تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمة دمشق و الأمن القومي العربي

شؤون سياسية
الاربعاء 12/3/2008
محمد كشك

ولقد ظلت سورية العربية-عبر تاريخها-ولا تزال تحمل هم الأمن القومي العربي,منطلقة من ثوابتها ولإيمانها بجدوى العمل المشترك في مواجهة التحديات الجسيمة والأزمات التي تمر بها الأمة العربية,لا فرق لديها بين الشعوب والأوطان العربية مهما تباعدت المسافات وازدادت الخلافات,

فكلنا كيان واحد يجمعنا مصير وهدف واحد.‏

لهذا فهي حريصة كل الحرص على تعاون عربي فاعل من خلال قمة التضامن في دمشق,إن أمننا القومي يتهدده خطر محدق يتمثل في الصهيونية وحلفائها وهو خطر يستهدف وجودنا في كافة أرجاء وطننا,وهذه حقيقة يجب ألا تغيب أو تمحى عن ذاكرتنا أو واقعنا جراء بريق وأحابيل الدعاية الصهيونية وبعض السياسات الخاطئة التي لم تجن منها منطقتنا العربية سوى الدمار والاحتلال والضم وتجاهل الحقوق,حيث استسهل أعداؤنا قهرنا وفعل ما يحلو لهم بنا,منتهزين بذلك تفككنا وانقسامنا,علماً بأن عالم اليوم الذي يتجه نحو سياسة التفكك والتكامل,لا مكان فيه للكيانات المنقسمة والصغيرة, كذلك من المسائل المتصلة بالأمن القومي العربي,إن الفجوة النووية مع اسرائيل في تصاعد مع غياب الآلية العربية المشتركة للتصدي لهذا الخطر على حاضر ومستقبل الأمة,وهو خطر سيبقى ماثلاً مع عجز المساعي الرامية لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية,وذلك بسبب رفض اسرائيل التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ورفضها وضع منشآتها النووية تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية..‏

ومن القضايا ذات الآثار المدمرة للمنطقة ظاهرة الإرهاب في مفهوم القطبية الأحادية,وهذه القطبية التي توجد الأرضية لبزوغ وتعزيز الظاهرة غير الإنسانية للإرهاب,ومن هنا فإن الحل الجذري لإزالة هذه الظاهرة-وفق العديد من الدراسات والتحليل-لا يأتي إلا عبر دحر التمييز واللاعدالة في النظام الدولي وعدم استخدام العنف وكذلك الابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ونهايتها دحر كل السياسات المزدوجة والانتقائية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية,كما أنه ومن الضروري أيضاً وبالتعاون بين البلدان في العالم الوصول إلى تعريف شامل وجامع عن الإرهاب -وفي الأذهان المبادرات السورية في هذا المجال-حتى لايتم تفسير الدفاع المشروع عن النفس استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة بالإرهاب.‏

إن زعم انتساب العنف وأعمال العنف والإرهاب إلى الأديان السماوية العظمى, ما هو إلا تحريف واضح وسافر بمبادىء وأسس سامية تحمل في مضامينها السلام والسماحة والتساهل,وما هو إلا اعتداء على الوجدان الديني والأخلاقي,إن الطريق الأمثل لحفظ السلام والأمن الإقليمي والعالمي هو إحلال مبدأ الحوار والتفاهم محل أعمال الغطرسة والعنف,ومن خلال مأسسة هذا الأمر يتم إيجاد معنويات وذهنيات تقبل التنوع والتعدد والارتقاء بالتسامح والمفاهيم التي من خلالها التسامي بالأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة والعالم..‏

وفي ضوء كل ما تقدم يجب على قادة العرب التحرك العاجل والسريع وفعل كل ما من شأنه أن يثبت أن أمتنا العربية قادرة على صياغة موقف عربي جماعي قادر على حل المشكلات بين الدول العربية..ولا سيما أن هذه الأمة تملك كل عناصر الوحدة والقوة,من بشرية واقتصادية واستراتيجية .‏

وما التضامن العربي,إلا عنصر مهم من عناصر وحدة الأمة العربية وقوتها وازدهارها,وهو أقوى الأسلحة وأمضاها في معالجة كل انقسامات ومشكلات الدول العربية مهما كانت مستعصية,ومن أجل أن يتحقق كل هذا لابد من إعادة اللحمة إلى كيان الأمة من خلال التجسيد الصادق للأخوة العربيه والتعاون الفعال.‏

إن قمة دمشق هي الأمل لتحقيق الحلم العربي المشترك, وفي صياغة واقع عربي جديد قادر على التصدي لجميع القضايا المصيرية من خلال رؤية عربية موحدة بعيدة عن أصابع التدخل الأجنبي.‏

كاتب سوداني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية