|
شؤون سياسية وهو اللقاء الذي أجمع الجانبان على أنه من أنجح اللقاءات المضمونة في إيجابياتها والذي يتيح لهما تجنب أي منزلقات أو عوائق مستقبلية لاستمرار هذا التحالف الاستراتيجي بينهما، وبالتالي يجعلهما يرميان الكرة مجدداً باتجاه المرمى الفلسطيني والعربي باعتباره المرمى الأقدر على تقديم الإسعافات والمنشطات دون مقابل. الجانب الأمريكي كما تقول التقارير الواردة من واشنطن وفر كل العوامل لإنجاح اللقاء مع نتنياهو وببادرة شخصية من الرئيس أوباما نفسه الذي كان أشد الحرص في تكتيك جديد له يقوم على تقديم كامل الجزرة لإسرائيل طبقاً لوصف أكثر من صحيفة أمريكية واسرائيلية، وبالتالي هو لقاء جمد أزمة الثقة التي كان يعتقد البعض بوجودها بينهما وبالتالي طوى اللقاء صفحة أصبحت من الماضي وليفتحا معاً صفحة وفصلاً جديداً من علاقات التعاون بينهما فيه الكثير من الويلات كما هو واضح حيال قضايانا العربية والاقليمية بما يعزز من سيطرتهما المشتركة عليها. وهذا ما تؤكده ملامح التفاهمات الجديدة التي توصل إليها الجانبان والتي أهملت تجنب الخوض في أي نقطة خلاف بينهما، إذ أظهر أوباما ونتنياهو حرصهما على تخطي المرحلة الماضية وعدم الالتفات إليها أو الى القضايا التي تشكل هاجساً مقلقاً لهما كالاستيطان ومسألة الشروع في محادثات مباشرة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل بما تؤول اليه لإقامة دولة فلسطينية وهي مسائل كان الجو الضبابي يسودها في محادثات الجانبين. وهذا ما عكسته مدى حفاوة الاستقبال الذي حظي به نتنياهو حيث أعطيت التعليمات لموظفي البيت الأبيض بالتعامل مع نتنياهو وحاشيته حسب صحيفة معاريف الاسرائيلية وكل ذلك مقابل أن يتنازل نتنياهو للشروع في مفاوضات عقيمة جديدة مع الفلسطينيين حفظاً لوجه الماء الأمريكي وإنقاذاً لجهود أوباما ولسمعته التي سجلت تراجعاً ملحوظاً لدى أوساط الأمريكيين في الآونة الأخيرة على أنه الرئيس الذي يسجل تراجعاً تلو تراجع في تنفيذ وعوده. الاتفاق الأمريكي الاسرائيلي الجديد كما تحدث عنه الجانبان فيه أيضاً مناورة محبوكة جيداً للالتفاف على بعض الاعتراضات الأمريكية على أزمة توسيع الاستيطان اليهودي في أنحاء فلسطين، وبالتالي فإن إسرائيل لن تكون بموجب هذه التفاهمات الجديدة مطالبة بأن تعلن رسمياً وصراحة وقفها سياسة الاستيطان أو تجميده وإخراجاً لهذا تعهد نتنياهو بعدم تصديق حكومته على مشاريع استيطانية جديدة، بمعنى أن الاستيطان قائم ومستمر دون الإعلان عنه أو الحديث عنه بما يؤذي الطرف الفلسطيني أو العربي من جهة ويحرج الطرف الأمريكي من جهة أخرى وهذا معناه تسويف جديد للقضية الفلسطينية، وإدخالها أيضاً من جديد في دوامة العرض والطلب الإسرائيلي على خلفية التقاء المصالح الأمريكية الإسرائيلية والمماطلة ومن ثم اسرائيلياً باستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية وهي المفاوضات التي اتفق الجانبان الأمريكي والإسرائيلي عليها على أن تكون فقط من أجل المفاوضات وتضييع الوقت كما هو عليه الأمر منذ ستين عاماً دون أن يكون لها أي جدوى سوى الانتظار. وفي هذا الإطار كما هو واضح اتفق الجانبان الأمريكي والاسرائيلي على تقديم سلسلة مبادرات شكلية باتجاه السلطة الفلسطينية وصفوها بالطيبة بغرض شق الطريق للمحادثات المباشرة ترافقها بعض المشاريع الاقتصادية التي سيتغنى بها الغرب وبعض العرب على أنها إنجاز إيجابي للفلسطينيين وعلى أنها خطوة جوهرية كي يقدم مقابلها الجانب الفلسطيني وحتى العربي خطوات مماثلة لبناء الثقة استجابة لمطالب أمريكية، وكأن حجم الخطوات التنازلية التي قدمها الفلسطينيون والعرب إلى الآن للكيان الصهيوني غير كافية وغير جذابة للعاب هذا الكيان الذي لن يرضى بأي ثمن قبل تحقيق مشروعه الاستعماري على كامل مقدرات الأمة من المحيط إلى الخليج. ولعل اللافت للنظر في اتفاق التسويف والتمويه الأمريكي الإسرائيلي الجديد هو أن هذا الاتفاق ما إن جف حبره حتى سارعت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الى إلقاء الضوء على قيام أربعين جمعية أمريكية من جمع أكثر من مئتي مليون دولار على شكل هبات لدعم الاستيطان اليهودي في أرجاء فلسطين، وأن جانباً كبيراً من هذه الأموال كانت من جامعي الضرائب وستقدم على شكل هبات لمستوطنات يهودية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية تحديداً وكذلك للمدارس والكنس اليهودية ولمراكز الترفيه الأخرى ولعل مثل هذا التناقض في الأداء الأمريكي يشكل مفارقة مثيرة للدهشة فيما يحاول الطرف الأمريكي إظهار نفسه على أنه الساعي لإعادة الحقوق الفلسطينية وفيما هو أرض الواقع يكشر عن أنيابه من جديد لهضم تلك الحقوق. إنه مسلسل من التآمر الأمريكي لاسرائيل الذي لن يكون له نهاية حيال هذه الأمة والتآمر عليها وعلى حقوقها، وهو مسلسل يعده الجانب الصهيوني بدقة متناهية وينفذه الجانب الأمريكي بأمانة عالية وهاهو الرئيس الأمريكي أوباما يؤكد ذلك من خلال توعده بتأمين الحماية والدعم الكاملين للكيان الاسرائيلي ولاسيما حماية ترسانته النووية وتأكيده لنتنياهو خلال قمته معه بأنه لن يسمح لأي مؤتمر إقليمي يعقد بشأن إنشاء شرق أوسط خال من الأسلحة النووية إذا كان الغرض منه استهداف اسرائيل. |
|