|
دراسات التدخل الأمريكي الذي أصبح سمة عامة للسياسة الأمريكية الخارجية استهدف بشكل فعلي ثاني أبرز أعدائها في القارة اللاتينية وهو إيفو مورا ليس الزعيم البوليفي ذو الجذور الفلاحية الفقيرة والمدافع عن حقوق المظلومين والمحرومين في بلاده شأنه شأن ما تعتبره واشنطن عدوها الأول في هذه القارة الرئيس الفنزويلي أوغو شافيز.. الدعم الأمريكي للعصابات المسلحة في أماكن التمرد ببوليفيا وخاصة في إقليم باندو شمالي البلاد أدى إلى خلق حالة من الفوضى والعنف والاقتتال مع الفلاحين والمزارعين البسطاء الذين يؤيدون الاصلاحات الاشتراكية لحكومة إيفو مورا ليس. حيث أدى دعم واشنطن المشبوه لقطاع الطرق وكبار الملاكين إلى اقتتال أبناء الإقليم الواحد والعشيرة الواحدة ناهيك عن التأجيج الأمريكي للصراع الأثني بغية التأثير على استقرار البلاد وأمنها. ما استدعى بالرئيس موراليس إلى فرض حالة الطوارىء على بعض المناطق ولكن هذا الأمر لم يوقف مضاعفة العصابات المسلحة لهجماتها على المواطنين وقوات الأمن وبخاصة في شمالي البلاد وقامت بالاستيلاء على المباني ونهب الممتلكات العامة والخاصة للمواطنين البوليفيين الفقراء. وكشفت مصادر متعددة أن قرار موراليس بطرد السفير الأمريكي كان على خلفية تدخل الأخير ودعمه لحركات التمرد في خمس مناطق تسيطر عليها المعارضة بحجة رفض مشروع لدستور جديد للبلاد, وقام السفير الأمريكي بتقديم الأموال لزعماء المتمردين لبدء أعمال العنف وتأجيجها لاحقاً, وتريد واشنطن من خلال استغلالها لهذه الأزمة التدخل في الشؤون الداخلية لبوليفيا لمنعها من إكمال حركتها باتجاه التحرر والتطور والاستقلال الناجز عبر الدخول عميقاً في تأجيج الأزمة من خلال استغلال حالة التعدد الأثني في هذا البلد وفرض حالة من الانقسام بين أنصار رئيس الدولة ومعظمهم مزارعون فقراء من قبائل الهنود الأنديز السكان الأصليين للبلاد وبين السكان البيض الذين يعيشون في السهول الشرقية والجنوب حيث تتركز الأراضي الخصبة والغنية بمواد الطاقة. مورا ليس وأنصاره يحاولون الدفاع عن حالة التغيير الشاملة التي تشهدها البلاد والتي يحاول الانقلابيون الوقوف ضدها لأنها تؤثر على مصالحهم الكبيرة التي لطالما استأثروا بها على حساب الشعب البوليفي الذي تقبع أغلبيته تحت عوز الفقر والدخل المتدني واستئثار البعض على معظم إيرادات الثروات ومصادر الدخل في البلاد. الحالة الديمقراطية التي تحاول بوليفيا الوصول إليها عبر مورا ليس لاتروق لمصالح واشنطن في هذه المنطقة التي تريد فيها أن يبقى حلفاؤها هم أصحاب الكلمة الأولى في هذا البلد شأنها في ذلك شأن كل الدول في أمريكا اللاتينية والتي تحاول واشنطن التدخل في شؤونها تحت أغطية وشعارات مختلفة, وخاصة فنزويلا و بوليفيا حيث ظهرت أيضاً بوادر انزعاج من التدخلات الأمريكية في كل من الهندوراس التي رفضت اعتماد أوراق السفير الأمريكي الجديد مؤخراً والأرجنتين والبرازيل وغيرها.. وبالرغم من بوادر الانفراج في هذه الأزمة التي لاحت في الأفق عبر توقيع اتفاق لوقف أعمال العنف وعودة الأوضاع إلى حالها في المناطق الخمس المتوترة دون إراقة مزيد من الدماء وإحلال السلام فيها إلا أن حكام المناطق المتمردة يرفعون من سقف مطالبهم بالاستقواء بدعم واشنطن لهم حيث هددوا بقطع الحوار نهائياً إذا لم يوقف الجيش عملياته في الوقت الذي يقومون فيه بأعمال النهب والسلب بحق المزارعين والخروج عن سلطة لاباز المركزية. كراكاس سارعت على لسان أوغو شافيز لتأكيد دعمها لنضال الشعب البوليفي ضد (الامبراطورية الأمريكية) مؤكداً أنه لن يبقى مكتوف الأيدي في حال طلب منه موراليس التدخل. إن كل ذلك يدل على الدور الأمريكي المشبوه في تأجيج الصراعات في العالم سواء بين الدول كما حدث مؤخراً بين روسيا وجورجيا أو على مستوى الوضع الداخلي للدول التي لا تتوافق مع مصالح واشنطن وتخضع لإملاءاتها كما هي الآن بوليفيا مورا ليس!. |
|