تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


انتصار سورية.. ليس منة من أحد

إضاءات
الأحد 4-10-2015
سلوى خليل الأمين

وتبقين يا سورية شعلة الضوء، وسوار العقيق،  ومرجل الغضب الذي يضرب صدى الأرياح العاتيات التي أتتك من كل حدب وصوب.

تبقين يا سورية رقصة السيف التي تعانق جبل قاسيون وتلالك السمر وبواديك المتأهبة لصيد الثعالب الذين ظنوا أنهم سباع البر والبحر ومجرات السماء.‏

تبقين يا سورية كلام المجد في الكتب وراية النصر الخفاقة على مدى العصور المظللة مناراتك الضاجة بالحياة رغم كيد المعتدين الشياطين اللئام.‏

فأنت.. أنت.. يا سورية.. الهامة الشامخة إلى حدود السموات السبع الطباق، الذي ما تجرأ عدو على دك أسوارك إلا وتاه في ممراتك وحاراتك المحمية بشموخ فوارسها البواسل  وصمودهم الجبار الصارخ في كل حين: نحن أبناء سورية.. لا نزال هنا.. نصد صراصير القارات عن أضواء مدائننا وقرانا وتاريخنا.. ونرفع ضوء الشمس، صحوة أمل بالغد المشرق الذي صنعناه بأيدينا وقلوبنا وضمائرنا، حلم عربي الهوى والانتماء، لن يمحى ولن يزول، ما دام التاريخ كتب، ويكتب، وسيكتب  أن سورية قلب العروبة بامتياز، وأن انتصارها ليس منة من أحد.‏

هو العيد يا سورية.. عيدان، عيد الأضحى والتضحيات.. عيد البطولة والفداء.. عيد التجلي وطيب الشجر  ورائحة الياسمين ونبض الأطفال التي غرقت أجسادهم بالدماء المبللة بعشق الأرض، التي إليها رفعوا الحب شعاعاً ونبضاً، والانتماء فخراً، والصمود راية انتصار. وعيد الانتصار المتوجه إليك على أحصنة بيضاء رفعت الشمس كوكباً يظللك بعد طول انحسار.‏

حاولوا وحاولوا منذ خمس سنوات وأكثر أن يرسموا الخضوع درباً إلى محاراتك اللؤلؤية، وقلبك النابض بالحياة،وضميرك المجلل بالوفاء للأرض والعرض والشرف والكرامات، وما استطاعوا إليك سبيلاً، وها هم اليوم يتبارون في إعلان الوفاء لقائدك الحكيم الشجاع، القابض على الجمر، الرافع مجد سورية على مهاد قلبه وضميره وبواطن كفيه، ريحاً تدك عقولهم وضمائرهم بآيات الاعتذار.‏

لقد ظنوا سورية، أرض الشرائع، ودرب بولس الرسول، العصية على الاختراق، أنها لقمة سائغة يبلعونها بسهولة، بعد أن يمضغوها بلذة المشتهي إلى طعام طيب المذاق، وما دروا أن دروب سورية مقبرة للغزاة الطامعين بمجدها وتراثها وإرثها العريق، والتاريخ هنا هو الحكم، لمن يقرأ فصوله وعناوينه، ويستوعب مضامينه، ولا يعتلي صخرة الانتظار، فسورية عصية على الخضوع الذي كان هدفهم المرتجى.. فاليوم  ونحن نشهد، والعالم كله يشهد، هرولة دول الاستكبار العالمي لخطب ود سورية وودادها، والتنافس من ثم على أخذ مشاريع إعمارها بعد تدمير مرعب ومجرم وحقود وغدار، والتماهي مع مسار رئيسها وقائدها البشار الأسد الجسور، وسلطته المستمدة من الشعب المؤمن بحكمته ومقدرته المتآلفة مع الصبر والإيمان، لن يكون باستطاعته بعد اليوم، سوى الركوع على عتبات فجرك سورية المغطس بندى التضحيات الجسام طالبا الغفران والسماح، لأن انتصارك ليس هدية من أحد، بل هو أغراس الوطنية الصلبة التي طاولت أعناق السماء، وشدو عروبة تجلت على متون الدهور راية فخر واعتزاز، ومحتد متجذر في عمق الأرض مفاهيم صمود وتصد لكل عدو غاشم، ظن أن باستطاعته تدنيس ترابك البكر النظيف، وإخضاع بنيك الحاملين زمام أفراسهم شهوة حياة على مدى الأدهار لك  سورية أنت الحاضنة بحب أشعة الشمس ونور القمر وأغمار من نثار الورد والياسمين ترشّينها زينة انتصار على أسوار دمشق وحلب وحمص ودرعا واللاذقية وجسر الشغور وتدمر والزبداني وحمص وادلب وكل دسكرة وقرية ومدينة تتعطر بعبير الندى الندي، والصمود  المتأنق، وسط أشلاء الدخان المتصاعد من نيران عصاباتهم الإرهابية  وعقولهم وضمائرهم السوداء.‏

 لهذا.. أنت اليوم يا سورية تجففين حزمة من دموع أمهات الشهداء والأبطال الذين عاهدوك على الوفاء والتضحيات كما عاهدتهم على جعلهم الأمثولة المشرقة للصمود والوفاء، لهذا ستبقى أسماؤهم مشعة في ضمائر الأحرار أحرفا من نور وضياء، تدخل صحائف التاريخ من دون استئذان، لأنها هي التي سطرت مجد العرب الجديد الذي لن يذر في مهب الريح، مهما استبد الطامعون والحاقدون وشياطين الغفلة في الليالي الهوجاء.‏

في عيد الأضحى والتضحيات أنحني أمام  شهدائك سورية المكللة أرواحهم بغار النصر الذي صنعوه بدمائهم الزكية الطاهرة، والذين هم أحياء عند ربهم يرزقون، وأن أرفع قولي إليهم : لن ينهزم وطن يعرف معنى البطولات، ولن تندثر أمة تعرف معنى الصمود والتصدي وعدم الإذعان  والخضوع، فأنتم تاريخ سورية الذي كتب بأحرف من نور إلهي.   ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية