تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إعلامنا كيف ننهض به؟!

آراء
الأثنين 11-5-2009م
محمود شيخ عيسى

لو قمنا بتوزيع عدد من الاستبيانات على الجمهور المهتم بالإعلام السوري، وأدرجنا أسئلة تتعلق بأسباب عدم ارتقاء الإعلام إلى الذروة التي نتمنى أن نراه متربعاً فوقها،

لحصلنا على أجوبة تتشابه فيما بينها إلى حد كبير، حتى ليخيل إلينا أن الذين سارعوا بالإجابة عقدوا اجتماعاً فيما بينهم واتفقوا بعده على تقديم إجابات لا تخرج عن الإطار الذي حددوه مسبقاً.‏

ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن الإجابات تتقاطع عند نقطة واحدة تكاد تجد نفسها أسيرة تدور في فلكها الذي يبقى ضيقاً مهما حاول إقناعنا أنه على ذلك القدر من السعة والامتداد، وهذه النقطة هي الاكتفاء بتشخيص الداء دون الانتقال إلى المرحلة الأهم في العلاج ألا وهي مرحلة وصف الدواء المناسب لهذا الداء، بحيث يصبح ذكرى من الماضي، ولا تسول له نفسه العودة إلينا لتكدير صفو حياتنا من جديد.‏

دارت هذه الفكرة في رأسي بينما كنت أستمع إلى حوار دار بين عدد من المختصين حول شؤون وشجون الإعلام، وأشهد أن حوارهم كان متسماً بتلك الدرجة الرفيعة من الشعور العالي بالمسؤولية الملقاة على كواهلهم في ضرورة النهوض بإعلامنا، ونفخ روح متجددة فيه تجعله قادراً على فرض حضوره عربياً بل وعالمياً، وبدا لي أن المتحاورين كانوا يضعون أيديهم على موطن الخلل، ويتلمسون إيجاد الطرق المناسبة لتلافيه، وفي الأحوال كلها كان الحوار يستحق التسجيل في الذاكرة قبل الورق لأنه يقوم كدليل عمل يستهدي به كل محب لإعلام بلده، حريص على رؤيته متفوقاً في الميادين التي ظهر له فيها عدد كبير من المنافسين.‏

فما أجمل أن ينصرف الصحفي في مؤسساتنا الإعلامية إلى اقتناء أدوات الغوص التي تجعله قادراً على اقتحام اللجج العميقة بحثاً عن الخبر بدلاً من انتظار هبوط الخبر عليه، وبالركض وراءه وقطع المسافات بدلاً من الجلوس في البرج العاجي والاكتفاء بتوجيه بطاقة دعوة للخبر يدعوه فيها للتشرف بمقابلة الصحفي وغالباً ما تلقى هذه الدعوة كل إهمال من جانب الخبر.‏

وما أجمل أن يكون السعي لبناء مجد المؤسسة التي يعمل فيها الإعلامي هو الهدف الذي يسعى لبلوغه بعيداً عن بناء المجد الشخصي، فالذوبان في روح المؤسسة والالتزام برسالتها عنصران مهمان من عناصر نجاح الإعلامي في عمله.‏

وقد بقيت في أعماق الوجدان كلمات لباحث ذي باع طويل في الدراسات الفكرية، أراها تختصر المسافات الطويلة، وقد حفظت هذه الكلمات عن ظهر قلب عندما قال: إن الإعلام ينهض بثلاثة عناصر لا بد من اجتماعها في سياق منظومة واحدة، هذه العناصر هي: الكادر والخطاب الإعلامي والتقانة.‏

ولنتأمل هذه التعابير ففيها الدواء المناسب لمعالجة المرض واستئصاله من جذوره، والقيام بعملية جراحية ناجحة له إذا تبين أنه محتاج فعلاً إلى مداخلة جراحية.‏

فالكادر المؤهل الذي يحرص على الاستفادة من العصر الذي نعيش في عصر المعلومة المتاحة على مدار اليوم والليلة، الكادر الذي يحرص على تثقيف نفسه والتطلع لمعرفة كل جديد في عصر الانفجار المعرفي هو كادر قادر على النهوض بالإعلام ما في ذلك شك.‏

وخطابنا الإعلامي يجب أن يكون بعيداً عن التشنج والانفعال والتهييج والشعارات، يجب أن يكون خطاباً يعيش هموم الناس ويتفاعل مع قضاياهم.‏

أما التقانة فأصبحت حديث الساعة، وعلينا الأخذ بها إذا أردنا مجاراة العصر إعلامياً.‏

على أن الباحث الكريم شدد على أن هذه العناصر تبقى جسداً بلا حراك، يحتاج روحاً تسري في خلاياه، هذه الروح هي المحبة التي يجب أن تسود بين أعضاء الأسرة الواحدة.‏

ليتنا نعمل بهذه الكلمات، فكلنا حريصون على رؤية إعلامنا وقد اخترق الحواجز في حركة نهوض تغطي الزمان والمكان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية