تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عار عليكم حماية مجرمي الحرب

موقع GULF NEWS
ترجمة
الأربعاء 4-11-2009م
ترجمة: ليندا سكوتي

تخيل لو ان عصابة من اللصوص المدججين بالسلاح داهمت منزلك، وسرقت محتوياته، وأطلقت النار عليك وعلى أفراد أسرتك، فهل ستلوذ الصمت أم تسارع بالادعاء عليهم، والمطالبة بتطبيق القانون بحقهم؟ وخاصة انك تعرف من هم أولئك المجرمون أفراد تلك العصابة، وتتوقع أن تلبي الشرطة شكواك،

وتلقي القبض عليهم. لكن ماذا سيكون رد الفعل لديك عندما تشاهد رجال الشرطة قد تعمدوا تجاهل مطلبك، ولم يأبهوا به عندما علموا بأسماء القتلة تحسبا مما قد يسببه لهم هذا الأمر من حرج، أو أنهم اكتفوا بالنظر إليك بعدم اكتراث، وأعربوا عن عدم إمكانية تقديم المساعدة لك، وانصرفوا غير مبالين بك او بشكواك؟‏

وتخيل أيضا بأنك قدمت شكوى مماثلة على تلك العصابة لقائد الشرطة الذي أبدى تعاطفه معك في بادئ الأمر، لكنه لم يلبث(بعد ان علم بأسماء منفذي الجريمة) حتى طردك من مكتبه قبل الاستماع الى كامل شكواك. وتصور أيضا بأن المحاكم والحكومة والشخصيات الدولية قد قررت جميعا حماية المعتدين مهما كانت الجرائم التي ارتكبوها بحقك، فهل سيكون لديك أي اعتقاد بأن العالم لم يصبه العته؟‏

لا يوجد أي فرد في العالم يمكن ان تكون لديه حصانة من العدالة، لكن لنتخيل ان عصابات الإجرام تلك قد عادت مرة أخرى لأفعالها، دون أن يحرك مدعو العدالة ساكنا لردعهم، بل إنهم يواصلون غض الطرف فعندها ستقف متسائلا عما يتعين عليك فعله.‏

يبدو أن السيناريو المريع الذي ذكرناه يبز الخيال، لكنه قائم فعلا على أرض الواقع، حيث يعيشه الفلسطينيون عبر العقود السته الماضية، إذ فرض عليهم التزام الصمت إزاء ما يحدث من سرقة لأراضيهم، وإتلاف لمحاصيلهم، وانتهاك لكرامتهم، وقصف بيوتهم وتدميرها، وتقييد حريتهم في التنقل، وتعريض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر.‏

على الرغم من محاولة الفلسطينيين تلمس العدالة من الجهات الدولية المعترف بها، لكن محاولاتهم دائما كانت تبوء بالفشل، لأنهم يجدون الأبواب موصدة بإحكام في وجوههم، الأمر الذي أصابهم باليأس والإحباط، ودعا البعض منهم إلى الانصراف نحو أخذ حقهم بأيديهم. وعلى الرغم من ان القانون يعتبرهم يعيشون تحت الاحتلال ومن حقهم مقاومته فقد نعتوا «بالإرهابيين».‏

دأب الفلسطينيون على مطالبة الأسرة الدولية بمساعدتهم دون جدوى، ذلك لأن أغلبية الدول الكبرى في مجلس الأمن لا تناهض ولا تعارض ما ترتكبه إسرائيل من مخالفات، ولو أن الأمر ضمن اختصاص الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة لوجدنا أن العقوبات بحق إسرائيل قد جرى تنفيذها منذ زمن بعيد، وأصبحت ثمة دولة تسمى فلسطين على أرض الواقع.‏

إن سوء الطالع جعل قوة الأمم المتحدة في أيدي عدد محدود من الدول العظمى التي تمتلك حق النقض، وإنه من الأمور المخزية أن يكون للولايات المتحدة الدور الأهم في هذا المضمار وهي الدولة الملتزمة بحماية مصالح اسرائيل دون قيد او شرط، سواء أكانت على حق أم على باطل، وتفرض على جميع حلفائها دعم هذا الموقف.‏

لا شك أن الكثير منا على اطلاع ومعرفة بعشرات القرارات غير الملزمة الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، والتي دأبت إسرائيل على إنكارها، وعلى قرار محكمة العدل الدولية الذي اكتفى بوصف جدار الفصل العنصري بعدم الشرعية، وعلى تصريحات الحكومة البريطانية التي اكتفت أيضا بتحذير مجرمي الحرب من الاعتقال إن هم قدموا إليها. جميع تلك الإجراءات لم تثن إسرائيل عما تقدم عليه. وما يثير الدهشة والاستغراب، ان نجد معظم البلدان التي نصبت نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان تنهج بشأن هذا الموضوع تصرف القرود الثلاثة (لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم) عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.‏

مؤخرا، صادق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على التقرير الذي أصدرته لجنة ترأسها الداعم لإسرائيل القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، وكانت المصادقة بالأغلبية، حيث أبدى ستة من الأعضاء معارضتهم، بينما امتنع 11 منهم عن التصويت. وعندما عرض التقرير أمام مجلس الأمن أيده عضوان هما روسيا والصين، بينما عارضته الولايات المتحدة، ولم تسجل بريطانيا وفرنسا أي موقف تحسبا من غضب إسرائيل.‏

لقد دعت مسودة التقرير كافة الأطراف المعنية بما فيها الأمم المتحدة لتطبيق ما ورد به من توصيات بعد مصادقة مجلس الأمن، بحيث يصار الى إحالة كل من إسرائيل وحماس إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في حال فشل الطرفين في إجراء تحقيق مفتوح وموثوق به في غضون ستة أشهر.‏

إن أي شخص منصف سيرى في التقرير عدالة ومنطقية، وقد رحبت كل من السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس بتلك الفكرة. لكننا نتوقع بأن إسرائيل ستعلن غضبها مدعية أن القرار بشكل دعما للإرهاب، ويهدد بدفن عملية السلام، تلك العملية التي نعتقد أنها ماتت ودفنت منذ زمن بعيد. ونعتقد أن تقرير غولدستون لن يكون مصيره أفضل حالا من عملية السلام لأن واشنطن ستبذل قصارى جهدها لتحول دون صدور قرار عن مجلس الأمن بهذا الشأن. وفي حال فشلها ستستخدم الفيتو.‏

لقد أبرز التقرير الجرائم الإسرائيلية، وجعل الإسرائيليون يتساءلون عما حصل من تغيير قاد الى إضعاف موقفهم بعد أن تبين أن ما تلوح به الولايات المتحدة من استخدامها للفيتو سيقود الى خسارة في مصداقيتها كوسيط نزيه لحل النزاعات. وسيحرج الرئيس باراك اوباما بعد تسلمه لجائزة نوبل للسلام، الأمر الذي حدا برئيس مركز الحقوق الدستورية في نيويورك مايكل راتنر الى القول لهذا الفائز بجائزة السلام: «من العار عليك أن تحمي دولة أدينت بارتكاب جرائم حرب».‏

 بقلم: ليندا هيرد‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية