تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قبعــــة البخـــــل ونظريــــــة كـــــــــرم الثقافـــــــــة..

ثقافة
الاثنين 22-9-2014
 مصطفى علوش

بعد التدقيق والملاحقة المعرفية وبحث في أصول الحياة وطبيعة المجتمعات وانتظار من الصباح حتى آخر الليل للتمكن من العثور على ضوء وزاري للكتابة، تمكنت من اختراع نظرية جديدة جداً لحل الأزمة الشاملة في مجتمعاتنا العربية،

ومنها بالطبع الأزمة السورية المستعصية استعصاء عيش الفقير بشرف ونزاهة اعتماداً على راتبه ودعوات أمه وزوجته عليه وإليه. وخلاصة هذه النظرية هو (الكرم)، وأول بند تنفيذي فيها هو الابتعاد عن البخل والبخلاء ومعاقبتهم والحجز على ممتلكاتهم إذا كانوا أغنياء، وإبعادهم عن الناس إذا كانوا ميسوري الحال.‏

وهناك من يعتقد أنني أمزح، لا سمح الله، وأنا هنا بدوري سأنفي التهمة عني وأدافع عن نظريتي الجديدة وأبدأ فوراً قبل أن ينقطع حيلي ونخوتي مع انقطاع الكهرباء كل ساعتين أربع ساعات.‏

وأولى أفكار النظرية هو أن تدفع الدول الغنية من أموالها للدول الفقيرة، أي النامية، ويتلخص هذا الكرم بعدم نهبه من قبل حكومات الدول الفقيرة، أي أن تكون الأموال المدفوعة أعمالاً حقيقية على الأرض، فالدول الفقيرة تحتاج إلى مدارس وجامعات وطرقات وشوارع وحليب أطفال ومشاف ومستوصفات، ومناهج مدرسية حديثة وألعاب أطفال، ووسائل لمنع الحمل للحدّ من الزيادة السكانية الانفجارية، وهناك من سيظهر فورا في وجهنا مثل ضريبة غير مدفوعة ويقول: ما الجديد في تنظيرك هذا؟ وأرد عليه قائلاً بأن الجديد في كلامي أنه يقال الآن، والجديد هو أن تقدم الدول الغنية على هذا الكرم دون أن تشرطه بأي هدف سياسي أو ديني أو ثقافي، يعني أن لا تطلب منا مثلاً مقابل أموالها تلك أن نفتح لها أماكن عبادات دينية، أو أن ندرج في مناهجنا كتاباً لتعلم اللغة الخاصة بتلك الدولة، أي أن يبقى ذلك الكرم إنسانياً محضاً.‏

أما الخطوة الثانية في نظرية الكرم، هي أن نضع أقسى العقوبات تجاه كل غني أو تاجر أو جامع أموال أو مهرب أو مرتشي أو ناهب أموال عامة لا يقوم بدفع نص ثروته للخزينة من اللحظة التي تتبنى الدولة نظريتي هذه، وهذا المبلغ سيكون كعقوبة نهائية تجاه الثروات المشبوهة التي جمعها أصحابها في غفلة من القانون النائم، وبعد أن يدفع هؤلاء نصف ثرواتهم للخزينة العامة نجبرهم على توظيف ثرواتهم الباقية في مجال التنمية الفعلية، بحيث نغلق أبواب اقتصاد الظل ومشتقاته.‏

أما البند الثالث في نظريتي فيتلخص في معاقبة الكتّاب والإعلاميين الذين يكتبون مواداً من أجل مكافأة المادة فقط، وذلك بالاعتماد على زائر حديث تقني مهمته رصد ومعرفة عدد القراء وتعليقاتهم، وتنصّ العقوبة على مصادرة سيارة أي كاتب حتى ولو كانت من سابا، وتغريمه بثمن طباعة العدد الذي نشرت فيه مادته السيئة حتى ولو حملت عناوين فضفاضة، شريطة أن تذهب أموال هذا البند لبناء كلية جامعية تعنى بتنمية الذوق الإعلامي والثقافي.‏

أما البند الأخير في نظرية الكرم فتتلخص بنشر كل قصص البخل المحلي لتكون بمثابة درس في الكرم وموعظة لتعلم الكرم والابتعاد عن البخل السيء الذكر، وقصص البخل ليست قليلة ويمكن لنا الاستفادة من تراث البخل العالمي ومنه مثلاً: «نصحت إحدى الغابروفيات (في بلغاريا) زوجها قائلة: إياك أن تصرّح أمام أحد أن شهيتك للطعام جيدة وإلا فإنّ أحداً لن يدعونا إلى تناول الطعام في بيته».‏

أما آخر بند في نظريتي فينصّ على قراءتها كحالة متكاملة أي من خلال اجتماع كامل بنودها معا،ً وبذلك نضمن عدم التصيد في الماء العكر. ودمتم كرماء يا أغنياء العالم، ما رأيكم دام بخلكم علينا؟.‏

M3alouche@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية