التوازن التكويني والتشكيل اللوني، اللذين تبدو فيهما أكثر تحكماً وثقةً في بناء اللوحة القائمة على دراسة متانية وخبرة تقنية، تصل من خلالها في نهاية الأمر، إلى عدة حالات وتجليات وجماليات.‏

facebook.com/adib.makhzoum‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية