تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستهدافات الخبيثة للقرار الإسرائيلي بـ «تخفيف الحصار» عن غزة..!

شؤون سياسية
الأثنين 28-6-2010م
بقلم: محمد خير الجمالي

ما أن اتخذت الحكومة الإسرائيلية المصغرة قراراً بما سمته تخفيف الحصار عن غزة, حتى سارع رئيسها الإرهابي بنيامين نتنياهو إلى التعقيب عليه بالقول ((إنه يوفر الشرعية الدولية لمواصلة الحصار)).

ومع أن نتنياهو حاول بهذا القول الايحاء خلافالأحكام القانون الدولي نصاً وروحاً بأن فرض الحصار هو إجراء شرعي بالأصل وأن إجراءات تخفيفه توفر الشرعية الدولية لمواصلته في تفسير غريب من نوعه للشرعية يراد به تفصيلها على مقاس سياسة العدوان الإسرائيلية, إلا أنه أراد به أيضاً رسالة تقول بأن إسرائيل لن تفك الحصار وهي ماضية في فرضه بذريعة أنه شرعي وقانوني وبذريعة أن رفعه يشكل تهديداً أمنياً لها ((ويحول غزة إلى ميناء إيراني لإطلاق الصواريخ على إسرائيل)) على حد زعمه, وأن العالم بدلاً من أن يطالبها بإنهائه, عليه أن يؤيد استمراره.‏

واللافت في توضيح نتنياهو لقرار حكومته هو أنه يؤكد كل الشكوك الدولية حول افتقاره لأدنى جدية أو مصداقية, ما يكشف عن أنه مجرد مناورة للخداع والتضليل تنطوي على جملة استهدافات خبيثة تتصل مباشرة بالتداعيات الخطيرة لجريمتها الآثمة ضد أسطول الحرية وما أثارته من غضب عالمي كان من أبلغ دلالاته التشكي دلالاته تنطوي على جملة استهدافات .‏

في مقدمة استهدافات القرار الإسرائيلي تبرز محاولة إسرائيل الالتفاف على الطلب الدولي بفك الحصار كلياً من خلال الادعاء بأن الحصار شرعي وإسرائيل تتصرف في فرضه وفقاً للشرعية الدولية, وأنه إذا كان للمجتمع الدولي ملاحظات حول تطبيقه ومنعكساته على وضع السكان فهي لا تمانع في إعادة النظر في بعض الإجراءات شريطة ألا يعني ذلك إلغاءه وإدخال ما تسميه بالمواد التي تسهم في تهديد أمنها, ما يقود في المحصلة إلى كسر الإجماع الدولي على عدم شرعية الحصار بدلاً من كسر الحصار, وبالتالي تصوير إسرائيل على أنها لا تخالف القانون الدولي, وأن كل ما قيل عن أن الحصار مخالف للقانون الدولي الإنساني ليس صحيحاً, ليصير الصحيح وفق هذه الخدعة الإسرائيلية المكشوفة هو ما تقوله وتتصوره إسرائيل وسياستها, وليس ما يجمع عليه العالم وفقهاء القانون الدولي والجهات الدولية المعنية بتفسيره وتطبيقه وتحديد من ينتهكه وطبيعة انتهاكاته.‏

والاستهداف الثاني للقرار وهو على صلة مباشرة بالاستهداف الأول, يكمن في إجهاض فكرة التحقيق الدولي مع إسرائيل على جريمتي فرض الحصار والعدوان على أسطول الحرية.‏

فشرعنة الحصار بدعوى أنه ((قانوني ويتم لدواع أمنية صرفة)) وبذريعة أن تحقيقه يشرعن مواصلته, مسألة تسعى إليها إسرائيل لإسقاط الطابع الجرمي للحصار من زاوية أنه عقاب جماعي يجرم القانون الدولي من يمارسه, وتالياً إسقاط مبرر التحقيق الدولي معها على هذه الجريمة الموصفة بالقانون الدولي على أنها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة دولية لأنها وقعت في المياه الدولية وصدرت عن قوة احتلال, ومنطلق إسرائيل هنا أن النجاح في شرعنة الحصار يستدعي امتناع العالم عن وصفه بالجريمة الدولية ووقف أي ملاحقة قانونية لإسرائيل عليه كتحصيل حاصل بحجة أن سبب الملاحقة وهو هنا اتهام إسرائيل بجريمة الحصار يكون حسب زعمها قد سقط أمام حجة المشروعية رغم كذبها الذي تفضحه المعاناة الإنسانية المستمرة لسكان غزة على مدار أربع سنوات.‏

أما بخصوص التحقيق الدولي في جريمة أسطول الحرية, فمحاولة إسقاطه تتجلى في استخدام ((شرعنة)) الحصار فيما لو تمت -وهي لن تتم إطلاقاً- حجة تقام على اتهام إسرائيلي بأن أسطول الحرية شكل انتهاكاً لحصار ((مشروع)) حاولت إسرائيل منعه, وبالتالي لا حق لأحد بالمطالبة بتحقيق دولي حول الحادثة, وإذا كان ثمة ملابسات للأمر فالتحقيق الإسرائيلي الذي انتهى إلى تبرئة الجيش الإسرائيلي من دماء المتضامنين واتهامهم بأنهم هاجموا القوة الإسرائيلية يكفي, وهو الأمر الذي أفصح عنه باراك بكل صفاقة واستفزاز في قوله مواجهة لبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة((إن اقتراح كي مون بإجراء تحقيق دولي خاص مع إسرائيل يجب أن يوضع على الرف)) وكذلك في قوله ((إن إسرائيل ترفض التحقيق الدولي بحادثة أسطول الحرية)).‏

أما الاستهداف الثالث فهو توظيف قرارتخفيف الحصار في إطار محاولة فك العزلة الدولية الناشئة عن جريمتي الحصار والعدوان على أسطول الحرية, إذ ستحاول إسرائيل بهذا الإجراء اختراق هذه العزلة وفكها عبر خداع العالم بأن ما قامت به من تخفيف للحصار هو عمل إنساني يستدعي من دوله وشعوبه تأييده والاشادة به, خصوصاً أن أميركا وبعض دول أوروبا جاهزة بحكم انحيازها المطلق لإسرائيل, للتطبيل والتزمير لهذا الإجراء رغم شكليته وخداعه, وجاهزة أكثر للضغط على كثير من الدول لتقول فيه كما قالت هي بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح, وإن كان أحد لا يعرف كيف يكون إجراء كهذا قال نتنياهو عنه بعظمة لسانه إنه اتخذ لتبرير مواصلة الحصار لا أكثر ولا أقل, حتى إذا ما تحققت الاشادة به تخلخلت العزلة وتمكنت إسرائيل من اختراقها وهذا بالتحديد ما عناه ايهود باراك عندما دعا نتنياهو قبل ايام قليلة إلى إطلاق مبادرة لفك العزلة الدولية عن إسرائيل.‏

هل تنجح إسرائيل في تحقيق هذه الأهداف فتفلت من العقاب الدولي وتذهب دماء ضحايا أسطول الحرية هدراً ولا تحاسب على ما ألحقته بحصارها من معاناة قتلت الكثير من أطفال غزة ونسائها وشيوخها فضلاً عمن قتلتهم بجرائم الابادة التي مارستها أثناء حربها الوحشية على غزة..؟‏

لئلا تتمكن إسرائيل من خداع العالم, يتعين على قواه الحرة وعي أبعاد هذه المناورة الخبيثة والتصدي لها بالتمسك بمطلب فك الحصار بالكامل وتشكيل لجنة دولية للتحقيق معها وإحالة المسؤولين فيها عن جريمتي الحصار وأسطول الحرية إلى المحكمة الجنائية الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية