تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العلاقات السورية اللبنانية في (مرة أخرى)

مهرجان دمشق السينمائي
الأربعاء 4-11-2009م
فؤاد مسعد

(مرة أخرى) حكاية زمنين تتكرّر فيهما أحداث متشابهة أحياناً وهي طرح لما تركته الحرب من أثر على حياة السوريين واللبنانيين ، هذا الحدث سيكون خلفية لقصة حب بين مديرة بنك آتية من لبنان لها تاريخها وماضيها في الحرب اللبنانية وشاب سوري يعمل مهندساً للمعلوماتية في البنك ويحمل ماضيه وماضي والده الضابط الذي خاض الحرب الأهلية ..

ربما هي كلمات تحاول اختزال المحور الأساسي في الفيلم الروائي الطويل (مرة أخرى) للمخرج الشاب جود سعيد الذي يشارك في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل في مهرجان دمشق السينمائي ، والفيلم من إنتاج مشترك بين المؤسسة العامة للسينما وشركة سورية الدولية للإنتاج ، التعاون الفني والاستشارة الدرامية عبد اللطيف عبد الحميد ، تمثيل : قيس شيخ نجيب ، عبد اللطيف عبد الحميد ، بياريت قطريب ، عبد الحكيم قطيفان ، كندة علوش ، جوني كوموفيتش ، فادي صبيح ، آنجو ريحان ، جمال شقير ، مجد رياض .‏

ويُعتَبر هذا الفيلم هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج في مؤسسة السينما بعد أن قدم فيها فيلمين قصيرين هما (مونولوج) عام 2007 و (وداعاً) عام 2008 .. ويراهن المخرج على فيلمه الجديد ويرى أنه سعى من خلاله محاكاة مختلف الشرائح ليكون الأقرب إلى الناس .. معه كانت لنا هذه الوقفة :‏

ثقافة المُشاهَدة‏

حول العناصر التي سعى المخرج لاستخدامها لتحقيق الجماهيرية في فيلمه الجديد ، قال : بعد فيلمَي القصيرين اللذين فيهما من التجريب الكثير وحققا صدى طيباً لاحظت أن هناك حاجزاً بعلاقتهما مع المشاهد العادي وأعتقد أنني فهمت السبب في ذلك، فثقافة المُشاهَدة عندنا غائبة والجمهور بحاجة لفيلم تحمله حكايته قبل كل شيء وعلاقات ومصائر الناس فجمهورنا لازال بحاجة لرؤية الأعمال الكلاسيكية بمعنى السردي والحكائي التي تخاطب وجدانه ومشاعره هذه الحكايا من واقعه وماضيه .. والسينما تستشرف المستقبل أحياناً ولكن بناءً على الماضي فهي فن تسجيل الزمن وإعادة خلق لحظات مرت ، وبالتالي حاولت أن أشتغل على الذاكرة الجمعية لدى الناس ، وأظن أن موضوع الفيلم لايزال غضاً وطازجاً وحاضراً في الأذهان فحاولت تقديم حكاية متماسكة واضحة المعالم معاصرة ببناء جديد ولكنه سهل للوصول فيخاطب وجدانك بشكل مباشر وبالوقت ذاته لن أتنازل عن الحدود التي وضعتها لنفسي بصرياً في الفيلمين القصيرين اللذين سبق وقدمتهما، أي صناعة صورة مبحرة في تعقيدها وبأن تكون سينمائياً معاصرة وعالية الجودة ، وهذا كله سيجذب الناس لرؤية صورة غنية تقنياً وقد حاولنا تأمين كل الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك .‏

حلم كل مخرج‏

عن أهمية أن يكون الفيلم جماهيرياً ودور المؤسسة العامة للسينما في ذلك ، قال : تحقيق الجماهيرية حلم كل مخرج .. الظرف عندنا هو ظرف غير صحي ، فقد يكون هذا الحلم أكثر واقعية في فرنسا على سبيل المثال لأن الصالة هناك موجودة والجمهور يحبها وهناك علاقة واضحة بينهما ولا يقضي عليها التلفزيون لأنها طقس اجتماعي مديني تروج له كل وسائل الإعلام والدولة وأصبح موجود في اللاوعي عند الناس ذهابهم يوم العطلة لمشاهدة فيلم ، فهو طقس حياة .‏

وهنا لا بد من القول إنه ليس هناك جهة واحدة فقط في أي مكان في العالم تحاول أن تصنع سينما ، بمعنى أنه من المجحف تحميل المؤسسة العامة للسينما كل مصائب السينما السورية لأنه لا يجوز أن يكون هناك جهة واحدة فقط تصنع السينما فهي حالة غير طبيعية ، فعبر ميزانية لا تتعدى أجر ممثل درجة ثانية في هوليود تصنع سينما لبلد فيه عشرون مليون مواطن , وبالتالي عملية أن تقوم جهة واحدة في صناعة فيلم من الألف إلى الياء ومن ثم توزعه وتعرضه هو حمل كبير تقوم به ، ولكنها بحاجة لدعم الجهات الأخرى ، وبالتالي المؤسسة كمنتج يوصل الفيلم لحالة العرض هي مكان مثالي للعمل وتقدم شروط ممتازة للمخرج .‏

أما أن يحقق الفيلم الجماهيرية فهي مسألة خارجة عن إرادة المؤسسة لأنها تتبع للتوزيع والصالات والثقافة السينمائية ، كما أن الإعلان اليوم بات ثقافة قادرة على إقناع الناس فإن أتيت بفيلم دون المستوى وأدخلت فيه خمسة معلنين مهمين سيأتون له بمئة ألف مشاهد .‏

سينما المؤلف‏

حول توجه الجيل الشاب من المخرجين الجدد في المؤسسة العامة للسينما نحو سينما المؤلف على الرغم من الانتقادات التي سبق ووجهت للسينما السورية في أنها تندرج ضمن إطار سينما مؤلف .. يقول :‏

المخرج الفرنسي إيف بواسيه وهو أستاذي أفلامه سينما مؤلف وقد صنع 51 فيلماً وكان هناك فيلم وحيد أعتبره سيئاً لأنه لم يكتب له السيناريو . أما الانتقاد الذي وجّه للسينما السورية فهو حول ذاتية بعض أفلامهما وليس لأنها سينما مؤلف . ولكن بالنسبة إلي فقد كان لدي الشغف في الموضوع الذي تناولته في (مرة أخرى) وكنت قريباً منه في مكان من الأمكنة ولكن ما أرويه لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد حياتي وإنما أقدم حكاية أفترضها على الناس وأتمنى أن يتماهوا معها ويجد كل منهم جزءاً من حكايته فيها . كما أن السيناريو ليس عملاً أدبياً قائماً بحد ذاته وإنما هو حالة مفتوحة وعملية ،انتقال من فكرة إلى ورق إلى التصوير حتى نراه فيلماً ، وبالنسبة إلي سأبقى أصنع سينما مؤلف ولكن عندما يكون هناك نص لأحدهم وأكون معه وأعيد قراءته وتأليفه بالصورة والصوت كما أراه فهذه أيضاً سينما المؤلف ، فقد يكون هناك أكثر من مؤلف للفيلم ولكن هناك (مولّف) واحد له هو المخرج .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية