سفر الإبداع العربي
ملحق ثقافي الثلاثاء31/1/2006 د. ابراهيم زعير « سفر الإبداع العربي» عمل أدبي وفكري ذو سوية رفيعة، ومحاولة جديدة للارتقاء بالأعمال الفنية الأدبية بما يلبي ذوق الجمهور وطموحه في رؤية التاريخ العربي الزاخر بالإبداع والثقافة الإنسانية الرائعة التي تعد مفخرة للأجيال في مختلف العصور والأزمان، ويعيد للذاكرة العربية حكاية الأدب العربي في عصوره المختلفة،
على شكل برنامج أدبي وثقافي درامي عرضه التلفزيون العربي السوري على مدى شهور عديدة، وهذا العمل الكبير من انتاج مؤسسة جلنار للإنتاج التلفزيوني والسينمائي والتوزيع ومن تأليف الزميل محمود عبد الكريم وإخراج محمد زهير رجب. وتكمن القيمة الفكرية لهذا البرنامج الثقافي كونه يعرض وبشكل موجز التجليات الحضارية التي بدأت مع التاريخ المكتوب في سومر وآكاد،وصولا إلى العصور الإبداعية العربية القديمة في الجزيرة العربيةواليمن وبلاد ما بين النهرين وبلاد الشام في آرام وفينيقيا وفي مصر والمغرب العربي. كما يروي البرنامج قصة الأدب الجاهلي ومقدماته الأولى وأعلامه ومواسمه كسوق عكاظ، والذي وصل إلى ازدهاره الإبداعي الرفيع في القرنين الخامس والسادس الميلادي عبر أسماء خالدة، كإمرىء القيس وعنترة وطرفة والنابغة والأعشى في الشعر، وقيس بن ساعدة وسواه في النثر وحكمه وخطابه وأمثالا وقصصا. إن العودة إلى الآداب القديمة في عمل درامي تلفزيوني،يساهم في تثقيف المتلقين العرب من مختلف الأعمار بالأدب العربي الثري في الزمن البابلي والفينيقي، ويعرض بشكل شيق الجذور البعيدة للشعر الجاهلي الذي يمتد إلى حمير ومعين والشام وبلاد الرافدين هذه الأقوام العربية التي وفدت من الجزيرةالعربية وكان لها آدابها وملاحمها وأساطيرها وقوانينها وثقافتها التي تأثرت بها الأقوام المجاورة كاليونان والفرس وغيرهم،وهذه الحقائق وثقت بمطولات ومجلدات عديدة تملأ مكتبات الغرب أنجزها العديد من المؤرخين الشهيرين كالمؤرخ الفرنسي « بييزوسي» والألمانية « زغيريد هاندكه» وكذلك « هيرودوت» اليوناني المشهور بأنه أبو التاريخ اليوناني والمئات غيرهم. ويحتوي البرنامج الملاحم القديمة والآداب العربية القديمة في العهود اليونانية والرومانية والبيزنطية، ومن ثم يتوقف البرنامج مع الأدب الجاهلي بملاحمه الشعرية وابداعاته النثرية التي لم يصلنا منها إلا القليل بكل أسف. ويرصد البرنامج الفترة الإسلامية من حيث الشعر والنثر العربي ومن ثم يتابع حكايات الأدب العربي في الفترة الأموية ثم العباسية، حيث بدأ التدوين وازدهرت الترجمة، وانتشر التأليف والكتابة خاصة بعد أن نجح الرشيد في بناء مصانع الورق مما سهل عمل المبدعين والمفكرين، وأصبحت بغداد بمثابة مكتبة كبيرة وحواضر العرب الإسلامية. تناول البرنامج الفترات الأدبية العربية في عصورها المتعاقبة حتى نهاية العهد العباسي الأول أي حتى نهاية الدولة الحمدانية في حلب وصولا إلى نهضة الأدب العربي في العصر الحديث. فرد البرنامج حلقات لملاحم وأساطير وشعراء وكتاب وأسواق أدبية ومجالس أمراء وخلفاء ومكتبات وترجمات حتى شكل « سفر الإبداع العربي» ملحمة أدبية ثقافية غنية بالشواهد والنصوص والمقولات والقصائد والأماكن بوصفها شاهداً على حقائق التاريخ الأدبي للعرب، ووصلت حلقات البرنامج إلى ستين حلقة مدة الحلقة (30) دقيقة شارك في تقديم الحلقات وتأدية المقاطع دراميا مجموعة كبيرة من أهم نجوم سورية ومذيعيها ممن يتمتعون بالحضور المتميز والأداء الراقي.
|