|
دراسات أحداث وأرقام... أضواء كاشفة يسلّطها السيد العماد علي محمد حبيب محمود نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة ــ وزير الدفاع، على صور مشرقة زاخرة بمعاني البطولة والشجاعة، وقيم الصمود والدفاع المشرف عن مقومات الهوية والانتماء فـي كتابه الذي صدر مؤخراً عن مطابع الإدارة السياسية بعنوان: معركة السلطان يعقوب، ويضم فـي دفتيه مئة وسبعاً وثمانين صفحة من القطع المتوسط، تشتمل على مقدمة وخاتمة وأربعة فصول وملاحق خاصة بمعركة السلطان يعقوب، حيث يتناول المؤلف بلغة واضحة المدلول الحديث عن ملحمة خالدة سطّرها رجال تشكيل مقاتل من تشكيلات قواتنا المسلحة الباسلة فـي تصديها البطولي للغزو الصهيوني الغاشم إلى لبنان الشقيق عام /1982م/. «معركة السلطان يعقوب» كتاب يتحدث بوضوح وشفافـية عن صمود مقاتلي التشكيل الذي كُلف بمهمة التصدي للقوات الغازية فـي منطقة السلطان يعقوب، ومنعها من تحقيق أهدافها العدوانية الشريرة... مقاتلون رسموا خطاً أحمر عنوانه وضع حد للعربدة الصهيونية، وتمريغ أنوف جنرالات الصهاينة بالطين، وتلقين جنود الاحتلال درساً أكثر من مؤلم... لطالما تم الترويج عبر الإمبراطورية الإعلامية الصهيونية المنتشرة فـي شتى أرجاء المعمورة للجندي الإسرائيلي وتصويره على أنه لا يترك سلاحه، وأنه «سوبر مان»، وأنه.... وأنه... هذا «السوبرمان» فـي معركة السلطان يعقوب ظهر على حقيقته جباناً مرعوباً مضطرباً يلوذ بالفرار عند أي مواجهة ميدانية، ويترك فـي ميدان المعركة ليس فقط سلاحه الفردي بل وحتى الثقيل منه، بما فـي ذلك الدبابات التي تمثل فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية، فسرعان ما فرَّ جنود الاحتلال عندما واجهوا مقاتلين أشداء مدربين تدريباً جيداً، وواثقين بقدرتهم على النصر، ومصممين على بلوغه... نعم لقد فرَّ الجنود الصهاينة فـي معركة السلطان يعقوب مُخلّفـين دباباتهم جاهزةً للعمل، وقد تم إحضار ثماني دبابات إسرائيلية إلى سورية وهي اليوم موزعة فـي ساحات التدريب لدى بعض التشكيلات، وقسم منها معروض فـي المتاحف كشاهدٍ حيٍّ على بطولات رجال قواتنا المسلحة، وعلى تردد جنود الاحتلال وهلعهم وفرارهم من أرض المعركة بعد أن تم تحييد تأثير الطيران المعادي الذي أصبح عديم القدرة على الفاعلية بعد التحام مقاتلينا الأبطال بشكل مباشر مع جنود الاحتلال، فظهرت البطولة على حقيقتها، وبأن الإيمان بالقضية فـي أروع تجلياته، وفـي الوقت ذاته ظهر الجندي الإسرائيلي جباناً يصرخ ويولول ويولي الأدبار. ما يميز كتاب «معركة السلطان يعقوب» أنه مزيج من المعارف والمعلومات المفـيدة والضرورية، حيث يلتقي الفن العسكري بعلم السياسة والاجتماع والإعلام وعلم النفس والاستراتيجيا والعلاقات الدولية ليقدم للقارئ صورة شمولية ليس فقط عن هذه المعركة الملحمية بل عن الواقع السياسي الذي كان سائداً فـي ثمانينات القرن الماضي، كما يتناول الكتاب بالدراسة والبحث العلاقات الدولية وتداعياتها فـي هذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم، وبقدرةٍ مهنيةٍ فائقة استطاع مؤلف الكتاب أن يمسك بيد القارئ ويأخذه برفقٍ وشغفٍ إلى أماكن متعددة لتدقيق النظر بقضيةٍ محددةٍ فـيخرج القارئ بنتيجة مفادها أن التشكيل الذي تصدى لجنود الاحتلال فـي السلطان يعقوب استطاع أن يحقق هدفاً استراتيجياً فـي معركة تكتيكية، إذ منع تقسيم لبنان وسلخه عن محيطة العربي، وتحويله إلى دويلاتٍ طائفـيةٍ صغيرة، وتحقيق مثل هذا الهدف الاستراتيجي يتربع قمة هرم أهداف أي معركة عسكرياً وسياسياً بآن معاً. باختصار شديد يمكن القول: إن كتاب «معركة السلطان يعقوب» يشكل رافداً للمكتبة العسكرية بمرجعٍ دراسيٍّ مهم يزيدها غنى وإثراءً، ولا يمكن لأي دارس فـي مثل هذه العجالة أن يعطي صورةً واضحة عن ما تضمنه هذا الكتاب الذي يُعَدُّ بحق مرجعاً ثقافـياً سياسياً ضرورياً لكل مهتمٍ بتطور الأحداث فـي هذه المنطقة الحيوية من العالم. |
|