تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمة العشرين والنتائج المخيبة!!

دراسات
الأحد 4-7-2010م
ترجمة: محمود لحام

جاء انعقاد قمة مجموعة العشرين ( الدول الغنية وعدد من الدول الصاعدة) على هامش قمة مجموعة الثماني ( الدول الغنية) في مدينة تورنتو الكندية ليدل على الخطر الكبير الذي يتهدد دول العالم كافة الصناعية منها والنامية على حد سواء في ظل الأزمة المالية العالمية.

قمة الأغنياء التي أرادت أن تضع خططاً تشكل حلولا لمشكلات العالم الاقتصادية والسياسية وعلى رأسها مشكلة الفقر ( حسب زعم الدول الغنية) وجدت نفسها مشغولة بل وغارقة بإيجاد حلول لمشكلاتها الاقتصادية الوطنية الناتجة عن الأزمة العالمية.‏

لقد جاءت قرارات قمة الثماني ضعيفة لاترقى لمستوى الحدث ولا لمستوى التعهدات السابقة التي قطعتها الدول الغنية على نفسها عندما أعلنت هدفا للألفية ألا وهو القضاء على الفقر الذي يتهدد أكثر من مليار انسان.‏

وانتقلت سخونة النقاشات من أروقة القمة الأولى إلى أروقة القمة الثانية التي افتتحت في 25 حزيران ودخلت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا القمة بمجموعة أفكار تم إعدادها قبل عدة أشهر أبرزها فرض ضرائب على البنوك والمصارف وكذلك تقليص الإنفاق العام.‏

لقد أثار قادة هذه الدول هذه الافكار في جدول أعمال مجموعة العشرين بهدف الاتفاق على نسبة محددة يتم فرضها على ميزانيات المؤسسات المالية لإجبارها على الإسهام بشكل أو بآخر في ايجاد حلول لمشكلاتها الناجمة عن آلية التعاملات فيها بدلاً من اللجوء للحكومة لاستجداء المساعدة كما حدث في الآونة الأخيرة.. وعندما تأخرت المساعدة أعلنت الكثير من البنوك إفلاسها.‏

لم تكن كل الدول في المجموعة متفقة على هذه الخطة، فقد اجتمع وزراء مالية دول مجموعة العشرين في مطلع حزيران للتوصل إلى صفة اتفاق لكنهم فشلوا في الوصول إلى قيمة لهذه الرسوم، فالولايات المتحدة تحفظت على المشروع بينما كندا واستراليا اللتان لم تتأثرا كثيراً بالأزمة المالية العالمية وعارضتا ذلك بشدة، أما الدول الصاعدة اقتصاديا كالهند والبرازيل فقد رأت في هذه الرسوم المكابح التي ستلجم تطورها ونموها المتسارع.‏

إذاً فالخلاف موجود وله طرفان أساسيان الأول الولايات المتحدة التي تحذر من انتكاسة جديدة إذا ما لجمت سياسات الإنفاق بشكل سريع غير مدروس والثاني أوروبا وخاصة المانيا وفرنسا وبريطانيا، والأوروبيون يحذرون من تنامي العجز ولذلك يريدون تبني خطط تقشف صارمة وهذا ما دفع عدداً من المراقبين الى توقع إهمال وإسقاط المشروع من أولويات القمة بل والعمل على تحميل القطاع المصرفي والمالي عبء أزماته ومشكلاته المستقبلية.‏

لقد كان هم قادة مجموعة العشرين ايجاد اصلاحات سريعة واخرى تدريجية يتم تطبيقها تدريجيا منذ الآن وحتى 2012 تهدف إلى إجبار البنوك على زيادة كتلة رأسمالها الخاص لتجنيبها الاستجداء والسعي لدى الحكومات لايجاد حلول اسعافية في حال وقوع أزمات مستقبلية، وكذلك سعى المجتمعون في تورنتو إلى اقرار خطة انقاذ للبنوك الكبرى دون اللجوء للمال العام.‏

ومن المعلوم أن الركود الاقتصادي العالمي كان حاضراً أيضاً على جدول أعمال قمة العشرين حيث تم التطرق للعجز الذي تعانيه ميزانيات عدد من الدول وأسباب ضعف النمو والآلية لتقليص عجز الميزانيات.‏

لكن ومرة جديدة برزت الخلافات العميقة.. فالولايات المتحدة ترى أنه يجب رفع الإنفاق العام حتى لو تم ذلك على حساب عجز الموازنة بينما الدول الأوروبية فإنها ترى أنه من الواجب ضغط الإنفاق العام وتقليص دور الدولة.‏

إنها معركة اقتصادية وصراع بين سياستين اقتصاديتين، الأولى تؤيد تحريض الطلب وتنشيط الاقتصاد عبر دعم الدولة الدائم (تمثلها واشنطن) والثانية تؤيد اتباع سياسات تقشف لتقليص العجوزات ( تمثلها باريس ولندن وبرلين).‏

ومن المفارقات أن واشنطن وجدت نفسها تقف إلى جانب الدول النامية الأعضاء في مجموعة العشرين لاحباً بهذه الدول، ففي السياسة والاقتصاد لامكان للعواطف والحب وإنما بسبب توافق التوجهات العامة لكليهما.‏

إن طريقة تعاطي قادة مجموعة العشرين مع مشكلات القمة كان ضعيفاً.. لا يتناسب مع المخاطر المحدقة وإلا ما تفسير الاضطرابات والمظاهرات التي قامت في اكثر من مدينة كندية وخاصة في محيط انعقاد القمة!!؟‏

كل ذلك انما هو دليل على خيبة أمل الشعوب من أسلوب تعامل القادة المشاركين مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد استقرار تلك الشعوب وتجاهل أولئك القادة لمشكلة الجوع دون تقديم أي مساعدات مالية لمئات الآلاف من الجياع في العالم.‏

عن:Lemonde diplomatiqne‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية