|
صفحة أخيرة هذا بيت من القصيدة التي ألقاها الشاعر البدوي عليّ بن الجهم بين يدي هارون الرشيد من قصيدة يمتدحه فيها,فامتشق بعض جلسائه سيوفهم يبتغون تمزيق الشاعر,فبسط الرشيد يده وقال لهم:(اتركوه.ضعوه في قصر الرصافة). وهارون الرشيد (محمد المهدي) (149هـ 766م/193 هـ 809م) هو الخليفة العباسي الخامس,تولى الخلافة بعد أخيه الهادي عام 170هـ786م وهو في العشرين,ويعد ألمع اسم في التاريخ العربي,ازدهرت الدولة العباسية في زمانه فأقام علاقات مودة مع شارلمان (كارلوس الكبير) امبراطور فرنسا,وتبادل معه الهدايا والتحف فبعث إلى شارلمان -ساعة دقاقة- ظن الفرنسيون أن فيها شيطاناً.. وكان عالماً بالأدب وأخبار العرب,يجتمع على بابه العلماء والشعراء والندماء والمغنون,وكان وقت السلم كريماً متواضعاً,ووقت الشدة حازماً شجاعاً فلقب بجبار بني العباس,وكان يغزو بلاد الروم سنة ويحج سنة,وهو الذي كتب رسالة جوابية إلى (نقفور) ملك الروم:(الجواب ما تراه لا ما تسمعه) رداً على رسالة تهديد بعثها إليه نقفور وأرسل جيشاً ألحق به هزيمة ساحقة. ولو أن ابن الجهم قال هذا البيت في الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم لأمر بشده إلى دبابة وسحله في شوارع بغداد. ولو أنه قاله في صدام بطل القادسية وأم المعارك لصوب إلى صدره مسدسه,أو بندقيته التي كان يلوح بها -وهو يختال على حصانه مرتدياً الزي الأميركي وعلى رأسه قبعة الكاوبوي- فمزقه الرصاص. ولو أنه قاله في أحد الحكام العرب لانقضّ عليه الحرس الخاص وجروه,وألقوه في زنزانة منفردة..ظل قابعاً فيها -رهن المحاكمة- منذ أواخر القرن الثامن حتى الآن. ولو أنه قاله في (بريمر) الحاكم الأميركي الناعم السلس,الذي أسند إليه الرئيس (دبليو بوش) رئاسة مجلس الحكم في بغداد (الذبيحة) من أجل تصدير الديمقراطية إلى العراق لأشار بإصبعه إلى إحدى حاملات الطائرات فانقضت عليه حوامة (أباتشي) وألقته أشلاء في عرض الخليج. ولو أنه ألقاه في مجلس أحد الحكام العراقيين الذين جاءت بهم أميركا على ظهر دبابة لاستنجد بقائد قوات الاحتلال الأميركية (والمتعددة),فزجه في (أبو غريب) أو (غوانتانامو). لكن علي بن الجهم انطلق يرتع في قصر الرصافة,ثم طلب أن يدخلوه على الرشيد فجاءه بقصيدة يمتدحه فيها.يقول في مطلعها: عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري أعدن لي الشوق القديم ولم أكن سلوت ولكن زدن جمراً على anhijazi@scs-net.org ">جمر anhijazi@scs-net.org |
|