تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تقريـر صندوق النقد الـدولي... نظرة تشاؤمية

شؤون سياسية
الأثنين 11-5-2009م
توفيق المديني 

في التقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي حول الاستقرار المالي في العالم في نهاية شهر نيسان الماضي،

رفع الراية الحمراء، مؤكداً على أن الأزمة المالية العالمية ستكلف أكثر من 4054 مليار دولار (3140 مليار يورو) للنظام الدولي، تشمل خسائر الأصول المنبثقة من الولايات المتحدة بقيمة 2712 مليار دولار، وقدر الخسائر في منطقة اليورو وبنحو 1193 مليار دولار، وخسائر اليابان بنحو 149 مليار دولار، رافعاً بذلك تقديراته السابقة للخسائر.‏‏

هذا البيان الجديد ليس متوافقاً مع بيان 8 نيسان 2008، الذي قدر الخسائر الناجمة عن أزمة الرهن العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 945 مليار دولار، حتى في هذا المحيط الضيق، كان صندوق النقد الدولي يقوم بمراجعة منتظمة للخسائر المقدرة التي هي في تصاعد، إذ انتقلت هذه الخسائر من 1400 مليار دولار في تشرين الثاني 2008، إلى 2300 مليار دولار في شهر كانون الثاني 2009، وصولاً إلى 2712 مليار دولار اليوم. ولم يورد تقديرات الأصول الأوروبية واليابانية.‏‏

وحسب صندوق النقد الدولي، فإن البنوك ستتحمل ثلثي هذه الخسائر، وحول هذه الأخيرة يترتب على البنوك أن تقبل أيضاً الاعتراف بالثلثين، ومن أجل إعطاء مقياس للجهود المالية الضرورية لإعادة رسملة هذه البنوك، والإشارة إلى «خطورة المشكل» بللور صندوق النقد الدولي سيناريوهين لإصلاح الأمور.‏‏

السيناريو الأول، وينص على إعادة نسبة معينة من الصناديق الخاصة على الأصول ما قبل الأزمة، أي نسبة 4 ٪ تضعها بعض المؤسسات الائتمائية. للفصول المختلفة لميزانيتها والتي لايجب تجاوزها لضمان الإدارة السليمة للأمول المستثمرة، ويقتضي هذا السيناريو أيضاً ضخ 275 مليار دولار من رؤوس الأموال في البنوك الأمريكية، و375مليار دولار في بنوك منطقة اليورو، و125 مليار دولار في البنوك البريطانية و100 مليار دولار في بنوك باقي أوروبا.‏‏

السيناريو الثاني، وهو أكبر طموحاً إذ يقتضي إعادة النسبة إلى مستوى عقد التسعينيات، أي 6٪، وسوف تكون رؤوس الأموال المطلوبة 500 مليار دولار للولايات المتحدة، و725 مليار دولار لمنطقة اليورو، و250 مليار دولار لبريطانيا، و225 مليار دولار لباقي البلدان الأوروبية.‏‏

لاشك أن نشر هذه الأرقام من قبل صندوق النقد الدولي يؤكد على مسألة محددة، وهي عدم رضاه على عملية التطهير التي تقوم بها البنوك، فعقب قمة مجموعة العشرين التي عقدت في لندن في 3 نيسان الماضي، اتفق رؤساء الدول والحكومات على ضرورة القيام بهذا التطهير، الذي من دونه لايمكن تحقيق الانتعاش الاقتصادي.‏‏

وكانت مجموعة العشرين تعهدت بتقديم مايزيد على ألف مليار دولار من الأموال الإضافية إلى المنظمات المالية المتعددة، على أن يخصص القسم الأكبر منها لصندوق النقد الدولي، ولكن بمجرد أن عاد الحكام إلى بلدانهم، أصبح التباطؤ هو سيد الموقف، لأنهم لايريدون وضع حلول تستثير غضب الرأي العام والبرلمانات في بلدانهم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لاتزال إدارة الرئيس أوباما تصطدم بالكونغرس، الذي يعارض مساعدة البنوك المذنبة، في الوقت الذي يتطلب الأمر مساعدتها للإقلاع من جديد، وهذه الإدارة متهمة أنها تريد تأميم البنوك، عندما وضعت وزارة الخزانة الأمريكية خطة الاستثمار المشتركة بين القطاعين العام والخاص لتخليص المؤسسسات المالية من أصولها «المسمومة» أو الهالكة.‏‏

 كاتب تونسي‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية