|
اللاذقية
بالعمل على إقامة قرية الصادرات الزراعية لتكون ملاذاً للفلاحين والمزارعين، وصمّام أمانٍ لهم عند اشتداد المحن وعدم القدرة على التسويق، فالقرية ستكون جاهزة لاستقبال المحصول كاملاً إن كان مطابقاً لمواصفات مطلوبة ومحددة مسبقاً. مطابقة المواصفات وفي هذا السياق فقد جرى مؤخراً اقتراح موقعٍ لهذه القرية، والتي من المفترض أن تستقبل على الأقل كل المحاصيل الزراعية المُنتجة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، أو أي محاصيل أخرى سورية المنشأ إن كانت سوف تُصدّر عن طريق البحر، وسوف تجري في هذه القرية عملية فحصٍ للمنتجات الزراعية من أول دخولها القرية، ليتم التحديد السريع فيما إن كانت هذه المنتجات متوافقة أو متطابقة مع النورمات والمواصفات العالمية، كي نتحاشى ما حصل بنا سابقاً، حيث تذهب الباخرة أحياناً -والكلام للمهندسة سحر- وترجع محمّلة بحمولتها لأنها غير مطابقة للمواصفات، ففي قرية الصادرات سيجري الفحص وفقاً للمعايير القابلة للتصدير، على أن تُجهّز وتُوضّب بالشكل المناسب للتصدير أيضاً، ثم تنطلق الباخرة المجهزّة بحمولتها وهي مضمونة النتائج عبر الكوريدور الأخضر، أو عبر أي بواخر أخرى. أساس الفكرة وبدايتها المركز الوطني للسياسات الزراعية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كان قد عمد إلى إطلاق تجربة تصدير المنتجات الزراعية من المنطقة الساحلية عن طريق الموانئ البحرية، إزاء صعوبات تسويق المحاصيل عن طريق البر بسبب الظروف الأمنية، فتم وضع دراسة لإيجاد كوريدور زراعي سوري شرقي، على أن يكون قابلاً للتوسع لاحقا لتلبية الطلب في الأسواق الشرقية على المنتجات الزراعية السورية القابلة للتصدير، وهذا الكوريدور الزراعي صار يُعرف بالكوريدور الأخضر، كما كانت أرقام وزارة الزراعة قد أشارت إلى تراجع صادرات وزارة الزراعة عام 2011 بنسبة 41% واستمر هذا الانخفاض في العامين التاليين أيضاً. وانطلاقا من هذا الواقع برزت ضرورة الاستفادة من البحر كوسيلة لنقل البضائع الزراعية المتوفرة في الساحل السوري وخصوصا تلك التي تعاني من اختناقات تسويقية، كالحمضيات وزيت الزيتون والخضار والفواكه، واعتمد مركز السياسات الزراعية في فكرته هذه على أن النقل البحري يُعتبر وسيلة فعالة اقتصادياً تحقق التبادل التجاري للسلع المصدرة والمستوردة، ويكون على غرار تجربة الكوريدور الأخضر خلال عام 2002 الذي تم تنفيذه بين مصر والاتحاد الأوروبي على شكل مشروع ممول أوروبياً حيث نتج عن المشروع زيادة كبيرة بالصادرات المصرية من الفواكه والخضار إلى إيطاليا وعبر إيطاليا إلى أوروبا. منتجات متنوعة وتشير إحصائيات وزارة النقل - حسب معطيات مركز السياسات الزراعية - إلى توفّر العديد من السلع الزراعية التي يتم تسويقها عن طريق النقل البحري، فعبر مرفأ اللاذقية تمّ تصدير القمح والكسبة والبذور والحبوب والبقول والتبغ والقطن والجلود، وغيرها من السلع، واستيراد الحبوب ومشتقاتها والسكر والرز والمواد الغذائية والخشب وسلع أخرى متنوعة وعبر مرفأ طرطوس جرى استيراد الموز، وكميات مختلفة من الحبوب ومشتقاتها والرز والسكر والمواد الغذائية والخشب، كما سجّل المرفأ تصدير زيت الزيتون والتفاح والفستق الحلبي وكميات أخرى من الحبوب والقطن والمواد الغذائية، المركز الوطني للسياسات الزراعية اعتبر أنَّ نجاح مشروع الكوريدور البحري يحتاج إلى تطوير الأسطول البحري السوري ليكون جاهزا للمساهمة في تنمية الصادرات الزراعية البحرية السورية والعمل على تأسيس خطوط بحرية ثابتة تربط مرفأي اللاذقية وطرطوس بموانئ الدول الشريكة تجاريا ولا سيما الدول الشرقية والعمل لتامين التمويل اللازم والتخطيط لإنشاء قرى شحن بحرية قريبة من المرفأين في اللاذقية وطرطوس لتسهيل توضيب البضائع المصدرة وتجهيزها داخل قرية الشحن والعمل على تأسيس مشاريع تصديرية زراعية جديدة. القرية محرك للكوريدور وبالعودة لقرية الصادرات الزراعية فإن هذه القرية ستكون بمثابة المحرك القوي للكوريدور البحري الأخضر وتنشيطه، وهذا يظهر من خلال ما أوضحته مديرة التخطيط الإقليمي ودعم القرار في محافظة اللاذقية، والتي أشارت للثورة بأن القرية ستكون عبارة عن محطة لتجميع الإنتاج الزراعي، ولكن العمل لابد أن يكون ضمن خطة متكاملة، فالمزارع يجب أن يعلم ما هو المحصول الذي سيتم تصديره، ويعرف كيف يتعاطى مع المحصول، وكيف تكون آلية العمل فيه، والالتزام بالخطط الزراعية ليكون المحصول قابلاً للتصدير، كما يجب تعليم وتدريب المزارعين على المنتج الجديد، الذي يمكن أن يزرع حسب الخطط المرسومة، وهذا كله ضمن منظور وخطط وزارة الزراعة طبعاً. إلغاء دور الوسيط وبحسب عيسى للثورة فإن لقرية الصادرات الزراعية هدفا آخر هو إلغاء دور الوسيط مابين المزارع والعملية التصديرية، أو المستهلك، فعندما يأتي المزارع مباشرة إلى القرية يُلغى دور الوسيط، فضلاً عن توفّر الضمان والاطمئنان للمزارع، لأنه إذا زرع هذا المحصول وأنتج بالنورمات والمواصفات المطلوبة فإنه يضمن تسويق محصوله بالكامل وبسعر محدد، ولذلك على المزارع ألا يقلق عند العناية بمحصوله كي يضمن الإنتاج بالمواصفات المطلوبة ، لافتة إلى أن قرية الصادرات الزراعية، التي وضعت الخطط لإقامتها، هي بالتأكيد قابلة للتطبيق، ولولا هذا لما جرى تحديد مكانها فعليّاً، وهي قريبة من البحر، والعملُ جارٍ حالياً لتحديد كيفية عمل هذه القرية، وكيف يمكن ربطها بالمرفأين، وكيفية الوصول إليها، وآلية العمل ضمنها، وهذا كله في مختبر الدراسات التي تُعدّ لهذا الموضوع . أخيراً: آفاق رحبة حقيقية تنتظر منتجاتنا الزراعية باكتسابها الفرص التصديرية النادرة، من خلال إقامة قرية الصادرات الزراعية، وانطلاق الكوريدور البحري الأخضر الكفيل بالارتباط الوثيق مع هذه القرية وتفريغها دائماً من المنتجات الزراعية الواردة إليها. قرية الصادرات الزراعية أملٌ جميل جديد نرجو ألا يطول بنا الانتظار حتى نراه محققاً.. ومجسّداً على الأرض. |
|