تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تداعيات استقلال كوسوفو على القارة الأوروبية

شؤون سياسية
الاربعاء 12/3/2008
حكمت العلي

تُلقي مسألة استقلال إقليم كوسوفو عن صربيا من جانبٍ واحد بمنعكساتها الخطيرة ليس على منطقة البلقان فحسب, بل ستطول تداعياتها القارة الأوروبية برمتها بحسب ما يفيد المراقبون.

الأمر الذي دفع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) للتحذير من مخاطر هذه الخطوة, معتبراً إياها, بأنها ستساعد وتشجع على ظهور مئة دولة جديدة في العقود القادمة. ودفعت أيضاً الرئيس التشيكي (فلاكلاف كلاوس) للقول إن نتائجها ستكون لها عواقب غير مسبوقة على القارة الأوروبية, لأن هذا الاستقلال, قد يشجع أجزاءً أخرى من دول أوروبية للمطالبة باستقلالها وانفصالها عن دولها الأصلية. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة قد تخلق حالة من عدم الاستقرار والتوتر في أوروبا التي تنعم بالهدوء منذ قرابة ستين عاماً. حيث ستتزايد النزاعات الانفصالية على أساس عرقي وديني في دولٍ كبلغاريا وإيطاليا. وفي إقليمي أبخازيا وأوسيتيا اللذين يطالبان بالاستقلال عن جورجيا. وتنامي ظهور الانقسام بين الشعوب السلافية عن باقي القارة الأوروبية وكذلك الأمر في قبرص وإسبانيا التي تعاني من حركات انفصالية في إقليم الباسك وإقليم كاتالونيا, وقد يطول التوتر دولاً أخرى كاليونان وسلوفاكيا ورومانيا بفعل تعدد الديانات والاثنيات. وذلك ما قد يجعل قيادة الاتحاد الأوروبي في حالة انقسام نتيجة تعدد الرؤى وتشابك المصالح حيال رؤية كل دولة فيه لضرر هذا الانفصال أو ذاك. فبعض هذه الدول قد ترى في انفصال هذا الإقليم عن بلد معين, أمراً إيجابياً أو (حالة استثنائية) كما ترى غالبية الدول الغربية حالياً في مسألة استقلال كوسوفو عن جمهورية صربيا. في حين ترى كل من إسبانيا واليونان وبلغاريا ورومانيا وقبرص بأنها مسألة بالغة الخطورة حتى إنها لم تعترف بهذا الاستقلال كدولة ناجزة وجديدة. ناهيك عن زيادة التوتر ما بين صربيا و الدول الغربية بعدما كانت موالية لها, حيث أعلن الرئيس الصربي عدم اعتراف صربيا باستقلال الإقليم, وأن بلاده ستعيد النظر بمجمل علاقاتها مع البلدان التي شجعت واعترفت باستقلال كوسوفو, معتبراً ذلك انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية.‏

وسوف ينعكس استقلال كوسوفو- بحسب المراقبين- على العلاقات الروسية- الأميركية بحيث ستزداد توتراً وحدة, ,خاصة مع تزايد الجدل حول موضوع الدرع الصاروخي الذي تنوي واشنطن نشره في كلٍ من تشيكيا وبولندا الواقعتين ضمن المجال الاستراتيجي لروسيا. وبالفعل بدأت الاتهامات الكلامية الحادة, تتزايد بين البلدين فقد ردت الخارجية الروسية على تصريح نيكولاس بيرنز, مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الذي وصف الموقف الروسي من حلف كوسوفو (بالاستخفاف), ردت روسيا بأن الدعم الأميركي لألبان كوسوفو دليل على (الوقاحة الفاضحة) و (اللامبالاة). وكان بوتين وجه تحذيراً لحلف الناتو الذي ينوي إدخال قوات (للحماية) إلى هذا الإقليم. بأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك, ما يعني أن الأزمة قد تخرج من حيز الاتهامات والتراشق بالعبارات إلى مرحلة من التصادم والمواجهة بين المعسكر الذي تتزعمه روسيا, والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية, وأدارت الأمم المتحدة شؤون الإقليم بعد الحرب التي دارت رحاها في الفترة 1998 - .1999‏

إن مسألة استقلال الإقليم سوف تكون لها تداعيات قد تؤثر على الأحداث في منطقة البلقان والقارة الأوروبية, وخاصة في ضوء التحذيرات من التدخلات الأميركية التي تريد صب الزيت على النار, وافتعال الأزمات وتأجيج بؤر التوتر من أجل الاستفادة من الخلافات والصراعات, لتسويغ تدخلها في شؤون الدول الأخرى, لتغطية مصالحها ومآربها التوسعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية