تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأهل ومسؤوليتهم عن تحصين أبنائهم من الإحباط

مجتمع
الأحد 4-10-2015
فردوس دياب

يدأب الكثير من الأهل في هذه الظروف العصيبة التي يجتاحها الوطن ودون قصد أحيانا على جعل التشاؤم والإحباط وجبتهم اليومية التي ربما تتكرر خلال اليوم أكثر من مرة ودون مناسبة إلا من اجل التسلية وملء الفراغ.

وجبات مسمومة ..‏

وهو الأمر الذي يؤدي إلى نقل سموم تلك (الوجبات الجاهزة) من الإحباط و التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم في جسد المجتمع وتنتقل من بيت إلى بيت مع تباين واختلاف الوجع والحزن من أسرة إلى اسرة، وهنا تكمن المفارقة حيث تجد الأسر التي اجتاحها الوجع والألم ولفها من كل حدب وصوب صابرة وصامدة ومستعدة لتقديم المزيد من التضحية والفداء للوطن، فيما تجد الكثير من الأسر التي لم تتأثر كثيرا بظروف الحرب والتي لم تذق الوجع ولم تشعر به إلا سماعا ومشاهدة تواظب على تناول وجبات اليأس والإحباط وإطعامها عنوة وبشكل إجباري لأفراد العائلة الذين ما يلبثون أن يقعوا فريسة سهلة لتلك السموم، خاصة إذا كانوا أطفالا صغارا لم يتحصنوا بعد بقيم ومبادئ الوطن التي يبدو أن أهليهم أيضا لم يتحصنوا بكثيرها أيضا.‏

مثال يحتذى..‏

أمهات الشهداء اللائي يتوزعن على مساحات الوطن هن بلا شك مثال يحتذى لكل الأمهات السوريات كونهن لا يزلن صابرات وصامدات في الخطوط الأولى مع بواسل جيشنا بمواجهة الإرهاب، وهن انطلاقا من ذلك يجب أن يكن على الدوام نبراسا يضيء الطريق لكل أم قد داهمها الإحباط على حين غرة، كما يجب أن تكون أمهات الشهداء أنموذجا ومثالا يحتذى لكل الأمهات اللائي بدأن بإرضاع أطفالهن مختلف مشاعر اليأس والاستسلام والتشاؤم بدلا من إرضاعهن الصبر والصمود والشجاعة وقيم الوطن ومبادئه العريقة والنبيلة كما تفعل ام الشهيد التي تواظب صباح مساء على إرضاع وإطعام ماتبقى من أولادها تلك القيم والمبادئ لتهبهم للوطن عندما يناديهم الواجب.‏

حشو غير مسؤول..‏

إن ما يشاهده ويسمعه ويتعلمه الأطفال من أهليهم يشكل قاعدة أساسية في بناء ونمو تفكيرهم و تبلور شخصيتهم وسلوكهم الذي يتلون ويصطبغ بحسب ما يضفيه الأهل على أبنائهم من أخلاق وقيم نبيلة ورفيعة تحاكي حب الوطن والتضحية فداء له بالغالي والرخيص، وهو ما يوجب على الأهل ضرورة الانتباه بشكل جيد إلى ما يمكن تسميته حشوا غير مسؤول في عقول ومشاعر أبنائهم كونهم المتأثر الأسرع والأبرز لكل ما يجري ويحصل ولكل ما يشاهدونه ويسمعونه سواء داخل الأسرة أو خارجها، مع ملاحظة أنهم الحلقة الأضعف في المجتمع لعدم قدرتهم على التحكم بمشاعرهم وأحاسيسهم، لجهة عدم كبح جماحها عندما تتعدى حدودها على عكس أهليهم الذين يظنون أن تلك الكلمات التي يطلقونها ستمر مرور الكرام عند أبنائهم متجاهلين أنها قد تكون في شدتها وحدتها كالرصاصة التي تغير مصير الابن وحياته.‏

فكثير من الأبناء الذين انتقلت عدوى الإحباط إليهم من ذويهم تجدهم قد دخلوا منعطفا خطيرا في حياتهم وسلوكهم قد يبدأ من الانعزالية ورفض الاخر والبحث عن مخرج ومنفذ، و لا ينتهي بهم إلا بشتى الأمراض النفسية التي قد تودي به وبأسرته إلى التهلكة.‏

رفع المعنويات ..‏

ما نخلص القول إليه أنه يتوجب على جميع السوريين في هذه الظروف الاستثنائية التي يجب أن تشكل اختبارا وتحديا حقيقيا لوطنيتهم وصمودهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وقدرتهم على الصمود والتجدد والبقاء والحياة والمستقبل.. يتوجب عليهم أن يبتعدوا عن بث ونشر مشاعر الإحباط واليأس فيما بينهم من جهة وبين أفراد أسرهم وخاصة الأطفال الصغار من جهة أخرى لما ذلك من تأثيرات سلبية وكارثية على نفسيتهم وسلوكهم وحياتهم عموما، والعمل بدلا من ذلك على رفع معنوياتهم من خلال تحصينهم بشتى الأخلاق والقيم والمبادئ الحميدة والنبيلة التي تنشطهم وتجدد حياتهم وثقتهم بالمستقبل، مستندين في ذلك على ذلك الإرث الطويل من الحضارة والتاريخ والقيم والمبادئ الذي يمتلكه الشعب السوري الضاربة جذوره في عمق التاريخ وصاحب الحضارات والأبجديات الأولى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية