تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«غولد ستون»... هزيمة مدوِّية لإسرائيل

شؤون سياسية
الأربعاء 4-11-2009م
غالب حسن محمد

من الواضح تماماً أن «اسرائيل» قد منيت بهزيمة دعائية مدوية خلال الآونة الأخيرة، وذلك عندما تبنى مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف قراراً يصدق على تقرير غولدستون، الذي يتهم «اسرائيل» بارتكاب جرائم حرب،

وباحتمال تورطها أثناء العدوان في ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية خلال الهجوم الذي شنته على قطاع غزة لمدة تزيد على ثلاثة أسابيع.‏

إن الحرب التي شنتها «اسرائيل» على قطاع غزة أسفرت عن مصرع ما يزيد عن /1400/ فلسطيني من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. كما تسببت في الحاق ضرر جسيم بالمنازل والمدارس والمستشفيات والمزارع والمصانع والمرافق العامة، وخلال تلك الحرب العنصرية لقي 13 «اسرائيلياً» مصرعهم بعضهم بنيران «اسرائيلية».‏

هل معنى ذلك أن الزعماء «الاسرائيلين» سواء السياسيون منهم أم العسكريون سيضطرون للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبتهم على أفعالهم...؟.‏

ليس هناك شيء أقل احتمالاً من ذلك، فالولايات المتحدة صوتت ضد القرار، وهناك مؤشرات قوية على أنها ستستغل حق «الفيتو» المخول لها لحماية «اسرائيل» في مجلس الأمن، إذا ما شهد مناقشة في أي وقت لتقرير (غولدستون) ويمكن التوصل إلى عدة استنتاجات في هذا السياق.‏

أولها: أن الولايات المتحدة الأمريكية كما يبدو ليست مستعدة بعد لممارسة ضغط ذي شأن على «اسرائيل» وهذه ليست أخباراً جديدة بالنسبة لعملية السلام المتعثرة، حيث يتوقع أن تضيف إلى الاحباط الذي يشعر به العديد من العرب والفلسطينيين على وجه الخصوص. الذين يشعرون بمرارة شديدة عندما يستمعون إلى كلمات الرئيس الأمريكي باراك أوباما المعسولة حول حل الدولتين، ثم لا يرون انعكاساً لتلك الكلمات على أرض الواقع.‏

بشكل أكثر عمومية، يمكن القول إن جهود السيد أوباما لحماية الولايات المتحدة من عداء العالم العربي الاسلامي قد منيت هي الأخرى بضربة قاصمة، فقد أمل الرجل في اقناع العرب والمسلمين أن الولايات المتحدة ليست عدوة لهم ولكن الغالبية العظمى منهم ستجد التصويت الأمريكي ضد التصديق على تقرير (غولدستون) عملاً محبطاً دون أدنى شك، مع ذلك، فإن التصويت لصالح هذا التقرير (26 مؤيداً، و6 معارضين، و11 ممتنعاً عن التصويت و5 من بينهم بريطانيا وفرنسا لم يدلوا بأي صوت على الاطلاق قد أظهر بجلاء أن «اسرائيل» تفقد وبشكل يكاد يكون مستمراً المزيد من الأرض على ساحة الرأي العام العالمي.‏

فالدول الرئيسية في ذلك المجلس مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وأندونيسيا والفلبين صوتت جميعها على تبني القرار كما صوتت عليه بالطبع الدول العربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية، أما هؤلاء الذين صوتوا ضده فهي الولايات المتحدة، وايطاليا وهولندا والمجر وسلوفاكيا وأوكرانيا.‏

فإسرائيل تريد أن تتمتع بحرية ضرب من تشاء في نفس الوقت الذي تريد فيه حرمان الآخرين من هذه الحرية. وهي تريد أن تتمتع بحق الردع لنفسها، وحرمان الآخرين من هذا الحق أيضاً فهذه العقيدة الأحادية الجانب التي يسعى كيان العدوان من خلالها الدفاع عن نفسه يفقد على نحو متصاعد الكثير من مصداقيته في نظر الرأي العام العالمي كما يفقد الكثير من دعمه كما تبين الحرب التي شنتها«اسرائيل» على قطاع غزة ومن قبل على لبنان وكما تبين أيضاً محاولاتها المحمومة في الوقت الراهن لتهيج العالم العربي ضد ايران.‏

ومع أن الهجوم على قطاع غزة ينظر إليه على نطاق واسع على أنه كان مشروعاً اجرامياً، فإن الحصار الذي تمارسه اسرائيل على غزة يمثل جريمة وفضيحة كبرى لا تقل عن الهجوم. فخلال الآونة الأخيرة زارت (كارين أبو زيد) المفوضة العامة للأنروا (وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأوسط، العاصمة الفرنسية باريس لجمع أموال لمنظمتها التي تعاني من مصاعب جمة. فكي يتسنى توفير الصحة والتعليم والخدمات الأساسية لنحو /4.6/ مليون لاجئ فلسطيني في غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية والأردن فإن الوكالة تضطر إلى توظيف 27 ألف موظف معظمهم مدرسون ومسؤولو صحة مستقطبون محلياً كما تستخدم ميزانية بلغت /545/ مليون دولار عام 2008.‏

ولكن ميزانية الوكالة، تعاني من عجز مالي هذا العام يبلغ /7/ ملايين دولار.‏

والصورة التي رسمتها (أبو زيد) عن الأحوال في داخل قطاع غزة كانت كئيبة إلى أقصى درجات الكآبة علماً أن الوضع هناك لم يتغير بعد الحرب. وذلك بسبب الحصار الذي تفرضه «اسرائيل» على القطاع، والذي يبلغ حداً من الصرامة يجعل من المستحيل على أحد تقريباً الخروج أو الدخول من القطاع دون تصريح من «اسرائيل».‏

وليس هناك من اشارة بعد إلى أن العالم سيعمل من أجل رفع هذا الحصار الفاضح عن قطاع غزة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية