|
البقعة الساخنة لا معنى لها سوى أنّ المساحات التي تتقلص، والانكسارات التي تقع، والخطط التي تتمزق، باتت تضغط على المُشّغل الدولي أميركا التي راحت تستشعر الخطر وتحت وطأته تتخبط بتحريك مُعتمديها كمُشغلين إقليميين لاستخدام كل الأوراق التفجيرية المُمكنة لتعطيل قوة الخصم وإشغاله. احترقت ورقة الانفصال بالعراق، وأُجهض مشروع التقسيم والتفتيت الذي كان سيُؤسس لخطوات لاحقة في دول الجوار، أولها في إيران وسورية، وتبيّن للأميركي والسعودي، وللإسرائيلي ضمناً، أن شيئاً من كل ما يقوم به معسكر العدوان لم يُوقف هزيمة الدواعش ومشتقاتهم، فكان لا بد من لعب ورقة جديدة تخض المنطقة وتزرع الفوضى في لبنان المقاوم. عزل خطوة الحريري عن خطوة البرزاني غير منطقية بل ومُستحيلة. فمما بات يرقى لمستوى اليقين هو أن للخطوتين سياق واحد لا يخفى، وهدف أوحد لن يتحقق، بل يُمكننا الادعاء بأن الحماقة الأميركية الإسرائيلية السعودية المُتجلية بالسياسات المُتهورة الحاصلة ربما تنجح بتوتير المنطقة والعالم، وربما تنجح بإطالة أمد الحرب والصراع، لكنها قولاً واحداً ستقود لهزيمة مُزلزلة قد لا تتوقف بتكسير أذرع العبث الأميركي. دَعكُم من كل الهُراء الذي قيل وسيُقال لاحقاً بدوافع البرزاني والحريري، فليس هناك من دوافع سوى قوة الدفع الأميركية الإسرائيلية السعودية، وليس هناك من غاية يجري التصويب عليها سوى استهداف محور المقاومة الذي كما نجح بدحر الإرهاب الوهابي، وبإسقاط المخطط الصهيو أميركي، سينجح بتخطي مخططات التفجير والاستهداف القائمة والمُبيتة، وكما أحرق ورقة البرزاني سيجعل من ورقة الحريري رماداً. لن تمرّ مُخططات التفجير الأميركية، وربما تشتعل غيظاً إدارة ترامب، نتنياهو، ومحمد بن سلمان في الأسابيع القليلة المُقبلة عندما تكتشف أن الدخان المُنبعث من احتراق ورقة الحريري لم يُعم سوى أصحابها، وعندما تجد أن نار الفتنة التي تُؤججها سيرتد لهيبها على كل من حاول النفخ فيها، ذلك أنه بات من الثابت أن الاستفراد بلبنان لم يعد خياراً مُتاحاً لا لأميركا ولا لسواها من مُكونات معسكر أدواتها في الغرب والمنطقة. الحريري بعد البرزاني بيدقٌ أميركي إسرائيلي سعودي يتحرك بأمر عمليات خارجي لا علاقة لحركتهما بأي عنوان من العناوين التي تُساق لتجميل ما قاما به، ولتحميل خطوتيهما ما لا تحتملانه، وربما باحتراق ورقتي التفجير التي دُفعَ بهما ليلعبانها يَصيرُ من الواجب على أميركا وإسرائيل والسعودية تَفَقُّدَ ما بقي بالجعبة من أوراق، وهل ما زالت صالحة أم باتت بلا معنى وقد انتهت صلاحية استخدامها؟.. |
|