تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوهم .. أحلام في مهب الريح... صراعـات السـلطة والمـال.. والطريـق إلـى دروب الجريمـة

ثقافة
الاثنين 5-8-2019
فاتن أحمد دعبول

يبدو أن الأزمة التي مرت بها البلاد رسمت طريقا جديدة لمعنى أن يعيش الإنسان في مجتمع يفتقد في كثير من جوانبه للقيم السلوكية والأخلاقية التي يجب أن تحكم وتنظم العلاقات

الإنسانية، فنرى كيف انتشرت في الآونة الأخيرة ظواهر لاتشبهنا وهي تستبيح كل شيء للحصول على المال والسلطة في ظل مرحلة صعبة دفع ثمنها الكثير من الناس، وهذا ماحاول صناع الدراما تسليط الضوء عليه وإبراز نتائجه في محاولة لإنقاذ مايمكن إنقاذه وربما يجد فيها البعض عبرة وعظة يعود بعدها إلى رشده وإنسانيته.‏

وتدور أحداث المسلسل الذي يحمل اسم «الوهم» في إطار اجتماعي بوليسي تشويقي، والقصة تحكي جزءا من مرحلة الحرب، منذ العام 2015 حتى الوقت الحالي، وكل مادار في هذه المرحلة من معارك وتأثيرها على المجتمع وخصوصا الشباب الذي بات يتخبط بين طموحاته وأحلامه والواقع المؤلم الذي يعيشه.‏

ويسلط المسلسل من خلال أبطاله على عدة قضايا، أهمها تشتت العائلات وفقدانها للأمن والأمان ومصادر العيش والمأوى، إلى جانب اتجاه العديد من الشباب إلى الهجرة وماتخلفه هذه الظاهرة من تبعات تؤثر سلبا على المجتمع بأكمله.‏

والعمل الذي تم بتوقيع سليمان عبد العزيز تأليفا، ومحمد وقاف إخراجا، ومن إنتاج شركة سيريانا للإنتاج الفني والتوزيع، يطرح موضوع الهجرة من خلال الشاب «جهاد» الذي ترك الفتاة التي أحبها وهاجر مع شقيقه، والصعوبات التي عانوا منها على الطريق مع المجموعة التي هاجروا معها، ومنها اختطاف الأطفال وقتلهم وبيع أعضائهم، وموت عدد كبير ممن يهاجرون على الطريق الخطر، وليس آخرهم شقيق جهاد، مادفعه للعودة إلى سورية لدفن شقيقه في قريتهم.‏

وفي عودة إلى مسلسل الوهم نجد الجريمة هي بطل العمل وتجمع خيوطه جميعها، فالأبطال هم إما ضحية، أو مجرمون، أو رجال القانون الذين يحاولون البحث عن تلك الأيدي الخفية التي تحيك المؤامرة التي تنتهي إلى المزيد من الجرائم والعنف والقتل.‏

يقوم الفنان محمد الأحمد «بيان» بدور المحقق ولكنه في الوقت نفسه يعيش قصة حب مع «ريتا» صفاء سلطان الاختصاصية النفسية، وهو دور جديد حاولت فيه تجسيد شخصية المحلل النفسي ومايتعرض له من مفارقات تعترضه أثناء العمل، وفي الآن نفسه تبحث عن حقها من الاهتمام والحب من قبل خطيبها الذي تشغله القضايا عن التواصل معها.‏

ورغم الإيقاع البطيء في عرض الأحداث، استطاع المخرج أن يشدنا إلى العمل لمعرفة المجرم الحقيقي، وخصوصا أننا افتقدنا الأعمال البوليسية لفترة من الزمن، فالجرائم كانت تتم بشكل غامض دون أن تترك أي دليل على الفاعل، لنكتشف بعد ذلك أن للصحفي «خليل» الدور الأكبر في ذلك «يحيى بيازي» الذي كان يسعى للمال ويجد مبررا لغايته هذه فيتجاوز من أجل ذلك كل الخطوط الحمراء، حتى إنه يقدم زوجته وهي في الأساس ابنة خالته وفي يوم العرس لذلك المتنفذ مقابل المال.‏

ولايبتعد العمل أيضا عن الواقع الأليم في تلك المرحلة من تخريب للبنى التحتية «المدارس، والمرافق العامة ..» من قبل بعض الشباب المغرر بهم مقابل حفنة من المال الملوث.‏

ورغم النظرة السوداوية التي طرح فيها العمل، والعنف الذي تجسد فيه من قتل وتخريب من جهة، وهجرة الشباب ومعاناتهم من جهة أخرى، يبقى للخير والنور مكانته، وأن القادم من الأيام لابد سيحمل معه الأمل والحياة، لأن مجتمعاتنا ليس من ثقافتها الجريمة والعنف وانهيار القيم.‏

وإن أظهر المسلسل بعض الظواهر السلبية التي أفرزتها الحرب، فهذا لايعني أنها باتت سمة للمجتمع، بل العكس تماما، يجب أن نعي الرسالة تماما بأن المسؤولية تقع على الجميع في إعادة الأمن والأمان إلى البلاد، وإعادة الإعمار والتمسك بالقيم التي لطالما باهينا فيها الأمم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية