تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أوسمة لمجرمي الحرب ..?

قضايا الثورة
الأحد 21/8/2005
محمد علي بوظة

على ماذا يقدم البعض الشكر لآرييل شارون , ولأي سبب تجري الإشادة بخطة الفصل والانسحاب من قطاع غزة , بعد أربعة عقود من الاحتلال الاستيطاني العنصري الدموي , وتصويرها ب¯ ( الخطوة الشجاعة والتنازلات المؤلمة ) وكأن في الأمر منة ومكرمة ,

تغدق من صاحب أكبر سجل إرهابي ودموي وإقراراً بحق لا يمتلكه , وهو في الأصل مع كل النسيج العنصري المشكل لكيانه غاصب له , وشهادة حسن سلوك تبرئهم جميعاً من كل ما فعلوه وارتكبوه حتى اليوم من جرائم في فلسطين والأرض العربية ?!‏

العشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين من أبناء القطاع والضفة والأراضي الفلسطينية المحتلة العام 48 , الذين تعامل معهم الاحتلال الإسرائيلي وآلته العسكرية الأمريكية الصنع بلغة الحديد والنار , والقصف الهمجي الأعمى داخل المدن والمخيمات والقرى والتجمعات السكنية المختلفة , بقصد إيقاع أكبر الأرقام من الخسائر البشرية ودمر البيوت والمنازل ودور العبادة على رؤوسهم وبالآلاف , وأزال أحياء وقرى ومخيمات بالكامل وسواها بالأرض , أم للمجازر التي نفذها في صبرا وشاتيلا في اجتياح لبنان العام 82 وبعقيدة وعقلية عصابات شتيرن والهاغانا والاراغون , التي ينتمي إليها صاحبة الامتياز بارتكاب مذابح قبية ودير ياسين وبحر البقر , ألهذه الأفعال يوصف شارون اليوم بمحقق ( الوثبة العملاقة ) وبتعدي ما هو مطلوب منه في خارطة الطريق ?!‏

لقد مارست اسرائيل بدعم الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة والحالية منها بخاصة وتحت مرأى ومسمع العالم سياسة الأرض المحروقة , والذبح والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل والقتل المبرمج لكل مقومات الحياة لديه , واقتلعت مئات الآلاف من أشجار الكرمة والزيتون والحمضيات , وصادرت مساحات واسعة من الأراضي وجرفت عشرات الآلاف من الدونمات لأسباب عسكرية واستيطانية وبهدف إضفاء الصبغة اليهودية عليها , واتبعت سياسة الحصار والتجويع والتجهيل وزجت بالآلاف من المعتقلين الفلسطينيين في غياهب السجون وأقامت الجدران العنصرية , في تحد لا سابقة له للقانون الدولي ولمواثيق وقرارات الأمم المتحدة عمره عقود وعناوينه عشرات القرارات , ومع ذلك نجد اليوم وللأسف الشديد من يشد على أيدي حكامها ويمنحهم ألقاباً غير مستحقة , تتنافى مع أبسط المبادىء والقيم والأخلاقيات ويستوجب أصحابها في أحسن الأحوال , الإدانة والشجب والمحاكمة كمجرمي حرب .‏

قد يكون للرئيس الأمريكي جورج بوش مسوغاته الشخصية الصرفة لأن يغدق على صاحبه الألقاب ويقول عنه بأنه ( رجل سلام) , لكن ليس من حق المنظمة الدولية ولا أمينها العام أو أي من ممثليه ومبعوثيه بحكم مواقعهم وصفتهم كأناس مؤتمنين على قضايا الأمن والسلام في العالم , الإطراء وكيل المديح والثناء على رجل لطالما تلوثت يديه بالدماء , وارتبط اسمه بالحروب والحرائق والعدوان والجريمة المنظمة , وشكل وما زال استعصاء حادا في وجه المجتمع الدولي ومؤسساته وتطبيق قراراته , بتعنته ورفضه المستمر للسلام والامتثال لاستحقاقاته وأخذه بخيار القوة وسيلة للإلغاء وإملاء منطق الاحتلال وثقافة الاستسلام , لا سيما وأن تجربة الأمم المتحدة ومؤسساتها وفي الطليعة مجلس الأمن, تجاه المنطقة والصراع والممتدة لستة عقود ليست بالطيبة ولا المشرفة , وما زالت محكومة بالفشل والقصور والعجز ومتهمة بالمحاباة لإسرائيل وتوفير الغطاء لاحتلالها وجرائمها في هذه المنطقة .‏

إخلاء غزة والخروج العسكري والاستيطاني من مستنقعها , ومن بين المليون ونصف المليون من أبنائها هذا العبء البشري الثقيل المقاوم , والذي يستنزف بتضحياته واستبساله قدرات إسرائيل , ومحاولة التعويض عن مستوطنات القطاع المنوي تدميرها بالكامل واستبدالها بأخرى أكبر تبتلع الضفة والقدس وتسقط حق العودة للاجئين , إجراء تكتيكي مناور ومحاولة التفاف وليس مشروع سلام يمكن أن يوضع في خانة ( المصداقية وحسن النوايا ) والتكفير عن الفظائع والأهوال المرتكبة لحكام تل أبيب .‏

ومن الطبيعي والحال هذه أن يضغط العالم بكل ثقله في اتجاه , عدم السماح لا لأميركا ولا لإسرائيل بتجيير مسألة الانكفاء عن القطاع , وجعلها إنجازاً أو انتصاراً واختزالا لقضية الصراع , والحد الأقصى لما يمكن أن يؤخذ من المعتدي أو البديل للسلام , الذي لا يتحقق بغير الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى ما وراء خطوط الرابع من حزيران العام ,67 والإقرار بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية