تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القانون الدولي.. لإعادة الأمن والاستقرار للعالم

شؤون سياسية
السبت 28-11-2009م
علي سواحة

تؤكد التقارير أن الولايات المتحدة تنفق على قواتها العسكرية أكثر مما تنفقه دول العالم مجتمعة، وهي الأكثر تطوراً لجهة تكنولوجيا التدمير الشامل التي تملكها،

وهي أي الولايات المتحدة من تملك مئات القواعد العسكرية حول العالم وتزداد مع كل يوم عدداً وعدة،وهي التي أيضاً مازالت تحتل بلدين من أكثر المناطق الغنية بمصادر الطاقة.‏

ولعل مثل هذا التواجد العسكري الأميركي المتزايد في بقاع العالم هو أحد المؤشرات على مايخططه البنتاغون الأميركي كي يبقى نظام القطب الأوحد الأميركي هو القائم وهو المسيطر وبالتالي قطع الطريق على أي محاولة لأي قوة ثانية يمكن أن تزاحم أميركا وتنافسها في سيطرتها على العالم.‏

والغريب في الأمر أن أميركا تبرر لنفسها هذا التواجد العسكري الهائل في أصقاع العالم تارة بحجة محاربة الإرهاب وتارة أخرى محاربة العصابات وتجار المخدرات وحيناً آخر محاربتها للأنظمة التي تصفها بالمارقة وبمحور الشر أو ما تبقى من الأنظمة الشيوعية وغير ذلك تحت مسميات أخرى، وكلها بالطبع تهدف لإعطاء الحق لأميركا في شنها أي حرب على تلك الدول لغاية في نفسها.‏

ولعل الكثير من الدراسات الأميركية التي رأت أن في معالجة ما تعتقد به أميركا هو خطر على الشباب أو المجتمعات الغربية أو أنه شر قادم من القاعدة وغيرها من القوى المعارضة لسيطرة الهيمنة الأميركية لايمكن أن يأتي عن طريق الحروب والقوة العسكرية لمعالجة تلك الظواهر بل هو يستدعي تغيير نهج السياسة الأميركية، كأن تستبدل مقاييس العمل العسكرية بمقاييس أخرى تقوم على الدعم المادي والتثقيفي والانمائي ومساعدة الأخرين إنسانياً وتربوياً عوضاً عن التدمير والتطهير وهي الأساليب التي كانت ولاتزال عنوان السياسة الخارجية لأميركا منذ عقود مضت وإلى اليوم، وهي بالطبع كما تقول التقارير الأميركية لم تحصد سوى الهزائم والفشل والخسائر بجميع أنواعها، إضافة إلى أن أميركا لديها اليوم أكبر عدد من سجون العالم نتيجة لتلك السياسة الأميركية الطائشة التي لاتزال على نهجها وعدوانيتها قائمة وماضية دون أن تستفيد من الدروس التي تلقتها هنا وهناك ودون من أن تعتبر من الهزائم والنكسات التي لحقت بها.‏

إن العالم الذي كان ومازال أحادي القطب هو اليوم أحادي القطب في الشأن العسكري فقط وفقاً لدلائل عديدة حدثت على أرض الواقع، لكنه لم يكن كذلك في بعض الأحيان على المستوى الاقتصادي مع صعود قوى اقتصادية عالمية جديدة على المسرح الدولي لأوروبا والصين وأميركا الشمالية، ما يعني أن العالم الاقتصادي بات أكثر تنوعاً وخاصة مع النمو السريع لدى الاقتصادات الآسيوية والأميركية وعلى هذا لم يكن توسيع الوجود الأميركي العسكري سواء في أميركا الجنوبية أم في جنوب شرق آسيا إلا للرد على هذا التطور الذي سيفقد زمام المبادرة من اليد الأميركية، وها هو القطب الأوحد اليوم في عهد الرئيس أوباما لايختلف كثيراً عن عهد الرؤساء الأميركيين السابقين سواء في نظرته لاستمرار قيادة العالم من منظورها الشخصي أم لاستمرار دعمها اللامتناهي لاسرائيل باعتبار أن الصراع العربي الصهيوني سيبقى هو المحرك الأساسي للعديد من قضايا المنطقة والملفات الاقليمية المهمة المرتبطة بهذا الصراع ولاسيما وأن واشنطن أوباما ضيعت العديد من الفرص السانحة بما فيه الكفاية لإمكانية وضع حد للغطرسة الاسرائيلية وخاصة مع صدور تقرير غولدستون الأخير وانضمام الدبلوماسية الأميركية إلى اسرائيل لدفن هذا التقرير.‏

كما أضاعت إدارة الرئيس أوباما فرصة ثمينة أخرى مناسبة للجم التحدي الاسرائيلي لها ولترسانتها النووية مع انعقاد مجلس الأمن الدولي مؤخراً لنزع السلاح النووي، إذ كان بالإمكان لهذه الإدارة أن تستغل هذا المؤتمر الذي انعقد برئاسة الرئيس أوباما في إطار مجلس الأمن الدولي وتستغله كورقة ضغط بالغة القوة لإجبار اسرائيل على أن تدفع ثمناً للتواطؤ النووي الأميركي معها الذي استمر زهاء نصف قرن من الزمن، في حين نجد أوباما على العكس تماماً يتعامل مع الملف النووي الإيراني على أنه الخطر القادم الذي يهدد العالم واستقراره.‏

إن أمن العالم واستقراره وعودة القانون الدولي إليه لإعادة التوازن في علاقاته أمر يحتم على جميع القوى الدولية النامية وغيرها أن تضافر جهودها كي تقف بمسؤولية في وجه طغيان يهدد العالم من جديد في ظل بقاء فيروس القطبية الأحادية لأميركا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية