تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


واشنطن: هل سنخسر تركيا؟!

لوموند
ترجمة
الأربعاء 4-11-2009م
ترجمة: سهيلة حمامة

تشكل خيارات تركيا الجديدة إحدى الظواهر المثيرة لمتابعتها على الساحة الدولية، وتمس كبرى تحديات أزمة الصراعات والحروب المشتعلة من الشرق الأوسط إلى أفغانستان وتتعلق بمسألة تطور ذاتي وكياني لبلد بات شغله الشاغل إثبات نفسه وقوته في أوروبا والمشرق وآسيا.

الدبلوماسية التركية تبدو في ذروة نشاطها هذه الأيام، وتمثل قوة إقليمية لا تتراجع أمام إشارات قابلة لأن تقلب الموازين أو أن تغير من الثوابت، فقد وقعت تركيا مؤخراً اتفاقاً مهماً مع أرمينيا يفتح الطريق أمام تسوية العلاقات بينهما، إضافة إلى أنها ألغت المناورات العسكرية المشتركة مع «إسرائيل» تعبيراً عن تضامنها مع شعب غزة واستنكارها للحرب الإسرائيلية التي شنت عليه مؤخراً.‏

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن أنه سيحل ضيفاً على أوباما في البيت الأبيض في الوقت القريب، وهو الذي قصد إيران مؤخراً، مذكراً برغبة تركيا في القيام بدور الوسيط حيال الملفات الساخنة في المنطقة.‏

بالمقابل أشارت زيارة أوباما لتركيا في نيسان الماضي إلى الأهمية القصوى التي توليها الإدارة الأميركية الجديدة لهذا البلد باعتباره شريكاً استراتيجياً قوياً ورمزاً للحوار المنشود مع العالم الإسلامي.‏

من جهة أخرى تسعى تركيا لتعميق رؤيتها في الملفات الكبرى على الصعيد الدولي، معتمدة في ذلك على مفاهيم مختلفة مثل «العمق الاستراتيجي» و«لامشكلة» مع جيرانها.‏

هذه الدبلوماسية التي يطلق البعض عليها «العثمانية الجديدة» تثير عند بعض حلفاء تركيا تساؤلات مهمة، لعل أبرزها: هل تتحول تركيا شيئاً فشيئاً عن مهماتها الأورو-أطلسية».‏

والواقع أن تركيا سرعت عملية تقاربها مع روسيا، بهدف مضاعفة إمدادات الطاقة ومشاريع أنابيب الغاز، علماً أن تركيا تستورد 66٪ من الغاز الروسي.‏

كما أن موسكو رحبت بالتقارب التركي- الأميركي الحديث العهد، ما ضغط على أذربيجان ذلك أن الشركة الروسية «غاز بروم» تطمح إلى الإشراف على مخزونات الطاقة الاحتياطية فيها.‏

تركيا التي تم تعليق مسألة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بتدخل من بعض قادة دوله بحجة عدم تلبيتها أو استيفائها للمعايير الأوروبية، تبحث عن أصدقاء جدد وشراكات جديدة تحت سماءات أخرى،إلا أن ممثلي حزب العدالة والتنمية يعللون ذلك بأن تركيا لاتفعل شيئاً سوى التكيف والتأقلم مع الظروف والمعطيات الجديدة، وخاصة أن انتهاء الحرب الباردة فتح أبواباً واسعة أمام خيارات تركيا، وبالتالي من حقها استثمار الأوراق الإقليمية في الجنوب والشرق كما في الشمال وعلى امتداد محاورها التجارية الجديدة، ويؤكد المسؤولون في تركيا أن هذه الخيارات الجديدة لن تؤثر أبداً على التحولات الاستراتيجية الكبرى كانضمام تركيا إلى الناتو منذ عام 1952 الترشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن تركيا تعمل على التقارب والحفاظ على حلفائها معلنة استعدادها لتقديم «المزيد» من أجل أوروبا كما تلجأ دوماً إلى تنوع سياستها معهم.‏

مازال الجدل بشأن تركيا قائماً، ففي أميركا ومع بروز الخلافات بين البلدين بشأن الحرب على العراق أو معارضة تركيا لهذه الحرب طُرح السؤال التالي: هل نحن على وشك خسارة تركيا؟.‏

غير أن الدبلوماسية الأميركية الجديدة ولدت نوعاً من التآزر، وخاصة حول أفغانستان، ولكن المراقبين يستبعدون إمكانية حددت تقارباً أميركياً مع إيران، في الوقت الذي تعارض تركيا فكرة فرض العقوبات عليها.‏

كما أن تركيا سارعت إلى حل «المسألة القبرصية» بمساعدة أميركا فهل تثير أوروبا التساؤل المتعلق بخطر خسارة تركيا؟! وفي منطقة البحر الأسود والقوقاز تنظر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على أنه محاور فاشل نوعاً ما.‏

وواقع الأمر أن تركيا تستعد لأن تكون نقطة مهمة لنقل الغاز الطبيعي من روسيا والعراق وبحرقزوين، وربما يوماً ما من إيران نحو أوروبا، فإنها بذلك تسعى لأن تكون في مركز جيو بولتيكا جديدة، لن ترضى فيه أن تكون بصفة «مرشح» للاتحاد الأوروبي.‏

وحسب استطلاع حديث من معهد جيرمان مارشال فوند فإن 35٪ من الأتراك يرون أن الناتو يضمن أمن بلادهم (مقابل 53٪ في عام 2004) و 48٪ منهم يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (مقابل 73٪ في عام 2004) في حين أن 65٪ ممن شملهم الاستطلاع عبروا عن قناعتهم بأن هذا الأمر لن يتحقق على الإطلاق.‏

كما أن 43٪ من الأتراك يفضلون أن تتحرك بلادهم وحدها بدلاً من التشاور مع الاتحاد الأوروبي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية