|
إضاءات ألا بئس من سمى هذه الأفعال الإجرامية ثورة، وللثورة مفاهيمها وقيمها ومبادئها الساميات، وبئس من شجع هؤلاء المرتزقة على ممارسة قتل الناس وتهجيرهم من بيوتهم وأرزاقهم أو سحلهم وتقطيع رؤوسهم ورميهم من فوق السطوح أو في الأنهار جزاء إخلاصهم وإيمانهم بالوطن الذي إليه ينتمون. وبئس من جعل ثروات الشعوب ملكية خاصة تبيح تعدد الزوجات وما ملكت أيمانهم، وتبيح تبديد مال بيت المسلمين على الكازينوهات والقمار في لاس فيغاس ومونت كارلو وماربيا، وشراء القصور التي تتعدى أثمانها ميزانية وزارة تمكن من تغطية مصاريف الفقراء وحقوقهم في الطبابة والتعليم وما إلى ذلك، وفوق كل هذا البذخ اللامعقول واللاشرعي باتوا يقدمون ثروات الشعب عطايا حلالا زلالا توزع بلا حساب على المرتزقة من العصابات التكفيرية المجرمة، التي قتلت العلماء ذبحا بالسكين لمجرد أنهم حافظوا على الأمانات الوطنية التي ائتمنوا عليها، عبر واجب مقدس للوطن الذي يحملون هويته، إضافة إلى تدمير سورية والعراق واليمن عبر حرب كونية ساهموا بتمويلها وقتل شعوبها، دون أن ترف لهم عيون، أو تتحرك لهم مهج أو تهزهم دمعة طفلة أجبرت على النكاح بأسلوب همجي، لا يقبله دين ولا شريعة ولا حتى أخلاق تحميها شرعة حقوق الإنسان العالمية. خمس سنوات وسورية تذبح كل يوم بكل مقوماتها وآثارها التاريخية وقدراتها البشرية، وآخرها إقدام عصابة داعش التكفيرية على ذبح عالم من أهم علماء الآثار العالميين هو الدكتور خالد الأسعد ابن الثمانين لمجرد أنه التزم واجباته الوطنية حرصا على موجودات تدمر التاريخية العالمية وحمايتها من أيدي العابثين عصابات داعش الإرهابية، المدعومة من تلك الدول التي تسبيح قتل المدنيين الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال في اليمن بطائرات الأباتشي بأسلوب لا يراعي حرمة الدين الحنيف، ولا شرعة حقوق الإنسان ولا حتى صلة الرحم التي أوصى بها الله في كتابه الكريم. المؤسف أن الطريقة الهمجية التي تم بها قتل هذا العالم الكبير تناولتها الاستنكارات من علماء الآثار العالميين ومدريي المتاحف خصوصا في إيطاليا وفرنسا وألمانيا ومنظمة اليونسكو وبعض الصحف العالمية في النمسا وغيرها حيث ذكرت جريدة «كوريير النمساوية»: «إن اعمال تنظيم داعش الإرهابية وصلت إلى ذبح أحد أكبر علماء الآثار في العالم الدكتور خالد الأسعد والعارف في شؤون الآثار والتنقيب، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابي كان يبحث في مدينة تدمر عن الذهب والكنوز». إضافة إلى استنكارات عديدة من وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الذي دعا العالم كله إلى سوق المسؤولين عن كل هذه الأعمال البربرية أمام العدالة الدولية. كما أكدت أيضا وزيرة الشؤون الثقافية الألمانية ماريا بوهمر بالقول : «إن جريمة اغتيال عالم الآثار الدكتور خالد الأسعد تستدعي ضرورة تصدي المجتمع الدولي لهذا التنظيم الإرهابي». أهمية هذه التصريحات أنها دعت بكل صراحة إلى التصدي لهذا التنظيم الإرهابي، وتحويل من موله ودعمه ومده بالسلاح وما زال إلى العدالة الدولية، هذا كلام حق في هذا الوقت العصيب، المطلوب تبنيه من قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، التي باستطاعتها وحدها الضغط على حلفائها السعوديين والقطريين، الذين يمدون هذه العصابات الإرهابية منذ البدء بالأموال والسلاح إضافة إلى تركيا التي فتحت لهم الحدود والممرات كذلك الأردن التي ساهمت في إقامة غرفة «موك» الاستخبارية التي تسهل وسائل الاتصال والدعم لهذه بتجفيف كل مصادر الدعم والحركة والاستمرار، وبالتالي هم العصابات المسؤولون الأول الذين يجب محاكمتهم عبر محكمة دولية تقام لهذه الغاية، تحاكم المتورطين في قتل العلماء وتهجير الناس وتدمير المؤسسات، إضافة إلى الأثار التاريخية الدينية وآخرها الدير الأثري في شمال سورية، هذه الآثار التاريخية العظيمة تعد إرثاً حضارياً ليس لسورية فقط وإنما للعالم كله، فالحضارات المتعاقبة هي ملك معرفي لكل إنسان على وجه الأرض، لهذا من الواجب أن تقوم منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات القانونية التي تخولها حماية الاثار العالمية، إضافة إلى الحرص على حياة علماء الآثار الذين هم ثروة وطنية قومية وعالمية في نفس الوقت، لهذا المطلوب منها حاليا إعلاء الصوت عاليا ضد تنظيم داعش والعصابات الإرهابية التي تدمر أرض الحضارات في كل من سورية والعراق واليمن، وأن تخوض حربها المعرفية الرافضة لكل هذه الحروب التدميرية وذلك بالوقوف ضد كل تلك الدول التي تشجع الإرهاب في مسيرته الشيطانية، التي من أهم مساراتها تدمير الحضارة العربية التي هي إرثا قيما للعالم كله. فأين اليوم وزارات الثقافة في الدول العربية من هذا العمل الهمجي الإجرامي، وأين دعاة المعرفة من رؤساء جامعات ومعاهد تاريخية ومثقفين من إعلاء الصوت عبر تحركات واسعة كل باختصاصه من أجل إدانة هذه الحرب الكارثية التي تدمر الحضارة الإنسانية وتردنا إلى عصر جاهلي بمقومات أقل ما يقال فيها أنها من صنع برابرة لا يفقهون قيمة الإرث التاريخي ولا قيمة وجود الإنسان على وجه الأرض ولا وجود الخالق الذي متع الإنسان بالعقل كي يكون خيرا ومعطاء وعالما ومكتشفا وباحثا متنورا يفيد البشر أجميعن بالمعارف المتطورة. لقد حان الاوان للتمتع بمجريات العقل، ولوضع الأمور في نصابها السليم، والاعتراف أن انتفاضات الربيع العربي لم تكن ثورة إصلاحات وتغيير بقدر ما كانت حركة صهيونية تلمودية أدارها اللوبي الصهيوني بواسطة العرب أنفسهم من أجل تفتييت أسس هذه الأمة التي رعاها رسول المحبة محمد بن عبد الله بقول الرحمن الرحيم : إنكم أعظم أمة أخرجت للعالمين. ترى أين جهابذة القتل والدمار وتبذير الثروات جزافا من العرب الذين يخالفون شرع الله تحت راية سوداء مدعومة بقول: لا إله إلا الله، كذبا ونفاقا وتدجيلا وزيفا لم يسبقهم إليه المغول والتتار ولا حتى بربراة العصور السالفة، خصوصا ونحن في العصر المفتوح تكنولوجيا على الانفتاح العالمي الذي متن عملية تواصل الشعوب بعضها بالبعض الآخر، ولم يعد بمستطاع أي دولة مهما بلغت من القوة والاستكبار أن تسلب البشر قدراتهم العقلية والمعرفية القائمة على حرية الرأي وعدم الإكراه في مسيرة الحياة دينا ودنيا. لهذا نوجه النداء إلى دعاة الحرية والديموقراطية عبر العالم، أن الحرية لا تستوجب الصمت عن ذبح عالم أثري هو الدكتور خالد الأسعد بلغ من العمر عتيا، ولا تستوجب الصمت أيضا عن تهديم دير أثري وتهجير المؤمنين الذي هم رعاته وحافظوه، فأين الحرية في كل هذا ؟ خلاصة القول أن الصهيونية العالمية وبروتوكولات حكماء صهيون ستدمر العالم على من فيه، بما فيهم الدولة العظمى أميركا، إذا لم يتم تدارك الأمر بدءا من التعاون المثمر الجاد في محاربة الإرهاب في بلاد الشام وبقيادة مطلقة للرئيس القائد بشار الأسد، الذي استشرف منذ البدء دوافع هذه الحرب الإرهابية المنظمة، وقدم النصيحة المثلى لمواجهتها، لكن لا حياة لمن تنادي، حين عقم الرؤية هو الخط المتوازي في مسارهم المنهزم حاليا، والمعترف أن الأمور لا يمكن أن تستقيم سوى بدعم سورية عاجلا أم آجلا على محاربة الإرهاب والانتصار عليه. |
|