تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


... الغـــــاية تبـــــرر الوســــيلة!

فضائيات
الأربعاء 4-11-2009م
غسان يوسف

إذا كانت حرية الإعلام تعني حرية الإنسان فإن هامش الحرية التي تتمتع به بعض القنوات الفضائية العربية صار عبئا حتى على الحرية الشخصية !كون هذه القنوات تدخل بيوتنا عنوة  , ومن دون كما يقال : ( إحم أو دستور ) !

والأنكى من ذلك أن مالكي هذه القنوات يصرحون بكل صفاقة أنهم يلهثون وراء الربح والثروة والشهرة من دون أن يكلفوا خاطرهم التوقف ولو قليلا عند المضمون الذي تبثه قنواتهم ! ما يدل على أنهم يتصفون بضيق الأفق الفكري , وقلة الأخلاق , كونهم يتبعون المبدأ المكيافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) علما أن التلفزيون بحد ذاته يجب أن يكون وسيلة فكرية ثقافية في المقام الأول ؛ وليس وسيلة للتجارة والربح أو الإثارة المبتذلة !‏

وقد تكون مجموعتا  mbc و lbc ( روتانا ) هما من أكثر المحطات ريادة في استعراض الإثارة , وكل المحطات الأخرى هي الآن تقلد هاتين المجموعتين , ويبدو أن مالكي محطات الإثارة استغلوا هوس وولع المشاهدين العرب بالمحطات الفضائية وإدمان الكثير منهم على إرسال رسائل الجوال للاشتراك في شريط المحادثة الظاهر أسفل الشاشة ما شجع الكثير من مالكي رؤوس الأموال لإنشاء محطات فضائية  والفوز بالأموال الكبيرة التي تعود من رسائل الجوال .‏

في بداية التسعينات كانت (أم بي سي) أول قناة عربية فضائية تبث على مدار الساعة وقد استهوت كثيرا من المشاهدين العرب بسبب تنوع برامجها ودخولها إلى عمق المشكلات الاجتماعية العربية, أما الآن فصارت - عدا عن العربية التابعة لها تنفث سمومها وحقدها ضد كل ما هو حق عربي - تترجم البرامج الغربية إلى اللغة العربية فكثيرا من برامجها لا يمت للثقافة العربية بصلة , بل إن جلّ ما تهتم به هو الأفلام الأمريكية الحديثة وتعرضها بما فيها من لقطات مخلة بالحياء ! حتى لا تستطيع أن تميزها عن القنوات الأجنبية .‏

وإذا كانت مجموعة روتانا برعت في تقديم مذيعات ومطربات الإثارة فإن أم بي سي اجتهدت بتقديم برامج للأطفال على إحدى قنواتها , لكن المثير للسخرية حقا أنها تقوم بالدعاية لهذه البرامج على قنواتها الأخرى المخصصة للكبار ! أليس من شأن هذا أن يجعل الطفل يدع البرامج المخصصة له - والتي في أغلبها مستوردة ولا تناسب ثقافة الطفل العربية - تجعله يترك البرامج المخصصة له ويتابع ما خصص للكبار !‏

والسؤال هل التركيز على الجانب الغريزي هو الذي يجلب المشاهدين حقا ؟ ومن قال: إن هؤلاء المشاهدين هم المشاهدون المطلوبون؟  لكن يبقى السؤال الأهم: هل يجوز أن نلعب على الغرائز لندخل المعرفة كما يقول البعض ؟ أم أن الصحيح هو أن حاكي العقول من خلال تقديم كل ما هو جيد ومفيد ؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية