تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العبث الأميركي

نافذة على حدث
الأربعاء15-6-2016
فؤاد الوادي

لا ينفك السلوك الأميركي بتلونه وغموضه المعهود عن إغراق نفسه أكثر فأكثر في متاهات الريبة والشك التي تتعمق وتتشعب وتتعقد وتبدو أكثر ظلمة وضياعاً مع كل موقف وتصريح يُقصد به المناورة والمراوغة التي تضيع البوصلة وتقضم المزيد من الوقت دون الاخذ بعين الاعتبار كارثية المشهد لجهة استمرار النزيف السوري،

ولجهة تنامي وحش الإرهاب وتمدده الى مختلف الجهات ووصوله الى قلب الولايات المتحدة التي صنعته ورعته والتي لا تزال من أشد المدافعين عن وجوده بشكل قد ينبئ بمرحلة أشد دموية وكارثية عنوانها الويلات والكوارث المروعة على الصعيد الإقليمي والدولي.‏

فالسياسة الاميركية التي تصر على الزيف والخداع والتلاعب بالألفاظ والشعارات الطنانة والرنانة، والتي تصر في ذات الوقت على تجاهل المتغيرات والحقائق المرتسمة على الأرض، باتت بمطلق الأحوال تشكل عبئاً على المشهد العام برمته كونها تُضاعف من فوضويته وبعثرته في وقت يحتاج فيه الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة والغرب المستفيد الأكبر من هذه الفوضى، إلى موقف جاد وحقيقي لكبح جماح الارهاب ووقف تقدمه ونموه بعد أن بات يشكل خطراً حقيقياً على العالم.‏

صحيح أن دبلوماسية الصوت العالي التي تنتهجها وتمارسها الولايات المتحدة مع كل تطور أو متغير على الأرض لخلق مزيد من الصخب والشغب والضجيج بهدف إضاعة البوصلة.. صحيح أن تلك السياسة لطالما أنقذتها من عنق الزجاجة ، لكنها بالمؤكد وبحسب المعطيات الميدانية والدولية الجديدة لاسيما بعد حادث اورلاندو، وإذا ما أضيفت إليها التجارب الكثيرة السابقة المحتشدة خلف العناوين وبين التفاصيل ستضاعف بعد الان من أزمتها وستراكم من فشلها وعجزها المفرط عن تحقيق أي تقدم في مشروعها، رغم كل ذلك التصعيد الهستيري المجنون على مختلف الجبهات وستؤدي بشكل حتمي لدفعها الى عمق الزجاجة بدلا من خارجها.‏

يبدو أن العبث الأميركي وقد بات حالة مرضية مستعصية سيحافظ على حضوره وبزخم كبير خلال المرحلة القادمة، انطلاقا من كونه لما يزل يحافظ على فوضوية المشهد الذي يُمكن الإدارة الأميركية الحالية أو المقبلة من إتمام وإكمال طبختها التدميرية للمنطقة على نار هادئة، دون أن تدرك الأخيرة أن تلك نيران الإرهاب التي طاولتها ألسنتها في اورلاندو يمكن أن تأتي في أي لحظة على ما تبقى من المشروع الأميركي في المنطقة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية