|
إضاءات حيث لا يزال التناقض مسيطراً على سياسته حول سورية رغم إبداء أغلب دوله التفهم للوضع أكثر مما سبق من أن الإرهاب هو ما يمنع تقدم أي حل سياسي فيها. وقد عبّرت بعض دوله عن رغبتها بالتعاون مع دمشق، وأرسلت إشارات إيجابية أكثر من مرة متجاوزة موقف الدولتين الاستعماريتين القديمتين بريطانيا وفرنسا اللتان ما زالتا تضغطان على الدول الأوروبية لمنع التعاون مع دمشق. وقد كانت التباينات والتناقضات ظاهرة للعيان في لقاء المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا مع ممثلي دول الاتحاد الأوروبي قبل أسابيع، ولكن هذه الموقف وتلك الضغوط من لندن وباريس ليست أكثر من رسالة للأوروبيين «أنهم أولاً» ومن ثم بقية الدول، وقد يطول الوقت قبل أن نرى مواقف مؤثرة لبعض تلك الدول التي لا تزال بعيدة عن الخروج من عباءة الدول الأوربية ذات الوزن الثقيل، والتي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن، ناهيك عن الحضور الأمريكي المرعب في السياسة الأوروبية. وقد كانت زيارة الوفد البرلماني الفرنسي إلى سورية ولقاؤه مع القيادة السورية أكبر دليل على أن الضغط الفرنسي باتجاه «أنهم أولاً» والباقي يأتي من بعدهم في الاتصال مع دمشق مع بقاء الموقف الرسمي الفرنسي متعنتاً ومقترباً من الموقف الخليجي الذي يشتري ذمم دول كثيرة ويبقي نفسه متأخراً عن أي موقف آخر يمكن أن يساعد في أي حل سلمي وسياسي للأزمة في سورية، وتستغله فرنسا مقابل مواقف مدفوعة الثمن تلعب بها حتى الثمالة، وتحاول أن تكون أولاً في التحاور مع دمشق وتضع كل المواقف المدفوعة الثمن خليجياً خلف ظهرها، لأن مصلحتها تقتضي ذلك. يتقاطع معها الموقف البريطاني المتحرك الذي يتشدد عندما يتحدث مع الدول الأوروبية عن سورية ويحاول من تحت الطاولة الاتصال والتواصل مع دمشق للتنسيق في الحرب على الإرهاب، وتطالب دمشق دائماً بالحوار العلني فوق الطاولة لأنها سيدة الأرض في الحرب على الإرهاب ولديها مفاتيح القوة وهي صاحبة الجغرافيا. وفي جديد المواقف المتناقضة للاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على مسؤولين وكيانات سورية حيث يضع نفسه مجدداً خارج معادلة السياسة وخارج حدود الزمن، فهو لم يصل بعد إلى الاتفاق بين دوله على أن الحل سياسي في سورية وأن فرض العقوبات يعود بالسوء على المواطن السوري الذي حاصرته تلك الدول بعقوباتها دون الالتفات إلى مصالح الشعب السوري، وتزعم أن العقوبات لمصلحته!! هذه هي سياسات الدول الغربية المتشدقة بالحرية والديمقراطية، تفعل كل ما يمكن لمحاصرة الشعوب باسم الحرية والديمقراطية وتتغنى بها في برلماناتها، وتعمل عكس ذلك تماماً تنفيذاً لأوامر واشنطن التي تلعب بأوروبا لعبة الدمى وتحركهم بخيوطها كيفما تشاء. وتبقى فرنسا وبريطانيا هما الدولتان الاستعماريتان الأكثر تناقضاً في سياستهما، والأكثر شراءً لمواقفهما من قبل من يدفع أكثر، والخليجيون هم من يدفع مقابل تلك المواقف، والشعب السوري هو الذي يدفع ثمن الخسة الخليجية، عقوبات جديدة تثقل كاهل المواطن السوري الذي اعتاد عليها على مدى أربع سنوات وتكيف مع واقعة رغم ألمه ولم ينكسر، ولن ينكسر!! |
|