تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفيديـــــــو كلـــــــيب .....هـــــل ظلمنـــــاه ؟  

فضائيات
الأربعاء 4-11-2009م
جوان جان 

  كان من الطبيعي في ظل التدفق الفضائي المستمر منذ خمسة عشر عاماً والمتكاثر بشكل مذهل أن تتعدد مستويات مفردات هذا السيل الدافق بحيث أصبح الحديث عن فضائيات ملتزمة وجادّة وأخرى مبتذلة ومتدنية أمراً لا تخلو منه مطبوعة أو دورية أو صفحة تهتم بشؤون الفضائيات..

والواقع أن مفهوم الابتذال غالباً ما كان يتجه باتجاه واحد وهو الاتجاه الذي يصل في نهاية المطاف إلى المواد التلفزيونية ذات الطابع الفني كالأفلام الرديئة والمسرحيات متدنية المستوى والمسلسلات المطوّلة والرتيبة وبطيئة الإيقاع أو تلك القائمة على التهريج، إلا أن الهجوم المركَّز في هذا الإطار يطال بشكل أساسي تلك الفضائيات التي تعرض أغاني الفيديو كليب على مدار الساعة، وهي في معظمها أغانٍ لها الدور الرائد في تخريب الذائقة الفنية عند المشاهدين العرب الذين تغيرت متطلباتهم الفنية خلال السنوات العشرين الأخيرة بشكل مريع، حيث أصبح الفن الغنائي الهابط هو النموذج لديهم، أما الفن الراقي فلم يعد له مكان إلا في ذاكرة البعض .‏

والواقع أن مفهوم الابتذال انحصر ضمن هذه الفضائيات في الوقت الذي لا تقل فيه بعض الفضائيات التي لا تبث أغاني الفيديو كليب ابتذالاً عن الفضائيات التي تبثها، ذلك أن مفهوم الابتذال ينبغي أن يمتد ليشمل كل مادة تلفزيونية تعمل على تخريب عقول البشر، فتلك الأقنية التي تبث برامج يختلط فيها الحابل بالنابل وتُطرَح فيها وجهات النظر بشكل عشوائي دون أن يفهم المشاهد أياً منها هي قنوات مبتذلة، وتلك القنوات التي تبث برامج هدفها إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والتركيز على توافه الأمور وسفاسف الأشياء هي قنوات مبتذلة، وتلك القنوات التي تبث برامج تعيد الإنسان في تفكيره وأساليب عيشه إلى ما قبل العصور الوسطى هي قنوات مبتذلة، وتلك القنوات التي تقدم فيها برامج حوارية يتنافس فيها الضيوف على الترويج لوجهة نظر واحدة هي قنوات مبتذلة، وتلك القنوات الخاصة بالأطفال التي تدعو ليل نهار إلى الانغلاق وتعمل على الترويج للخرافات والأساطير وبث الرعب في نفوس الأطفال وتعكير صفو طفولتهم والتفريق بين الذكور منهم والإناث هي قنوات مبتذلة.. بل يمكن القول إن ابتذال القنوات سابقة الذكر يبدو أكثر خطورة بما لا يقاس من ابتذال قنوات الفيديو كليب لأنها تقدم الابتذال ضمن قالب جاد يتعامل معه المشاهِد وكأنه حقيقة لا جدال فيها .‏

من هنا أرى أن على الإعلام المتنور والإعلاميين المتنورين أن يأخذوا دورهم الحقيقي في مكافحة هذه الظواهر الشاذة والمدمِّرة في الإعلام العربي، وعلى المعنيين أن يمارسوا دورهم في الحد من هذه الظواهر التي هدفها الأول والأخير تهديم المجتمعات وتخريب العقول وتحويل الإنسان إلى آلة صمّاء تنفذ ما يُرسَم لها دون وعي أو تفكير .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية