تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ديمقراطية الحديد والنار

معاً على الطريق
الخميس 18/9/2008
عبد النبي حجازي

مجانية الموت في العراق علمتنا ألا نموت( أحببت الافتتاح بهذه الكلمات المعبرة للصحفية الشهيدة (أطوار بهجت) تلك الشابة الشاعرة صاحبة ديوان (غوايات البنفسج) التي اغتالتها يد الغدر الأمريكية في الثاني والعشرين من شباط (فبراير) عام 2006 مع مجموعة من رفاقها أثناء تأديتهم واجبهم,

والذي ذكرني بها خبر أذيع في الأسبوع الفائت عن اختطاف مجموعة من الصحفيين في العراق والقضاء عليهم, كما ذكرني بالضحايا الإعلاميين في أفغانستان وفلسطين المحتلة, وقصف مكتب قناة (الجزيرة) في (كابول-أفغانستان) وقصف مكاتب أخرى في فلسطين المحتلة وبالذين حوكموا ولفقت بحقهم اتهامات باطلة, وبالذين زجوا في السجون المختلفة مثل (غوانتينامو), وبمعاناة الصحفيات الفلسطينيات كجيفارا البديري وشيرين أبو عاقلة.‏

لقد سقط في العراق وحدها منذ الغزو الأمريكي في آذار(مارس) 2003 (250) إعلامياً ينتمون إلى (17 دولة بما فيها أمريكا وبريطانيا, ومازالت عائلة الإعلامي الإسباني (خوسيه كوسو) تتابع دعوات جنائية ضد جنود أمريكيين قتلوه بفندق فلسطين في بغداد.‏

والآن دعونا من الليبرالية والديمقراطية التي بدأها (دبليو بوش) بكذبة سوغ بها غزو العراق, دعونا من الحضارة ومعطياتها الإيجابية التي تقزّمها معطياتها السلبية حتى تكاد أن تمحوها, دعونا من الصراع على كرسي الرئاسة في أمريكا, وعلى كراسي الكونغرس بمجلسيه, دعونا من تلك المهاترات التي يضحكون بها على شعوبهم وشعوب العالم ونحن نرى أن الذي يسيطر على أمريكا هم ملوك: البترول, الذهب, التبغ, الإعلام..‏

إن الإعلامي الذي يصحو ضميره-في هذا العالم المجنون- يجد نفسه مضطرا أن يكون ضحية للحقيقة المريعة التي تجعل سلاطين القهر! يتلمسون قبعاتهم, إنه يعرف أنه يمشي إلى حتفه فلا يثنيه الترهيب وهو يرى زميلا له سقط بين يديه, ولا الترغيب لأن مجرد سكوته يملأ جعبته بالرزق الوفير فماذا لو سخرّ قلمه لأولئك الضباع الكاسرة? إنه الفدائي الحق الذي تراه ديموقراطية الحديد والنار (إرهابياً) إنه الشجاع-حتى لو ضل الطريق من زملائه من ضل- فيبدو كمن يؤدي فرض كفاية عنه وعن الإعلام (كصلاة الجنازة) إن الحرب الإعلامية هي أعتى الحروب وأشدها ضراوة, ولا يعوز (سلاطين القهر) أن يدركوا أهميتها وأنها تهز أركان مجدهم فتراهم جادين في إسكات الإعلاميين (المناهضين) بشتى الوسائل, ومن أين لنا أن نعلم أن عدد الضحايا في العراق بلغ (1.2) مليون من النساء والأطفال والرجال, وأن عدد المهجرين داخليا وخارجيا بلغ (4,5) ملايين مهجر ومن أين لنا أن نعلم كل ما حل بالعراق من دمار, وفي فلسطين وأفغانستان..?‏

الإعلامي الحقيقي هو الشمعة التي تحترق لتنير درب الآخرين, هو الذي يزهد بالمناصب والواجهات ويقدم للمسؤول هدية بإيجابياته وسلبياته قال علي بن أبي طالب (رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي) وإلا كان مرتزقاً, بوقاً, عصاً في عجلة الحقيقة والتقدم.‏

anhijazi @ Gmail. com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية