|
رؤيـة مللناها، وضقنا ذرعا بها.. ونتمنى ان نغمض أعيننا ونفتحها لنراها قد تلاشت كليا.. ! تعمدت ان اتجنبه.. بدلت التوقيت.. وكأن الصباح الباكر حين تخلو الطرقات إلا من بضعة أفراد فروا من أسرّتهم، مجبرين غالبا ومكرهين كل الوقت، نحو عمل يستنزف طاقتهم.. يمكنه أن يعدل المزاج.. ! بداية راقبت لحظات الصباح الأولى.. إلا أنها مع الوقت هي الاخرى تحولت الى روتين قاتل.. ! حتى الحرب أصبحت روتينا حفظنا خريطتها ومعالمها، وجنونها.. ! كان من الممكن أن أستمر على الروتين ذاته، لولا انني فجأة شعرت بالاسر.. ولولا انها أصرت على أن اهرب بضعة ايام معها من كل هذا التخبط.. ! مع انها بضعة أيام لا اكثر.. الا انها خلعتني كليا منه.. غادرت غير مكترثة بأي شيء.. ما ان انطلقت السيارة هاربة من خط الحدود الحقيقي.. الذي غدر بي في مرة سابقة وأبى ان يجعلني أنفلت منه.. تبدل كل شيء.. حتى الازدحام الذي عشته، بدا لي تجديدا، طالما اني سأنفلت باتجاه آخر، طالما ان هواء آخر سأتنفسه، وطالما ان جديدا ما سيكون بانتظاري.. ! في الازدحام تعمدت أن أراقب ملامح الناس، عيونهم، وكأنهم هاربون من جحيم الى آخر.. وكأن الخراب يلاحقهم ويريدون الافلات باكرا.. يتعجلون الهروب معتقدين ان سلاما من نوع جديد بانتظارهم، ولكن هاهي كل مآسي وآثار الحروب تقفز في وجوههم غير عابئة بخوفهم أو آمالهم.. ! نزفنا عرقا في الجو الرطب، لم يخطئنا الحر، والتهبت رؤوسنا،.. كدنا نموت رعبا ونحن في طريق العودة والأبواب تفتح ثانية.. ها قد عدنا إليه مجددا من ينقذنا حين نكتشف أننا حملنا الروتين داخلنا.. وهربنا المؤقت منه، ماهو إلا حيلة فاشلة.. ! هنا يتلبسنا شعور غريب.. انتهت المغامرة وهاهو الواقع يصفعنا مجددا..! |
|