|
من داخل الهامش الدار التي اسسها الدكتور ماجد علاء الدين منذ فترة من الزمن، واثمرت عطاء متميزا حقق لها حضورا محليا وعربيا. زويا ميخائيلينكو المرأة القادمة من عبق الحضارة الروسية الى بهاء الابداع السوري، رحلت منذ ايام، فاجأني الخبر حين حين سمعت به، لا ادري لماذا انسكب امامي شريط من الذكريات يعود الى خمسة عشر عاما حين بدأت علاقتي بدار علاء الدين متابعة لاصداراتهم، سيدة روسية تدير النشر وتشرف عليه مع زوجها الدكتور ماجد علاء الدين ظننت اول الامر انها ستمل العمل لان سوق الكتاب لم ولن يكون مشجعا، وفي احسن الاحوال توقعت انها خلال عام ونيف ستترك الدار، ولن تكون قادرة على المتابعة لما في الامر من متاعب اولها العزوف عن القراءة، وضعف الاقبال على شراء الكتاب. لم يكن ظني بمكانه ابدا لانها (زويا) استطاعت ان تلون اصدارات الدار وان تأخذها باتجاهات جماهيرية مع الحفاظ على النوعية الهامة التي عرفت بها، فثمة كتب علمية مبسطة، واخرى طبية وشعبية، لكنها لم تغادر الاسلوب العلمي البسيط تركت بصمة حقيقية من خلال ما اشرفت عليه او ما انجزته، لم تعرف اليأس يوما ابدا، ذات يوم تناقشنا كثيرا حول واقع القراءة فاذا بها تفاجأني بقولها: نحن السوريين اصحاب الحرف الاول، والنوتة الموسيقية الاولى، كيف نتحدث عن الكتاب هكذا ؟ لماذا، الخلل فينا في اساليب الجذب الى القراءة، الخلل في اساليبنا التربوية، وفاضت بالحديث لتخلص الى القول: انا سورية نعم، من روسيا نعم، لكنني هنا اعمل وانجز وسورية قلب العالم، ويجب ان يبقى القلب سليما معافى. لم يكن دربها مفروشا بالورد، ولا الفل اعني في سوق الكتاب والنشر، فكم تعرضت لخيبات ونكسات، اثرت ماديا، لكنها لم تفقدها العزيمة والاصرار على متابعة رسالة دار علاء الدين، فاستقطبت خيرة الاكاديميين للتأليف والترجمة، وأصدرت مئات العناوين التي لم نكن نألف صدورها لكنها لاقت صدى طيبا، فمن العلمي الى الشعبي الى عيون الادب والفلسفة، والميثولوجيا وحفريات التاريخ، وغير ذلك كثير. زويا، المرأة السورية المعطاء ترجلت فسقط من تاريخ صناعة الكتاب السوري الكثير الكثير, خمسون،ستون، سبعون كتابا، مئة كل عام كان عدد اصدارات الدار، في اخر زيارتها لصحيفتنا استمرت الجلسة ساعات مع الزملاء نقاشا وحديثا، اصرت على ان تصل رسالتها الى الجميع: القراءة، المعرفة، الكتاب طريق الخلاص، قالت: لدي في المطبعة عشرات الكتب، وخطتتنا ان نصدر خمسين عنوانا هذا العام، زويا الحرف والكلمة، والرسالة رحلت بعد ان خانها القلب، خانتها الشرايين، لكنها لم تخن الحبر ابدا تعطرت به، وتألق بها، وازدهى الكتاب مع حبر ومن عبق عطر، وما بين روسيا وسورية كما قالت ثمة جدلية لا تموت مهما كانت الاسباب هي جدلية دروب النور، هي المعادلة ذاتها بين الحرف والعطر وسرير من حبر، ومن الق، عملت فاحسنت العمل، وكم سيكون جميلا ان تكرم زويا ولو بعد الرحيل، كيف وممن لاادري لكن، لابد ان سرير المعرفة التي نشرته صار اسرة، وثمة من يرى ويعرف، ولايحتاج الامر الى كثير تفكير، ولن تعدم الوسائل، وعزاؤنا ان تستمر رحلة العطاء ونور الكتاب، وثمة من يتابع. |
|