|
معاً على الطريق وأن تجربة الدول الاشتراكية المنهارة والسيئة يجب ألا تجعلنا نغمض عيوننا عن وحشية الرأسمالية والرأسماليين. لاشك أن الراتب الشهري لشخص يعمل في القطاع الخاص، أي في شركات الرأسمالية أو مؤسساتها ، هو أعلى بكثير من راتب شخص يعمل في مؤسسة الدولة. ولهذا ترى الشباب يهرعون إلى المؤسسات الرأسمالية وشركاتها للحصول على فرصة عمل. وما إن يقبل هذا الشخص المحتاج إلى العمل حتى تبدأ معاناته، معاناة علاقته بالزمن أولاً ، إذ يمكن أن يذهب إلى العمل صباحاً ولايعود إلى البيت إلا في ساعة متأخرة من الليل. وكل نضالات البشرية التي أنتجت ساعات العمل الثماني كحد أقصى للعمل تذهب أدراج الرياح عند رأسماليينا الذين يقتلهم الفجع والنهم فيستنزف الإنسان استنزافاً ولايترك فيه رمقاً لممارسة حياة خاصة خارج العمل ،اللهم إلا يوم العطلة الوحيد. ويصل استغلال قوة عمل الإنسان حداً تكون معه الحياة البشرية مستحيلة أولاً وهي الحياة الضرورية للصحة النفسية، فحياة الصداقة والرفقة والاستمتاع بالطقوس الاجتماعية تمنح الإنسان روحاً جديدة . وقوة معنوية وسعادة لايمكن أن توفرها له ساعات العمل الطوال في المؤسسة الرأسمالية. وليس هذا فحسب يخلق لدى العامل الموظف في المؤسسة الرأسمالية شعوراً بالاضطهاد والكره الدفين لرب العمل ، واستمرار الإنسان في الشعور بالكره والحقد الطبقي وبالاضطهاد تدمر حياته النفسية الطبيعية فيصبح عكر المزاج ،وحاد الطبع بل وعدواني السلوك، والمرأة العاملة عند الرأسمالي أشد شعوراً بما سبق لأنها أكثر حساسية وخاصة إذا كانت أماً. ورب العمل لايملك أي شعور بالمحبة والرحمة بالعاملين عنده ، إنهم أدوات ، وإن صار مردود الأداة أقل مما يطلب رماها دون إحساس بالذنب ، لأن هدفه الأساسي هو الربح وزيادة رأس المال. وكثير من العاملين عند رب العمل هذا يوقعون على عقود وهمية وعهود تمنح رب العمل الحقوق التي كان يجب أن تمنح للعاملين أنفسهم. فضلاً عمّا سبق قوله فإن الرأسمالي إذا ما أحس بمشكلة ما قد تسبب له خسارة فإنه لايتوانى عن تهديم المؤسسة التي يملكها وتحطيم مستقبل العاملين معه طمعاً في نجاته هو ،هو فقط. فالأزمة التي يعيشها الرأسماليون قد تنال من حجم رأس المال لدى صاحبه ،لكنها تدمر العاملين عنده ، فمستقبل هؤلاء المساكين الذين أفنوا أجسادهم لزيادة رأسمال الشركة أو المعمل أو ...أو... غير مضمون إطلاقاً. أرأيتم وحشية العلاقات الرأسمالية وخاصة إذا كانت رأسمالية متخلفة الثقافة وحديثة العهد بالتراكم ولا رادع لها من سلطة أخرى. |
|