|
متابعات سياسية ثم حين ظهرت الرأسمالية تخطّتْ حدود الجغرافية القومية لتشارك شعوب الأرض بالإكراه والقسر الخارجي خيراتها ومعادنها وثرواتها. وجدّدت مفاهيم الاستعمار بأبشع مما كانت معروفة في تواريخ الناس على كوكبنا الأرضي هذا. ووفقاً لمقتضاه ما زال الوطن العربي من محيطه إلى خليجه يشهد الظواهر المتعاقبة للاستعمار الغربي المتحالف على عقيدة العدوان المستمر على حريات الأمم المختلفة، وقد تناولتْ هذه الظاهرة فلسفتُنا العربية من عقول السياديين لترى أن بلادنا لموقعها تمثل حالةً جاذبة، ولخيراتها، ولوقوعها الجيوبوليتيكي ضمن المجال الحيوي الغربي الامبريالي. ولكن المعرفة شيء والحكّام الذين ركَّبَهُم العاملُ الخارجي الاستعماري شيء آخر. ومن هذا التباين نتفهّم كيف يُقيمونَ معاهدةَ دفاعٍ عربي مشتركٍ ولا تنفّذ. وكيف يكون لهم جامعة ولا تجمّعُ. وكيف تكون لهم حقوق مشتركة ولا يلتقون على إحقاقها. وكيف يكون في مواجهتهم عدوٌّ مهدّدٌ لمصيرهم، ولا يتحالفون عليه، بل يتحالف البعض معه. ثم تكون لهم ثقافة التاريخ تمكّنهم من أن ينهضوا في قيمها، ومعادلاتها، وخارطتها النفسية، والعقلية لكنهم يركنونها لكونها تجمّعُهُم في انقسامهم وتقوّيهم في ضعفهم، وتخلّصهم في تخلّفهم وانكفائهم، ومع ذلك لا يحيونها، ولا يتأصّلون بها. والمعضلة العربية في أمةٍ ملوكها عجم كما قال المتنبي. ولذا فالمصالح العربية العليا غير مسموح لهم بأن يتمسكوا بها. ومقومات الوجود الواحد للأمة العربية ممنوع عليهم أن يضعوا في مسالكهم السياسية مقوّماً واحداً منها. وكلمّا ظهر قائد في قُطرٍ من أقطار العرب وحاول أن يأخذ المصالح القومية العليا للعرب في سلم أولويات العمل العربي أولاً قاوموه، وأضعفوا دولته ولو بالتعاون المكشوف مع الغرب الصهيوإمبريالي. هذا الحال العربي مزمنٌ من عهدٍ سحيقٍ لكن هل يفرض علينا أن نقبله ونتعايش معه، وهو أمام ناظرينا يصبُّ في خدمة أعداء وجودنا العربي برمّته؟! كلُّ الأمم لها أجيالٌ سياسية، وثقافية، وحقوقية فإذا كان الجيل لا يستطيع أن يُنجز في حقبته الزمانية انتصارات فَعَليْه أن لا يورّث الأجيال القادمة صكوك استلام. ومرحلة الجيل السياسي لا تمنحه الحقَّ في التصرف بمستقبل الأمة. وهنا كانت الحقوق المشروعة ملزمةً في العقبى والتعاقب، وليس كما نراه اليوم في سلوك الممالك العربية أنهم حكّموا الغربَ الصهيوإمبريالي بمصير شعبهم العربي، وصاروا يدفعون أكلاف عدواناته على كل دولة وطنية إذا بقيت متمسكة بالمصالح القومية وخاصة في مواجهة المشروع الصهيوني الاستيطاني التهويدي. ومع ذلك فالوهم السياسي الذي مكّن له الغرب المتصهين في رأس الأعراب تابعيه في الحاكمية العربية الحاضرة لم يعد يجدي أحداً منهم. فالدعم لقطعان الإرهاب التي أدخلوها إلى سورية تفشله حركيّةَ الميدان جيشاً وشعباً، ودولة. وعمالتهم لن تنقذهم في القادم من الزمان والنصر من المحاسبة أمام الشعب العربي، ومعادلات الميدان هي المحدد النهائي لكلِّ عملٍ وسياسة. |
|