تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوصفة الأميركية (للديمقراطية) المصدرة

عن الانترنت
دراسات
الأحد 21/8/2005
ترجمة:د.ابراهيم زعير

بدأت في أعوام الثمانينات من القرن الماضي (القرن العشرين) تتأسس معاهد ذات طبيعة سياسية خاصة مركزها الرئيسي في الولايات المتحدة الأميركية, ومن أبرزها معهد (آلبرت اينشتاين) الذي لعب دوراً بارزاً في الأعوام الأخيرة بتنظيم وتمويل (الحركات المناهضة للأنظمة التي لا ترضى عنها الولايات المتحدة) كالحركات الشبابية التي نزلت إلى الشوارع في العديد من العواصم العالمية ونجحت في تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح الانقلابات الحكومية, وتكوين انطباعات بأن الأنظمة المستهدفة من قبل هذه الحركات ذات الطابع المدني لا تتمتع بمساندة الجماهير ومكروهة من قبل أوسع شرائح السكان. وبفضل النشاط الإعلامي المكثف الممول من قبل المعهد المذكور, استطاعت هذه الحركات تنظيم المظاهرات والمسيرات وبالتالي تقويض الأنظمة القائمة واستبدالها بأنظمة موالية لواشنطن. ومعهد (آلبرت اينشتاين) ممول من قبل الملياردير الأميركي اليهودي المعروف جورج سورس ومن قبل الحكومة الأميركية ويترأس المعهد الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الأميركية العقيد روبرت غالفي والدكتور جون شارب المدرس في جامعة هارفورد ,(لا يمكن لأحد أن ينسى أن هذه الجامعة تقوم بخدمة أهداف الامبريالية بما لا يقل ولو بشكل آخر عن الخدمات التي تقدمها أجهزة الاستخبارات والجيش.

تأسس معهد (ألبرت اينشتاين عام 1983) والأسباب المعلنة لتأسيسه والتي تم الترويج لها بكلمات صاخبة ورنانة هي (القيام بدراسات وأبحاث علمية والتعليم حول استخدام أساليب اللاعنف في النشاط الواسع ضد الأنظمة الدكتاتورية وضد الحرب والإبادة الجماعية والملاحقة) لكن وكما هو واضح فإن هذه الكلمات المنمقة لم تمنع الولايات المتحدة الأميركية التي تتصدر الأحاديث. بهذه الكلمات والجمل من القيام بحروب عدوانية مستخدمة ترسانتها العسكرية لإسقاط أنظمة وتنصيب عملائها في الدول التي تعرضت لعدوانها العسكري وغير العسكري وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتصفيات الجسدية لخصومها وضمن الشروط التي تؤدي إلى نتائج مناسبة لأهدافها الامبريالية.‏

وعندما لا توفق في تطبيق الوصفات القديمة فإنها تلجأ إلى وصفات أخرى تتناسب مع الوضع القائم وكان من المناسب بهذا الشأن استخدام تجربة الدكتور شارب التي أنجزها مركز جامعة هارفورد لدراسة العلاقات الدولية قبل ثلاثين عاماً.‏

والتي تتضمن استخدام أساليب اللاعنف في إسقاط الأنظمة القائمة في بلدان محددة, وقد عممت تلك التجربة ونشرت ب¯27 لغة أساسية من لغات العالم, وبحصول المعهد على الأموال من الملياردير سورس ومن الأرصدة المخصصة لتصدير الديمقراطية الممولة من قبل جهات مختلفة في الحكومة الأميركية, فقد تمكن شارب ومساعدوه من السفر الى مناطق ودول مستهدفة لإحداث انقلابات اقليمية فيها ودعم (الثورات) المخملية المتعددة الألوان والمعدة خططها في معهد البرت اينشتاين.‏

يقول الدكتور شارب لأجل إسقاط (الديكتاتوريات) لدينا احتياطيات واسعة (القوات العسكرية, الشرطة والأموال والأشخاص وكذلك الخطة المثالية) الكفيلة بتحقيق النجاح. وأيضاً وسائل الدعاية المناسبة, وبجميع اللغات تقريباً والإطلاع على قائمة اللغات التي تبث بواسطتها الدعاية وفق خطة المعهد, تعيد إلى الذاكرة ما جرى في الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية أعوام الثمانينات وبداية التسعينيات. وبات من الممكن تقييم مجرى تلك الأحداث وعواملها وفق المعطيات الجديدة التي أصبحت معروفة لمركز أبحاث معهد اينشتاين.‏

يعتبر الدكتور شارب المنظر والوجه الرئيسي لمعهد ألبرت أينشتاين وفي جامعة هارفورد, ولكن من حيث ممارسة العمل فقد بدأ فيه رئيسه العقيد روبرت غالفي قبل أن يصرف رسمياً من الخدمة في الجيش الأميركي وخلال ثلاثين عاماً من الخدمة في السلك الدبلوماسي العسكري, اكتسب غالفي تجربة غنية في تنظيم الأعمال التخريبية في العديد من بلدان العالم وخاصة في جنوب شرقي آسيا, ووفق العديد من مصادر المعلومات, فقد كان غالفي مستخدماً نشيطاً في تنظيم الانقلاب في صربيا الذي دبرته الولايات المتحدة الأميركية.‏

ولا بد من التذكير بأنه وصل إلى أوكرانيا أثناء ما يسمى( الثورة البرتقالية )وفي ذلك الوقت قام معهد البرت اينشتاين بترجمة كتابه المشهور (من الديكتاتورية إلى الديمقراطية) إلى اللغة الأوكرانية.‏

والكثير من الحركات المدنية والمجموعات المهتمة بتجربة المعهد توجهوا إليه خلال الأعوام الأخيرة للاستفادة منها في البلدان التي ينشطون فيها, من هذه البلدان, جورجيا, صربيا, سلوفاكيا, قبرص, أوكرانيا, بيلاروسيا, إيران, أفغانستان, العراق, لبنان, والمناطق الفلسطينية المحتلة, والصين والمكسيك وأرتيريا وغيرها من البلدان.‏

وهناك مركز آخر هو (المركز الدولي للنزاعات اللاعنفية) والذي يشارك بنشاط في الانقلابات الراهنة,وخاصة من خلال مسؤوليه الرئيسيين الدكتور بيوتر أكيرمان وجيك ديوفالا.ويقوم هذا المركز بتطوير وتوسيع وتمويل استخدام استراتيجية اللاعنف المدني تحت يافطة (الدفاع عن الديمقراطية وانتصارها,وعن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم).‏

ويقدم المركز التعليمات الميدانية والمعرفة النظرية للأساليب السلمية للحركات التي تدافع عن (الديمقراطية وحقوق الإنسان) في مختلف البلدان والدكتور أكيرمان مؤسس ورئيس المركز الدولي للنزاعات اللاعنفية وأحد أعضاء مجلس المتابعة في كلية الحقوق والعلوم الدبلوماسية في جامعة (تافت) ويقوم هذا المركز والمجلس بإعداد الكوادر للعمل في أجهزة الاستخبارات الأميركية.وأكيرمان أيضاً عضو في المجلس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن.والذي له نفس الأهداف الاستراتيجية للمركز الدولي للنزاعات اللاعنفية ولأكيرمان العديد من المؤلفات المترجمة للعديد من لغات العالم بما فيها اللغة العربية والروسية والإسبانية والفرنسية والفارسية.‏

وهناك العديد من المعاهد والمراكز المختصة بهذا الشأن كمعهد (آرلينتوتسكي) الذي تأسس عام 1988 ومؤسسه هو جون بيترسون,الذي يقول عن هذا المعهد إن مهمته الأساسية تقوم على (المساعدة في إعادة التفكير بالتصورات حول الأمن القومي وما يتعلق به من المصطلحات الجديدة,والتغييرات السريعة في نمو التيارات المناهضة للحكومات المستهدفة بين السكان.وتغيير القيم في البلدان التقليدية وتسوية الأمن القومي) ومن أبرز قادة هذا المعهد جيك ديوفال وجيمس فولكسي مدير الاستخبارات المركزية الأميركية في عهد الرئيس كلينتون.ورئيس منظمة (فريد خاوس) وهي منظمة تقليدية لخدمة مصالح الإمبريالية وكانت معادية للشيوعية وللسوفييت في حينه.وكتب جون بيترسون تقديراً عن عمل مجموعة المعهد ودورها في (تفتيت السلطة السوفييتية في عصر البيروسترويكا).‏

وهناك مجموعة (ب ش ب) الأكثر شهرة والتي تضم مستشارين استراتيجيين لشركات ضخمة مثل (بيلاغيتسا) و(مايكروسوفت) وغيرها.‏

وتقوم هذه المجموعة بوضع الدراسات والأبحاث حول المصالح الأمريكية في البلدان التي تعاني من مشاكل.وتتعامل هذه المجموعة مع العديد من المؤسسات والشركات بما فيها شركات النفط والبنوك.ولعبت هذه المجموعة دوراًخفياً في انتخابات صربيا وزيمبابوي والكثير من البلدان,وتضع الخطط الاستراتيجية للانتخابات في المجتمعات التي تقوم فيها أنظمة شمولية.وتعمل لخلق تنظيمات معارضة وتساعدها في صياغة استراتيجية للعمل تتضمن حملات مؤثرة لإضعاف الأنظمة المتهمة بالديكتاتورية وإضعاف الأحزاب الوطنية والثورية وفي نهاية المطاف انتزاع السلطة من أيديها,ومن السخرية أن الأنظمة الديكتاتورية تشمل فقط تلك التي لا تعجب أميركا ولو كان فيها أوسع حياة ديمقراطية بينما لم يكن من وجهة نظرها أنظمة ديكتاتورية مثل نظام بينوشيت وشاه إيران وساموزا فقط لأن هؤلاء كانوا من أفضل حلفاء أميركا.وتروج وسائل الأعلام الأميركية لسياسة القوة ضد الأنظمة الوطنية وتتهمها بالديكتاتورية واستخدمت ديمقراطية القنابل والصواريخ والتجسس ضدها كما فعلت في حرب الخليج والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان والعراق.‏

وحسب معلومات (ب ش ب) فقد تمت مساعدة 15 رئىساً لكي ينجح في الانتخابات في منطقة الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأوروبا.وقد بدىء التفكير باستخدام هذه الأساليب منذ عهد الرئيس ريغان,وإذا ما فشلت أميركا في إحداث التغيير المطلوب فإنها تلجأ إلى أساليب التغيير بالقوة وهذا ما جرى في إيران عام 1953 وفي العراق عام 2003 وقبلها في أفغانستان وفي العديد من الدول الافريقية والآسيوية وفي أميركا اللاتينية وهناك العديد من الدول المرشحة لولوج الديمقراطية حسب الطريقة الأميركية.ولكن هل ستنجح في ذلك?!!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية