|
دراسات ما يدفع العالم بأجمعه إلى حافة الانفجار عوضاً عن العمل الجماعي لدفعه نحو الاستقرار والسلام والأمن , جاء عقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي يعتبر بكل المقاييس عودة لرأب الصدع العربي والانتقال إلى مرحلة جديدة مبشرة عنوانها إحياء التضامن العربي. يدرك جميع العرب شعباً وحكومات حيويته وأهميته في معالجة القضايا العربية الشائكة التي تحتاج إلى قدر عال من المسؤولية والغيرية على هذه القضايا التي يتوقف على وحدة الكلمة العربية تجاهها مصير العرب ومكانتهم ودورهم في عالم يعج بالتآمر الاستعماري والصهيوني والأميركي على وجه الخصوص ضد مصالح العرب العادلة بدءاً من قضية فلسطين والعراق والسودان ولبنان وغيرها, والتي لا يمكن حمايتها والمحافظة على الحقوق العربية دون توحيد الصف العربي وتطويره إلى أعلى المستويات, وهذا ما وجد تجلياته الملموسة في القرارات المتخذة من قبل ممثلي الدبلوماسية العربية في القاهرة في إطار اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء, لقد تميز هذا الاجتماع أنه عكس إرادة الشعب العربي في مواجهة موحدة لما يحاك ضد العرب من مؤامرات ضد هذا البلد العربي أوذاك, فأجمعوا على رفض قانون محاسبة سورية الجائر مطالبين الولايات المتحدة بإعادة النظر بهذا القانون الذي أصدرته لصالح إسرائيل والكف عن الاستمرار في فرض الحصار المفروض على الطيران المدني السوري والسوداني , لأن مثل هذه السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل لن تساعد على تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط, كما أنه مس خطير بالمصالح العربية. واتخذ مجلس الجامعة قرارات ذات صفة استراتيجية بهدف إزالة جميع العقبات التي تحول دون التوصل إلى حالة السلام العادل والشامل في المنطقة, ويكفي الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ليتحقق هذا الحلم الكبير, ولعل من أبرز المواقف المتميزة لاجتماع وزراء الخارجية العرب الموقف الموحد المتضامن مع السودان الشقيق الذي يتعرض اليوم إلى حملة غير مسبوقة تمس وحدته وسيادته واستقلاله, فالتضامن مع السودان يمنحه القوة لمواجهة المخططات الأميركية والإسرائيلية التي يحاول أعداء العرب الأميركيون والصهاينة تنفيذها عبر محكمة العدل الدولية واستخدامها كأداة سياسية للانتقاص من سيادة السودان ووحدة أراضيه وعرقلة مساعيه وخطواته المتخذة من قبل حكومته لإقرار الأمن والسلم والعدالة في دارفور المتفق عليها مع الأمين العام للجامعة العربية في 21 تموز الماضي. إن تضامن العرب مع السودان يعبر عن إدراك عميق بأن الحملة على السودان لا تنفصل عن التمييز ضد كل ما له صلة بالعرب, فالغضب الأميركي على السودان مرتبط بالصراع على ما يحتويه اقليم دارفور من ثروات غنية نفطية ولاسيما اليورانيوم خاصة بعد الاتفاق بين السودان والصين على التنقيب واستخراج الذهب الأسود, ولو حظيت الولايات المتحدة باتفاقيات وفق شروطها المجحفة بحق السودان لما دفعت محكمة الجنايات الدولية لاتخاذ إجراءات الاتهام ضد الرئيس عمر البشير الذي انطلق من مصلحة السودان واقليم دارفور الوطنية, وهدف الولايات المتحدة من حملتها الظالمة على السودان تكمن كما قالت المجلة الأميركية (وول ستريب جورنال) في 19 /6/2008 : إن المشكلة ليست ظلماً تعاني منه دارفور بل ضرورة ابتعاد السودان عن العالمين العربي والإسلامي?. وعلى الأغلب إن بعض الأقلام المشبوهة التي شاركت في الحملة على السودان لم تقرأ جيداً ما كتبه الخبير القانون البريطاني جوشوا روزنبرغ في (ديلي تلغراف) بتاريخ 19/7/2008 مطالباً باستقالة لوي مورينواوكامبو(المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية) بسبب عدم الكفاءة وخلط الأوراق وقال : ( إن أوكامبو ليس جديراً بتوجيه اتهام الرئيس البشير أو غيره). إن إعلان الاتهام بحق الرئيس البشير ليس إلا تمويهاً ومراوغة لإخفاء الهدف الحقيقي وهو تشجيع محاولة تغيير النظام بهدف سياسي وليس قضائياً ولا قانونياً واتهامات أوكامبو سياسية ترتدي قناع القضاء. إن تضامن العرب مع السودان سيساعد الحكومة السودانية في تطبيق خطتها لمعالجة مأساة دارفور ومشكلات السودان الأخرى ومواصلة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل التي أنهت الحرب الأهلية ووضعت أساساً لكي يتخطى السودان العقبات التي تحول دون تنفيذه لمشروعه الوطني العام, وسيساعد على المحافظة على وحدته وسيادته الوطنية, وهذا واجب قومي وواجب كل شريف محب للحرية والعدالة في العالم, كما اتفق العرب بمبادرة من قطر لعقد اجتماع عربي في الدوحة تضامناً مع السودان الشقيق. |
|